وضع البيان الذي أصدرته "النيابة العامة" السعودية اليوم، فيما يخص مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، القضية في المسار القضائي، بعد أن استفرغت وسعها في جانب التحقيق، وأكملت الدوائر الناقصة في اعترافات الموقفين، لتكتمل بذلك الرواية في صورتها التي أبانها بيان "النيابة العامة"، وفيه أنه: "إلحاقاً للبيانين الصادرين بتاريخ 10 / 2 / 1440ه الموافق 19 / 10 / 2018م ، وتاريخ 16 / 2 / 1440ه الموافق 25 / 10 / 2018م، بشأن قضية مقتل المواطن / جمال خاشقجي "رحمه الله"، وبناء على ما ورد من فريق العمل المشترك السعودي - التركي، والتحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع الموقوفين في هذه القضية والبالغ عددهم (21) واحد وعشرين موقوفاً بعد استدعاء النيابة العامة لثلاثة أشخاص آخرين؛ فقد تم توجيه التهم إلى (11) أحد عشر منهم وإقامة الدعوى الجنائية بحقهم، وإحالة القضية للمحكمة مع استمرار التحقيقات مع بقية الموقوفين للوصول إلى حقيقة وضعهم وأدوارهم، مع المطالبة بقتل من أمر وباشر جريمة القتل منهم وعددهم (5) أشخاص وإيقاع العقوبات الشرعية المستحقة على البقية". مهنية التحقيقات إن المهنية العالية التي انتهجتها النيابة العامة حيال هذا القضية منذ بدايتها، تجلت بوضوح غزمها الأكيد نحو كشف ملابساتها وتفاصيلها بشكل لا يقبل المزايدة، والخروج بها من نطاقها الجنائي، واستغلالها لتحقيق أجندات لا تمت للبحث عن الحقيقة بصلة، وعدم استجابتها لكافة مظاهر الضغط الإعلامي الذي مارسته بعض الدوائر المأجورة، انحرافًا بالقضية عن مسارها القانوني الذي من المفترض الالتزام به، ليأتي هذا البيان الواضح، وما تبعه من مؤتمر صحفي مثبتًا ما أعلنته المملكة منذ اليوم لوقوع هذه الحادثة، عن حرصها الأكيد على إعلان الحقيقة كاملة، ولا شيء غير الحقيقة. وأنها ستعلن نتائج التحقيقات للرأي العام العالمي، وهو الأمر الذي أوفت به، ناسفة بذلك مخططات من سعوا إلى تسييس هذه القضية، واتخاذها ذريعة للنيل من المملكة وسمعتها، بإطلاق الشائعات المسمومة، وتأليب الرأي العام العالمي بشكل يفتقر إلى أبسط قواعد المهنية، عبر تحويل القضية من المربع الجنائي إلى اعتبارها "جريمة سياسية"، توطئة لاستهداف المملكة، ليخيب مساعهم الرخيص وتشرق شمس الحقيقة فتظهر حرفية التحقيقات في التعامل مع هذه القضية، أنها من الدول الراسخة في ميزان العدل ومنهجيته، والموثوقة في نهج التحقيق، وأن الناس سواسية أمام القانون مهما علا شأنهم، ولن يعصمهم من العدل والقصاص رفعة منصب، أو علو منزلة، فالبيان يشير بوضوح لا لبس فيه أن نتائج التحقيقات أبانت وقوع الحادثة من قبل أفراد استغلوا مواقعهم الوظيفية، وتجاوزا الإطار المسيج لهم بالتعليمات الواضحة، وارتكبوا جريمتهم المرفوضة جملة وتفصيلاً، لتأتي المطالبة بالقصاص العادل والحكم وفق أنظمة الدولة جزاء وفاقا، مع التأكيد على عدم تكرار مثل هذه الحادثة الأسيفة مرة أخرى.. دولة يتسيد فيها القانون ولا تنحرف فيها القضايا عن مسارها الذي ينبغي أن تلزمه، ولا تستغل ذلك لأجندات سياسية فأصبح ذلك سمة وعقيدة في الحكم والسياسة. مطالب منطقية إن هذا البيان بتوجيهه بإحالة (11) مدانًا للمحاكمة، يحرك القضية باتجاه القضاء السعودي، المشهود له بالنزاهة، والمستظل تحت أحكام الشريعة الإسلامية الغرّاء، لكنه في المقابل ترك الباب مفتوحًا أمام الجانب التركي، بوصفه شريكًا أصيلاً في التحقيقات لإضافة ما لديه، بعيدًا عن المزايدات والتلميحات الخارجة عن السياق الذي يجب أن تلتزمه القضية، وقد أبدت الجهات السعودية المختصة الترحيب بذلك، على أن يكون ذلك في أقرب وقت، حتى يتسنى البدء في المحاكمة تحقيقًا للعدل، وتمكين القضاء السعودي من تأدية واجبه حيالها وإنزال العقوبة المستحقة بحق من ثبتت عليه الجريمة، كلٌّ وفق دوره الذي لعبه فيها.. غير أن الجانب التركي مسؤول أيضًا أن يجيب على المطالب السعودية، التي أشار إليها البيان بقوله: "تود النيابة العامة الإشارة إلى أنه سبق أن طلبت من الأشقاء بجمهورية تركيا برقم 7841 وتاريخ 8 / 2 / 1440ه الموافق 17 / 10 / 2018م ورقم 9995 / س وتاريخ 16 / 2 / 1440ه الموافق 25 /10 / 2018م، ورقم 11350 / س وتاريخ 22 / 2 / 1440ه الموافق 31 / 10 / 2018م تزويدها بالأدلة والقرائن التي لديهم ومنها أصول كافة التسجيلات الصوتية التي بحوزة الجانب التركي المتعلقة بهذه القضية، وأن يتم توقيع آلية تعاون خاصة بهذه القضية مع الجانب التركي الشقيق لتزويدهم بما تتوصل له التحقيقات من نتائج وفقاً لأحكام النظام وطلب ما لديهم من أدلة وقرائن تدعم أو تتعارض مع ما تم التوصل إليه من نتائج للإفادة منها ولا تزال النيابة العامة بانتظار ما طُلب منهم" . دولة العدل صفوة القول إن المؤسسات السعودية العدلية استطاعت أن تؤدي دورها في مرحلة التحقيقيات على أكمل وجه، واتخذت من الإجراءات منذ اليوم الأول ما كفل الوصول إلى هذه الاعترافات التي تتعالى على أي دليل، طالما بقي الاعتراف سيد الأدلة، وأن هذه الإجراءات التي شهدتها هذه القضية كانت استثنائية، بما يثبت بلا جدال أنها غير مسبوقة في الساحة السعودية، ولهذا جاءت التشديدات من الجهات العليا مشددة باتخاذ التدابير والاحتياطات لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة الأليمة والفاجعة، التي يبرز وجه الإنكار السعودي لها في مطالبة النيابة العامة بإنزال عقوبة الإعدام بحق من تثبت إدانته، الأمر الذي يؤكد رسوخ قدم هذه الدولة في مضمار العدل منذ تأسيسها، وأنها تساوي بين الناس - جميع الناس - أمام القضاء، وأن الحق غايتها، وكرامة الإنسان مسعاها، والعدل أساس حكمها الذي قامت عليها منذ تأسيسها وإلى يومنا هذا، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. مطالبات قائمة * التزود بالأدلة والقرائن التي لدى الجانب التركي ومنها أصول كافة التسجيلات الصوتية المتعلقة بالقضية * توقيع آلية تعاون خاصة بالقضية مع الجانب التركي للتعاون فيما تتوصل له التحقيقات من نتائج