أحدهم ممن يكتبون في وسائل التواصل على الإنترنت، أخذته العزة بالإثم فقال: (تصنيف النساء إلى بِكر وثيّب، يجعلني أؤمن أكثر أنه تصنيف عنصري مقيت، يجب أن يُحذَف من كتب القضاء والفقه والعادات وأحاديث المجالس والمقاهي، حيث لا يوجد هدف سامي خلف هذا التصنيف، وتقييم الفتاة على هذا الأساس هو تحقير ومساس لكرامتها، إن قيمة الإنسان ليست في مهارته الجنسية وعدد مرات إنجابه).. انتهى! هو لا يدري أن تسمية المرأة قبل أن تتزوج ويحصل اللقاء بينها وبين الزوج بِكرا، لا علاقة له أصلا بما أسماه تصنيف، وإنما هو لفظ عربي للدلالة على مرحلة من عمر المرأة، كما أن مَن تزوَّجت تُسمَّى ثيّباً بعد حصول اللقاء بينها وبين الزوج، ولا علاقة لهذا باحتقار أو مساس بالكرامة أبداً، كما أنه لا يعتبر لفظاً عنصرياً، فللمصطلحين في سائر لغات العالم مشابهات، للتفرقة بين حالين من أحوال المرأة، وفترتين من حياتها، ولا يخطر على بال مسلمة أن في هذا عنصرية ضدها، أو أن فيه إهانة لها، والغريب أن أخانا هذا المُتعجِّل في أحكامه، قد اتهم الإسلام بكل النقائص التي كتبها في تغريدته، فاللفظان وردا في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)، وجاء اللفظان في سياق الثناء لا الذم، ونحن نصف أمهات المؤمنين المكرّمات عند كل مسلم أنهن ثيّبات، ما عدا أمنّا عائشة رضي الله عنها، التي هي البِكر الوحيدة التي تزوّجها سيّدنا رسول الله –عليه الصلاة والسلام-، وأما في السنة، فورود اللفظين فيها لا حصر له، وصاحبنا هذا المتعجل يريد منَّا أن نحذفهما من الكتب، وطبعا سيشمل هذا المطلب القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، وهو الذي لو حدث، فاسأل أهل العلم عن حكمه يُخبروك، أرى أننا اليوم نسمع من البعض من الجهل أبشعه ومن الوقاحة -ولا أقول الجرأة على الدين والحق- ما لا حد له، وإن لم يحاسب الجاهل الذي يتعرض للدين بجهلٍ، فيصفه بأوصاف لو وُصِفَ هو بها لأخذته العزة بالإثم، وفعل ما لا يخطر على بال، ولابد أن لا يُترك العنان للجاهلين إذا تجاوزوا الحدود، حتى لا تصبح الجرأة على الدين للبعض عادة، مادام لا يجد مَن يردّه عن غيّه ويُحاسبه على إساءته للدين والحق، فهل نفعل؟ هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.