معالجة مشكلة البطالة تحظى باهتمام كبير من قبل صانعي القرار في المملكة، ويمكن رصد الكثير من الخطوات التي اتخذت في هذا السبيل، حتى ولو لم تأت أكلها بشكل سريع. وتأتي حملة التصحيح، التي انطلقت مع بداية عام 1435 لتنظيم سوق العمل بما يتيح الفرص للسعوديين، مستهدفة العمالة الوافدة من مخالفي نظام العمل والإقامة؛ إحدى أبرز الخطوات التي ساهمت في تنظيم سوق العمل، حيث بدأت ثمارها سريعاً عبر الكثير من المجالات التي فتحت للشباب السعوديين. كما يظهر الاهتمام بالتعليم العالي والمهني والتقني، كمؤشر واضح على السعي لتجويد المخرجات بحيث تحظى بفرص عمل أكبر، ومن ذلك مواصلة دعم الجامعات الناشئة، والكليات والمعاهد المهنية والتقنية، والاستمرار في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث والذي ينخرط فيه عشرات الآلاف من الشباب سنوياً. ويعتبر برنامج "نطاقات" التي أقرته وزارة العمل، أحد أهم البرامج التي دفعت القطاع الخاص للاستفادة من الكوادر السعودية المؤهلة، حيث ساهم في توفير فرص عمل أكثر للسعوديين، وردم الفجوة في الميزة التنافسية بين الباحثين عن عمل من المواطنين والوافدين من خلال رفع تكلفة العمالة الوافدة، وحفز مؤسسات القطاع الخاص للاستثمار بشكل أكبر في الموارد البشرية لإيجاد وظائف ذات جودة تحقق الطموح لتكون مقبولة للمواطنين، كما ساهم في ضمان حفظ حقوق العاملين السعوديين بتسجيلهم في التأمينات الاجتماعية. وطبقاً لإحصاءات وزارة العمل، في الكتاب الإحصائي الأخير، فقد ارتفع عدد العاملين السعوديين في منشآءت القطاع الخاص عام 2012، بنسبة 34٫36٪ عن عام 2011، فيما ارتفع عدد العاملين السعوديين الذكور بمقدار 173٫803 ألف عامل وبنسبة 23٫33٪ فيما ارتفع عدد العاملات السعوديات بمقدار 116٫354 عاملة وبنسبة 116٫96٪ حيث بلغت نسبة السعودة 13.37%. 30 مبادرة لخلق فرص العمل مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية إبراهيم آل معيقل، كان قد أشار، خلال كلمه له أثناء افتتاح مؤتمر الفكر العربي في دورته الثانية عشرة، إلى حجم الجهود التي قامت بها منظومة العمل في المملكة، والمتمثلة في وزارة العمل ومؤسساتها الشقيقة؛ صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف"، والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، خلال السنوات الماضية؛ لتنفيذ استراتيجية متكاملة لتقليص البطالة، واستحداث فرص عمل جديدة للشباب، وذلك وفق منظور استراتيجي مُتكامل تتضافر خلاله جميع الجهود لتطوير سوق العمل، وتعزيز القدرة التنافسية لتنمية الاقتصاد الوطني، لتكون إطاراً مرجعياً لمعالجة قضايا القوى العاملة والتوظيف في البلاد وفق أسس منهجية وعلمية متكاملة، ورؤية واضحة لتحقيق الأهداف المنشودة. ولفت آل معيقل إلى أن ذلك تضمن إطلاق أكثر من ثلاثين مبادرة تنطوي على مئات البرامج والمشاريع التي تتكامل مع بعضها البعض بشكل متناغم مما يعظم الفوائد ويقلص الفجوات والتداخلات والهدر والازدواجية، حيث أوضح آل معيقل أن نتائج هذه المبادرات أسفرت عن مضاعفة أعداد الداخلين إلى سوق العمل وخاصة من النساء وإتاحة الفرص الوظيفية لهن في كل المجالات ونشر ثقافة العمل الحر وثقافة العمل في المهن والحرف وتمكين المواطنين من الفرص الوظيفية المناسبة وتصحيح تشوهات سوق العمل. وأكد أن المملكة جادة في سعيها لتكثيف الجهود لخلق مزيد من فرص العمل للشباب، ومشاركتهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية. وقد صدرت عدة قرارات بفتح مجال التوظيف في القطاع الحكومي في الصحة والتعليم، بالتزامن مع برامج أخرى تدعم توظيف العاطلين عن العمل، مثل نظام نطاقات الذي يحفز القطاع الخاص لاستيعاب الشباب السعوديين في مؤسساته، وكذلك برامج صندوق تنمية الموارد البشرية الذي يسهم في مساعدة الشباب على تنفيذ مشاريعهم التجارية بأنفسهم، إضافة إلى مساعدة القطاع الخاص في توظيف الشباب. كما أقر برنامج حافز ليكون داعماً مالياً للشباب، ودافعاً لهم للبحث عن عمل في القطاع الخاص، وذلك عبر اشتراطاته التي تعالج هذه المعادلة بشكل مقنن وواضح. ومن البرامج التي ساهمت مساهمة فعالة في تهيئة الشباب لسوق العمل، التنظيم الوطني للتدريب المشترك المنبثق من صندوق الموارد البشرية "هدف". أرقام مبشرة في مجال التوظيف ووفق تقارير صحفية سابقة، فقد أكد وزير العمل المهندس عادل بن محمد فقيه أن مبادرات وبرامج وزارة العمل التي أطلقت مؤخراً في المملكة أثمرت نتائج مميزة في مجال توفير فرص العمل اللائق وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، ورفع مستويات الحماية الاجتماعية. وأوضح أن المملكة حققت نجاحات مهمة في هذه الميادين، حيث ارتفعت نسبة مشاركة العمالة الوطنية في القطاع الخاص منذ إطلاق برنامج نطاقات لتوطين الوظائف في شهر يونيو 2011 م من 10% إلى أكثر من 13%. وبين أنه تم بنهاية عام 2012 توظيف ما يقارب من 615 ألف مواطن ومواطنة توظيفاً جديداً في القطاع الخاص، لافتاً إلى أن أعداد ونسب النساء السعوديات اللاتي التحقن بوظائف ثابتة في القطاع الخاص ازدادت، وشهد توظيفهن في هذا القطاع زيادة غير مسبوقة، حيث بلغ عدد السعوديات اللاتي تم توظيفهن لأول مرة في القطاع في عام 2012 180 ألف موظفة سعودية، وهو ما يماثل ثلاثة أضعاف العدد الذي تم توظيفه في القطاع الخاص قبل إطلاق البرنامج. ولفت إلى أن توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة لقي اهتماماً بارزاً في برامجها وبلغ عدد من تم توظيفهم منذ إطلاق برنامج نطاقات وحتى نهاية 2012 نحو 17 ألفا. وأشار فقيه إلى أن وزارة العمل أطلقت نظام حماية الأجور في القطاع الخاص لضمان حصول العاملين على أجورهم من خلال إلزام المنشآت بصرف الأجور عبر البنوك، موضحاً أن الوزارة بدأت في تطبيق هذا النظام مرحلياً.