ما بين جنيف وأستانه تتقاطع الكثير من الحلول المنتظرة لخلاص الشعب السوري من طغيان تجاوز الأعوام السبعة، تساوى فيها الحجر والبشر بحصص البغي والدمار من قِبل النظام وأزلامه، فكم من الوقت سننتظر وكم من الدماء ستسفك في قادم الأيام، كل تلك التعقيدات لا تبشر بخير إذا لم يتغير التعاطي مع واقع الحال بما تقتضيه المصالح والمفاسد، وديننا الحنيف قد أرشدنا بأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذا الأمر لا يدركه إلا عالم رباني وقائد وهبه الله الحكمة وفصل الخطاب. علماً بأن كل ذلك القول لا يغير من حكمنا على طاغية الشام بأنه مجرم حرب، وسيبقى عالة على بلاد الشام إلى أن يقضي الله بأمره، كما أن واقع الحال يؤكد أنه لم يصبح الخصم الوحيد في الساحة، فأرض الشام اليوم ما بين حليف روسي وطامع صفوي وحزب لاهوتي حاقد، ولا ندَّ لهم أو معارض سوى قلة من المؤمنين الصادقين، وشرذمة من الحمقى يتنازعون فيما بينهم على مطامع ومكاسب لم تدركها أحلامهم، فهم في ظلام بلا رؤية ولا راية. وفي ظل هذا الصراع نجد أن الخاسر الأكبر هو المواطن السوري البسيط الذي تقطعت به السبل، حيث أن التقارير تفيد بأن عدد النازحين من الشعب السوري هرباً من الجحيم قد تجاوز العشرة ملايين مواطن، ما بين نازح في المخيمات ومهجر إلى أصقاع الأرض. ولا أدري لماذا نخشى من الاعتراف بفشل الثورة وإن كان ذلك لا يوافق رغباتنا، فقبول الواقع جزء من حل هذا الاشكال، والحفاظ على ما تبقى من مكتسبات بالضغط على النظام وإجباره على الانصياع لقبول الحل السياسي الذي يحقق مشاركة فاعلة للمعارضة وبإشراف دولي، أما أن يستمر استنزاف البلاد بكل مقدراتها ومواصلة العبث الحالي فهو أشبه بالجنون. فمن ينادي بمواصلة النضال وهو على أريكته ليس كمن يحلم بفتات الخبز ليسد به جوعه، فهم في حال يفترشون فيه الأرض ويلتحفون السماء، فالواقع يفرض عليهم حلولاً سياسية نوعية لا شعارات عنترية زائفة، والمشهد الراهن يسير وفق هذا المخطط والله أعلى وأعلم.