على الرغم من دخول وزارة العمل والتنمية الاجتماعية سباقًا مع الزمن لإطلاق المبادرات المحفزة لتوظيف المواطنين ودعم سوق العمل، إلا أن القطاع الخاص لا يزال يتحرك ببطء لدعم خطط التوطين التي وضعتها الدولة في الأولويات منذ سنوات بجانب قضية الإسكان، ولا يكاد حاليًا يمر أسبوع واحد دون أن نشهد مبادرة أو أكثر من جانب الوزارة في هذا الصدد، وكان آخرها أمس الجمعة، مبادرة احتساب العامل السعودي في التوطين فوريًا ابتداء من 2 فبراير المقبل، دون انتظار 6 شهور كاملة كما كان يحدث في السابق، وقبلها ب48 ساعة فقط، تم إطلاق مبادرة لتمديد التأشيرات الحديثة لمدة عامين بدلاً من عام واحد وبدون رسوم، بما يخفف الأعباء على القطاع الخاص، وقد شهدت الأشهر الأربعة الماضية بدء وزارة العمل تطبيق مبادراتها ال68 لدعم المواطنين والشركات في القطاع الخاص، ولعل من أبرز المبادرات الداعمة حاليًا برنامج دعم نمو التوطين بالمنشآت، والذي يسهم بدفع 15% من الأجر الشهري للتأمينات بالنسبة للرجال و20% بالنسبة للنساء، وبرنامج تنظيم العمل الحر الذي يسهم بدفع نسبة من حصة التأمينات لمن يحصل على رخصة عمل حر، أما برنامج التوطين في المناطق فيركز على المزايا النسبية في كل منطقة بما يكرس الاستغلال الأمثل للموارد ودعم التنمية الشاملة، وشهد برنامج نطاقات تطويرًا نوعيًا يستهدف زيادة فرص التوظيف، وكان من أبرز المبادرات الداعمة للمرأة في سوق العمل برنامجي قرة ووصول والذين يوفران الرعاية لأبناء العاملة ووسيلة مواصلات مناسبة لها من أجل تهيئة المناخ للعمل، وقد استفاد من البرنامجين أكثر من 13 ألفًا وفقًا لوزارة العمل. دعم الاتصالات والصحة ب55 ألف وظيفة لم تتوقف وزارة العمل عند إطلاق البرامج، بل اتجهت إلى القطاعات من أجل التوطين النوعي في قطاع الصحة ب40 ألف وظيفة، حيث يعاني من بطء شديد في التوطين على الرغم من التوسع في الابتعاث وافتتاح عشرات الكليات الطبية الحكومية والخاصة. كما أعلنت الوزارة مؤخرًا عن شراكة مع وزارة الاتصالات لتوطين 15 ألف وظيفة في القطاع. 4 مبررات لضعف التوظيف وعلى الرغم من هذا الحراك من جانب وزارة العمل، تشير الإحصاءات إلى أن نسبة البطالة زادت أكثر من 1.3% خلال عامين، وفيما تخطط الوزارة لتوفير 1.2 مليون وظيفة بحلول 2022، في ظل استقبال سوق العمل أكثر من 200 ألف خريج سنويًا، يبدو القطاع الخاص بطيئًا في التوظيف بدعاوى مختلفة منها عدم القناعة بالسعوديين وانخفاض رواتب الوافدين وبطء النشاط الاقتصادي والرسوم وغيرها، ويشهد القطاع أساليب مختلفة للتحايل على قرارات الوزارة، الداعمة للتوطين، وذلك على الرغم من رفع كلفة العمالة الوافدة في الفترة الأخيرة، ووفقًا لمصلحة الإحصاءات العامة في يوليو الماضي فإن نسبة البطالة بلغت 12.9 %، وأعداد العاطلين عن العمل اقتربت من المليون، ووفقًا لتقرير صدر من أيام لصندوق تنمية الموارد البشرية، فإن عدد الذين تم تدريبهم وتوظيفهم خلال الشهور العشرة الأخيرة يتجاوز 850 ألفا دخل منهم سوق العمل فقط 100 ألف، فيما حصل الآخرون على فرص للتدريب عبر برامج دروب وتمهير وعلى رأس العمل. ووفقًا للتقديرات، فمن المتوقع أن يشهد العام الحالي انفراجة في التوطين في ضوء الخطط المتنوعة وزيادة الإنفاق الحكومي المحفز على النشاط الاقتصادي وهو ما يصب في النهاية في دعم التوظيف، ولعل من أبرز القطاعات التي يمكن أن تستوعب أعدادًا كبيرة من العاطلين سريعًا قطاعي التجزئة والخدمات اللذين يضمان أكثر من مليوني وظيفة يشغلها وافدون.