يحظى نزلاء الوحدات السجنية في المملكة بالكثير من أنواع الرعاية التي تُقَدم لهم ولأسرهم عن طريق الدولة كتوفير جميع أنواع الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية، ومما لاشك فيه أن برامج الرعاية تلعب دورًا مهمًا في مجال السياسة الإصلاحية لنزلاء السجون والاهتمام الذي توليه الدولة - رعاها الله - لشؤون النزلاء منذ إيداعهم السجن وحتى الإفراج عنهم من النواحي الاجتماعية والصحية والنفسية ومتابعة ذلك بصورة دائمة ومستمرة يولد نوعًا من الثقة والإحساس بالاستقرار النفسي والطمأنينة لدى السجين، مما يدفعه إلى تغيير نظرته وتفكيره نحو المجتمع، وبالتالي يتمكن من تقبُّل برامج الإصلاح والتوجيه بإيجابيةٍ عالية ويتهيأ للعودة إلى الطريق السوي والتوبة إلى الله - عز وجل - وتوفير أحسن الظروف التي تساعده على الاندماج في المجتمع وتقديم المساعدات اللازمة التي تشد من أزره وترفع من معنوياته إثر خروجه من السجن، ومن ذلك السكن والعمل والرعاية اللاحقة. وقد اكتسبت الرعاية الاجتماعية بالسجون دورها الحيوي من المفهوم الإسلامي الواسع لمعنى الرعاية لتشمل كل الخدمات وجميع النزلاء أيًا كانت أعمارهم أو جنسياتهم أو الأفعال التي ارتكبوها كما أن الرعاية تشمل أسر هؤلاء النزلاء إذا كانت تلك الأسر بحاجة إلى رعاية ولهذا السبب تم تزويد السجون بالأخصائيين والأخصائيات الاجتماعيات، وكذلك الأخصائيون النفسيون لتقديم الخدمات الاجتماعية المختلفة والمتكاملة للسجناء. «المدينة» بدورها التقت عددًا من النزلاء المحكومين على قضايا مختلفة الجنائية والمالية لتقف على تجاربهم الشخصية والأسباب التي أدت إلى وقوعهم في شراك الجريمة مخدرات كانت أورفقاء سوء أو ركض وراء الثراء ومع كثرة الأسباب تبقى المخدرات المفتاح السحري لبوابة القضبان الحديدية قصص وحكايات تستكمل بها المدينة حلقاتها لتكشف أسرار الرحلة التى قادت كل هؤلاء إلى هذا المصير. الثراء السريع النزيل (م.ق) قال: إنه يعمل رجل أمن متزوج وأب لستة أبناء ويبلغ من العمر 47 سنة، حيث تم إيقافه على ذمة مطالبات مالية بعد أن وثق ببعض العمالة الوافدة، وقام باستئجار معدات ثقيلة على أن يقوم بسداد مبالغ أقساطها من تشغيلها على أمل البحث عن الثراء السريع وعند بدء عمليات عاصفة الحزم تم استدعاؤه لنداء الواجب وأثناء تواجده هناك استغلت العمالة الوافدة التي وثق فيها وقام بتسليمها زمام العمل قاموا باستغلال غيابه وسرقة مبالغ الإيجارات، بالإضافة إلى مبالغ التحصيلات وقاموا بالتحجج بعدم تشغيلها ما اضطر إلى أصحاب المعدات مطالبته بسداد المبالغ المتأخرة من الأقساط بالرغم أن العمالة قاموا بإفهامه بأنهم يقومون بسداد الأقساط من مبالغ الإيجارات، وهذا مالم يتم، مشيرًا إلى أنه نادم أشد الندم محذرًا عموم المواطنين بعدم الثقة بالوافدين، خاصة فيما يخص التعاملات المالية وهذه الثقة هي ما جعلته مطالبًا بسداد أكثر من مليون ريال وإبعاده عن أسرته وعمله. وقال: النزيل (ن.