انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد قرار نظيره الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من سوريا، مشددا على أن "الحليف يجب أن يكون محل ثقة". وفي مؤشر لتزايد الشرخ الدبلوماسي بين الزعيمين قال ماكرون إنه يأسف "بشدة لقرار" ترامب الانسحاب من سوريا. والأسبوع الماضي أمر ترامب بسحب الجنود الأميركيين المنتشرين في سوريا مؤكدا أن تنظيم داعش قد هُزم، وبسحب ما يقارب نصف القوات الأميركية المنتشرة في أفغانستان. ويقول محللون أن الانقلاب الكبير في السياسة الخارجية الأميركية سيؤدي إلى مزيد من سفك الدماء في المناطق التي تشهد حروبا. من جهتها أعلنت فرنسا أنها مستمرة بالمشاركة في عمليات التحالف ضد تنظيم داعش في سوريا. وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره التشادي إدريس ديبي في نجامينا قال ماكرون "أن تكون حليفاً يعني أن تقاتل كتفاً إلى كتف"، مؤكداً أن هذا ما فعلته فرنسا في قتالها إلى جانب تشاد ضدّ الجماعات الارهابية. ومن شأن انسحاب القوات الأميركية من سوريا أن يجعل آلاف المقاتلين الأكراد في شمال البلاد الذين أمضى البنتاغون سنوات في تدريبهم وتسليحهم من أجل التصدي لتنظيم داعش، عرضة لهجوم تركي. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد هدد بشن عملية عسكرية وشيكة ضد المقاتلين الأكراد الذين قاتلوا التنظيم في شمال سوريا، مؤكدا عزمه على "التخلص" منهم إذا لم يرغمهم الأميركيون على الانسحاب. لكن في ضوء قرار الولاياتالمتحدة ومحادثة هاتفية أجراها مع رئيسها دونالد ترامب في 14 ديسمبر قرر إردوغان أن يؤجل، في الوقت الراهن، عملية عسكرية ينوي تنفيذها في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية، وتدعم واشنطن عناصر "وحدات حماية الشعب الكردية" في مواجهة تنظيم داعش، لكن أنقرة تعتبرهم منظمة "إرهابية" مرتبطة بحزب العمال الكردستاني. والسبت دعا مسؤول كردي بارز الولاياتالمتحدة لمنع هجوم تركي محتمل معتبرا أن من واجب الولاياتالمتحدة "منع أي هجوم ووضع حد للتهديدات التركية". علاقة مميزة أشاد ماكرون بوزير الدفاع الامريكي جيم ماتيس الذي استقال بعد قرار دونالد ترامب سحب جميع الجنود الأميركيين من سوريا. وقال ماكرون "أريد أن أشيد بالجنرال ماتيس... شهدنا على مدى عام كم أنه محاور موثوق به". وماتيس البالغ 68 عاما هو أحد أوائل الوزراء الذين اختارهم ترامب وقد شغل منصب وزير الدفاع لنحو عامين. وفي كتاب استقالة وجّهه لترامب: "لأن من حقكم تعيين وزير دفاع تكون آراؤه أكثر تماشيا مع آرائكم (...) أعتقد أن انسحابي هو عين الصواب". "محل ثقة" خلال أول لقاء بين ماكرون وترامب في بروكسل في مايو 2017 جرت مصافحة بين الرجلين سلّط الإعلام الضوء عليها لتجسيدها "الانكماش" السياسي بين الرجلين. وبعد انسحاب الرئيس الأميركي من اتفاق باريس للمناخ لعب ماكرون على وتر شعار حملة ترامب الرئاسية "فلنجعل اميركا عظيمة مجددا" بقوله "فلنجعل كوكبنا عظيما مجددا". وفي يوليو 2017 عندما توجّه الرئيس الأميركي إلى فرنسا لحضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي أثنى ترامب على نظيره الفرنسي وقال إن "فرنسا أقدم وأول حليف للولايات المتحدة". وفي أبريل زار ماكرون واشنطن وأزال الرئيس الأميركي بعضاً من قشرة الرأس عن سترة ماكرون على التلفزيون العام خلال زيارة الرئيس الفرنسي الرسمية للعاصمة الأميركية، وقال "يجب أن نجعله كاملاً. إنّه كامل". لاحقا وعلى الرغم من مناشدات ماكرون المتكررة لترامب عدم التخلي عن الاتفاق النووي المبرم بين القوى الكبرى وإيران، قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق وأعاد فرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية. وفي نوفمبر سخر ترامب من تراجع شعبية الرئيس الفرنسي وانتقد اقتراحه إنشاء جيش أوروبي. والأحد لم يخف ماكرون خيبة أمله لتوتر العلاقات مع الولاياتالمتحدة وقال "يجب على الحليف أن يكون محل ثقة وأن ينسق مع حلفائه الآخرين".