بعد 17 يومًا من الطعون وإعادة فرز الأصوات استبق حزب الشعب الجمهوري المعارض الإعلان الرسمي عن الفائز برئاسة بلدية إسطنبول، معلنا فوز مرشحه أكرم إمام أوغلو الخميس الذي شكل "غصة في حلق" الرئيس رجب طيب أردوغان الرافض لاستيعاب الهزيمة، وبالرغم من أن النتائج الأولية للتصويت، الذي جرى في 31 مارس، أظهرت تقدم حزب الشعب الجمهوري بفارق طفيف في إسطنبول، لينهي بذلك 25 عامًا من سيطرة حزب العدالة والتنمية وأسلافه على المدينة، فإن أردوغان وحزبه رفضوا الاعتراف بالخسارة، وأصروا على تقديم الطعون، وصولاً للمطالبة بإعادة التصويت بالكامل في إسطنبول. وتعد هذه الهزيمة ضربة قاسية بالنسبة لأردوغان، الذي بدأ مسيرته السياسية رئيسًا لبلدية إسطنبول في التسعينيات. ولعبت العديد من العوامل دورًا في صعود إمام أوغلو وفوزه في أهم مدن تركيا و"شريانها الاقتصادي"، منها سياسات أردوغان التي ضاق الشعب ذرعًا بها، إلى جانب التدهور الاقتصادي الكبير الذي تشهده تركيا، ولعل من أبرز العوامل التي زادت من جماهيرية إمام أوغلو بالذات، هي شخصيته و"الكاريزما" التي لديه، التي تجعله ماهرًا في فن الخطابة، وقادرًا على إيصال رسائله إلى الناس من مختلف الشرائح والطبقات، مما يجعله بمثابة تهديد لمقعد أردوغان الرئاسي، كونه قد يكون قادرًا على منافسته خلال بضعة أعوام. وبالعودة إلى بداياته، ولد إمام أوغلو، في مدينة طربزون شمال شرقي تركيا، عام 1970، وتخرج في جامعة إسطنبول حاصلاً على بكالوريوس إدارة أعمال، مثله مثل أردوغان الذي درس إدارة الأعمال بجامعة مرمرة، واستمر أوغلو برسم طريق النجاح في عدة مجالات، منها إدارة شركة مختصة بأعمال البناء، بعدها قام بتأسيس وإدارة نادي طربزون سبور لكرة القدم، الذي أصبح في فترة قياسية من أفضل الأندية في الدوري التركي الممتاز، وانطلاقًا من دراسته في عالم إدارة الأعمال، اتجه أوغلو إلى السياسية، ليصبح عضوًا بارزًا في حزب الشعب الجمهوري المعارض عام 2008، عندما كان أردوغان رئيسًا للوزراء. وفي نفس عام تسلم أردوغان رئاسة البلاد استمرت شعبية أوغلو بالتوسع في إسطنبول، حتى اختير محافظًا لبلدية بيليكدوزو أحد أحياء القسم الأوروبي من إسطنبول، وأثبت أوغلو أنه خصم لا يستهان به، بعد حصوله على مقعد محافظ إسطنبول، أكبر مدن تركيا، التي يقطن فيها أكثر من 15 مليون نسمة. واليوم يتربع أوغلو على رأس أهم المدن التركية اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، ولديه الوقت الكافي لتوسيع قاعدته الشعبية بحلول عام 2023، موعد الانتخابات الرئاسية في تركيا.