ح) إنه شاب جامعي يبلغ من العمر 24 سنة، وكان في السنة الثالثة وتعرف على إحدى الفتيات في مواقع التواصل الاجتماعي واستطاع خلال علاقة تواصلهما التي امتدت أكثر من سنتين الحصول على بعض صورها الخاصة، مشيرًا إلى أنه كان ينوي خطبتها والزواج منها بعد تخرجه إلى أنه تفاجأ منها بإبلاغه عن رغبة أهلها تزويجها، مبينًا بأنه حاول إقناعها برفض العريس المتقدم لها لكنها أكدت عدم قدرتها تنفيذ طلبه كون المتقدم أحد أقربائها ولا توجد أي أسباب ممكن أن تقنع أهلها وتقوم برفضه وتزوجت. وأشار إلى أنه بعد مرور سنة تقريبًا على زواجها في هذه اللحظة بدأت الغريزة الشيطانية تراوده، وقام بالتواصل معها وحاول إقناعها بالخروج معه لكنها رفضت حينها لم أتمالك أعصابي وقمت بإرسال رسائل تهديد ووعيد على جوالها كمحاولة يائسة للتواصل معها وخوفًا من تغيير رقم جوالها على حد وصفه مما جعلها تخاف افتضاح أمرها لدى زوجها وقامت بالتواصل مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي بدورها نسقت كمينا مع الشرطة له في أحد المطاعم بمجمع تجاري وتم الإيقاع بها وتم العثور على الصور والرسائل التي أرسلها من جواله الخاص، وتم تحرير محضر بالواقعة وتم تحويله إلى النيابة التي بدورها قامت بتحويله إلى المحكمة وأمر القاضي بسجنه 3 سنوات مع الجلد، مبينًا بأنه نادم على فعلته التي بسببها ضيع مستقبله التعليمي والمهني نتيجة الجري وراء الرغبات الشيطانية التي غررت به وأودعته خلف القضبان. برامج التأهيل وقال: النقيب أمين الغامدي مدير شعبة الرعاية الصحية بإصلاحية جدة بأنه من ضمن مسؤوليات الإدارة تقديم الرعاية الصحية والطبية بأقسامها وتخصصاتها المختلفة سواءً عبر المتابعة الصحية أو اللجنة الصحية الوقائية أو التنسيق الصحي، وذلك ضمن برامج الإدارة العامة للتأهيل والإصلاح والتي تهتم بشكلٍ كبير بتقديم أفضل السبل والوسائل العلاجية اللازمة للنزلاء وفق ما تقتضيه الأوامر والتعليمات بهذا الخصوص، مشيرًا إلى وجود تنسيق مع وزارة الصحة لإحالة النزلاء الذين تستدعي حالتهم النقل إلى المستشفيات وذلك بعد عرض النزيل المريض على الطبيب المختص التابع للخدمات الطبية داخل الإصلاحية والذي بدوره يقيّم الحالة ومن ثم تتم مخاطبة المستشفيات لتوفير سرير للنزيل ونقله بناء على توصية الطبيب. غضب يقود إلى قصاص ويروي النزيل (أ.ع) بأنه يبلغ من العمر 56 سنة ومتزوج وأب لخمسة أبناء موضحًا بأن قصته كان سببها الأطفال وتوصلت إلى الكبار، مبينًا أن أحد أبناء الحي دائمًا ما يقوم بضرب ابنه وقام بإبلاغ والده أكثر من مرة، لكنه في كل مرة يحاول إيجاد المبررات لولده وفي أحد الأيام دخل ابنه يبكي وخرج حاملًا عصا وعند خروجه صادف والد الطفل مقبلا عليه وفي لحظة انفعال وغضب شيطاني قام بضرب الوالد، الذي سقط وتم إدخاله المستشفى الذي بقي فيها عدة أيام وبعدها فارق الحياة، مبينًا بأنه لم يكن يقصد قتله والضربة التي ضربها لم تكن مميتة، لكنها المنية حضرت وكنت سببها محذرًا من ضرورة امتلاك النفس وعدم الانجرار وراء العصبيات والغضب والنعرات خاصة أن هدينا النبوي حثنا على عدم الغضب وامتلاك النفس عند الغضب حتى لا تؤدي إلى عواقب وخيمة، مبينًا بأن عليه حكم قصاص مؤجل كون أحد الورثة لم يبلغ سن الرشد.