مراعاة للمبادىء الشرعية والنظامية والتي توجب ثبوت الإدانة بالوصف الجرمي للفعل الموجب للعقوبة قبل إيقاع العقوبة الجزائية والمتضمن النص على ثبوت إدانة المتهم وعلى الوصف الجرمي للفعل الموجب للعقوبة ولا يكون توجيه التهمة أو الشبهة من الأوصاف التي يدان بها المتهم، فقد أصدر الأسبوع الماضي معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد الصمعاني تعميماً قضائياً تاريخياً لتطوير المبادىء الموضوعية عند النظر في القضايا والحكم فيها، بحيث تبنى الأحكام الجزائية على الإدانة والإثبات أو البراءة وأن لا يعتد بالشبهة أو التهمة. ويعد هذا الأمر تحولاً كبيراً في مسار العدالة الجنائية بالمملكة، فإما أن تكون هناك إدانة للمتهم أو إخلاء سبيل من لم تثبت إدانته. لقي مثل هذا القرار التاريخي إشادة كبيرة من مختلف قطاعات المجتمع وخصوصًا القانونيين والمحامين وأعتبروا أن القرار المتضمن (لا عقوبة للشبهة إما إدانة أو براءة) هو تأكيد على حرص الجهات القضائية على العدل وعلى تقنين الأحكام التعزيرية ومنع الاجتهاد الخاطىء مشيرين بأنه سيكون لمثل هذا القرار وغيره إسهامات إيجابية متعددة تساهم في إقامة العدل بين الناس وحماية حقوقهم وعدم التوسع في الاجتهادات المبنية على قرائن ضعيفة، فالأصل في الإنسان البراءة. ولم يغفل ذلك القرار التاريخي أيضًا الأخذ بوسائل الإثبات كافة وعدم التقيد بوسائل إثبات محددة مع مراعاة الأحكام المقررة شرعاً فيما يتصل بأدلة الإثبات الموجبة لإقامة الحد. منذ عدة سنوات ووزارة العدل تخطو خطوات مميزة لتطوير أدائها وجاءت خطوة إعادة هيكلتها العام الماضي وذلك من خلال الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية والتحسين المستمر والتأكيد بأنها بدأت مرحلة إدارية جديدة مبنية على العمل المؤسسي والتحول الرقمي وإعداد بيئة عمل جاذبة تتميز بسرعة وجود المخرجات وبالحوكمة الإدارية في الأعمال والقرارات ومواكبة التطور والتقدم والذي تشهده كافة القطاعات الحكومية في المملكة. إن التمسك بمبادىء الشريعة الإسلامية وإقامة العدل هو نهج هذه البلاد الذي لن تحيد عنه وهو من أهم المرتكزات التي قام عليها هذا الكيان منذ التأسيس وحتى يومنا الحاضر، كما أن القضاء في المملكة يتمتع بالاستقلالية الكاملة في التعامل مع القضايا واضعين نصب أعينهم تطبيق أحكام الشرع الحنيف الذي يأمر بإقامة العدل وإحقاق الحق وإرساء قيم العدالة.