لا تُذكر النَّخلة إلَّا وتُذكر الأحساء معها ومنذ نشأة الواحة قبل ما يقارب الخمسة آلاف عام اقترن اسمها مع ذكر النخلة، وظهرت الكثير من المهن تختص بها الواحة ومزارعيها، منها «بَطُّ النخلة»، ويسمى الذي يعمل بها «بطَّاط» وهي عملية قص الزوائد المتبقية بعد قطع التالف من جريد النخلة من أصلها عند الجذع، وذلك بواسطة آلة مخصصة لذلك، مما يجعل النخلة نظيفة من الحشرات التي قد تعيش بين تلك الزوائد والتي قد تؤذيها وقد يتسبب في إتلاف إنتاجيتها، إضافة أنها تسهل صعود الفلاح للنخلة فضلًا عن منحها مظهرًا جميلًا. ومن الفلَّاحين الذين يعملون في حِرفة ومهنة البطاطة للنخل -الشاب -( جواد بن عبدالله الحميِّد ) وهو من أهالي مدينة العمران بالأحساء. «المدينة» التقت الحميد، الذي قال: إنه يعمل منذ عشرين عامًا في هذه الحرفة الشاقة، وبدأ في سن الثانية عشرة، وورثها عن والده رحمه الله، وأقرباؤه شجعوه عليها، مشيرًا إلى أن مهنة «البطاط» خطيرة وصعبة، ولا سيما أن الخطأ البسيط يود بحياة الفلاح، خاصة أنه متعلق في أعلى النخلة بواسطة «الكَّر» وهو مصنوع من ليف النخل والحبال وبعض الأسيام) يسند الفلاح عليه ظهره وهو يدور النخلة من كُلِ الاتجاهات ورجلاه ثابتتان على الجذع ويداه تعملان بآلة القَّص المعروفة ب(المِنجَل)، حيثُ يتمُّ قطع وقص (الكرب) وهو الشيء الزائد في أعلى النخلة مما يحميها من القوارض ويزيد من سرعة النُمُو ويعطيها منظرا جميلا. وأضاف: أن بعض النخيل مرتفع وتكون في بعض الأحياء الرياح عاتية مما يعرض الفلاح لمخاطر جمة، مشيرًا إلى أن المهنة لا يجيدها إلا الفلاح الحساوي المتمكن، المتخصص بها وهم قليلون الآن لأنها متعبة وخطيرة. وأشار إلى أنه عمل في كثير من مدن المملكة، وكان الكثير من الناس يستغربون عمله وينبهرون من الفن الزراعي الأصيل، لافتًا إلى أن صاحب المزرعة يقدر عمل «البطاط» ويقدره بأجر مميز، خاصة أن الفلَّاح المُتخصِص في البطاطة نادر. وطالب الحميِّد المُزارعين وأصحاب النخيل بالحفاظ على النخلة سواء بعملية البطاط أو السقي أو التسميد أو التنبيت وغيرها، وعدم الإهمال لأن النَّخلة كُل ما تُعطيها هي تُعطِيك اكثر وأكثر، كما طالب الحميِّد المُزارعين والفلاحين بتدريب أبنائهم على ارتقاء وصعود النخلة وتسحيتها وتنبيتها وبطاطها وخرفها وتشجيعهم من أجل الحفاظ على النخلة وغرس حُبها وغلاوتها في نفوس الصغار والارتباط بها.