أطلقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قبل أيام 68 مبادرة لتحفيز القطاع الخاص على التوسع بتوظيف المواطنين، ورفع معدلات مشاركة القوى العاملة الوطنية في سوق العمل. ولعل أهم ما ارتكزت عليه هذه المبادرات هو اعتمادها مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص، وتحديد قطاعات لرفع نِسَب التوطين فيها. وركزت المبادرات على جوانب كثيرة، من أهمها توطين مهن بعينها، مثل المحاسبة وبعض المهن الفنية والصحية، وهو عامل مهم يضاف لتوجهات الوزارة المطلوبة لمعالجة تشوهات سوق العمل، وخفض نسب البطالة عبر الإحلال بشكل أساسي بالمرحلة الحالية.. لكن يبقى الحل الجذري لمشكلة البطالة هو رفع تنافسية المواطن في سوق العمل، وذلك عبر إجراءات عديدة، لا تقف عند رفع تكلفة العمالة الوافدة بشكل عام فقط، بل تذهب لتفاصيل أكثر دقة في معرفة مهن العمالة الوافدة بالوظائف التي يمكن أن ينافس عليها المواطنون، وكذلك القيام بدراسة تحدد تخصصات العاطلين الحاليين، وكذلك الداخلون لسوق العمل مستقبلاً وفق تخصصاتهم الجامعية والمهنية، وأي القطاعات يمكن أن تستوعبهم، والعمل على الحد من تأشيرات الاستقدام لكل مهنة يمكن أن تشغلها العمالة الوطنية، مع رفع تكلفة الوافدين بالمهن والوظائف التي ينافس عليها المواطنون، وليس الرفع العام لتكلفة العمالة الوافدة؛ لأن هناك مهنًا لن يشغلها مواطنون لتدني دخلها ومتطلباتها؛ ولذلك فإن «تكلفة عامل عادي لا يجب أن تتساوى مع تكلفة محاسب أو مهندس أو فني.. إلخ»، أي المهن التي ينافس عليها المواطن. مع كل الأمنيات بأن توفَّق وزارة العمل بمبادراتها الجديدة بزيادة التوطين.. إلا أن رفع تنافسية الكوادر الوطنية هو مفتاح الحل لمعالجة تشوهات سوق العمل، ووضع الآليات التي تتيح سهولة حصول المواطن على فرصة عمل دون الحاجة للكثير من المحفزات والبرامج الاستثنائية؛ فخفض البطالة عالميًّا يكون بارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، ولا بد أن نصل للمرحلة التي تكون فيها البطالة بأدنى مستوياتها من خلال آليات تحد من منافسة العمالة الوافدة للعمالة الوطنية، وخصوصًا أن الاقتصاد الوطني ولّد ملايين فرص العمل خلال ال15 سنة الأخيرة، ومع ذلك ظلت البطالة بين المواطنين مرتفعة.