القلق هو حالة نفسية وفسيولوجية تتركب من تضافر عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية لخلق شعور غير مريح، يكون مرتبط بالخوف أو التردد، وغالباً ما ينتج عن القلق بعض التوتر، وتقلق الشعوب عندما تواجه تهديدات لا يمكن السيطرة عليها أو تجنّبها، فيظهر الخوف وعدم الارتياح والريبة وعدم الاطمئنان، وبالرغم من كل تلك الصفات السلبية، فإن القلق يكون أحيانا موجهاً نحو المستقبل، بحيث يكون الشخص على استعداد لمحاولة التعامل مع الأحداث السلبية القادمة . نشرت صحيفة (مكة) مطلع الشهر الحالي خبراً بعنوان: (قلق السعوديين من الإرهاب يتراجع)، وتضمَّن الخبر نتائج تقرير من Iposo & Mori -وهو مركز دراسات وأبحاث بريطاني- بعنوان: (ماذا يُقلق العالم؟)، حيث جرى دراسته على 27 دولة من بينها عينة من السعودية تزيد على 1000 مواطن، وذلك عبر موقعه الإلكتروني في الفترة بين 22 ديسمبر 2017م وحتى 5 يناير 2018م، وقد أشارت الدراسة بالنسبة للسعوديين إلى انخفاض قلقهم من الإرهاب إلى 19% مقارنة ب24% في عام 2017م، وهذا يُؤكِّد الجهود المتميزة التي قامت بها الدولة لمكافحة الإرهاب والقضاء على الجماعات الإرهابية وتجفيف منابع الإرهاب المختلفة، في حين أشار التقرير أن موضوع (الضرائب) تصدَّر قائمة الجوانب التي أثارت قلق السعوديين وذلك بنسبة 43% من عينة الدراسة في 2018م مقارنةً بنسبة 27% في العام السابق، وهو أمر طبيعي وفق تقدير أحد الاقتصاديين الذين أكَّدوا بأن الضرائب هي همٌّ عالمي لا غنى عنه، وباعتبار أن المملكة قد بدأت تطبيق الإصلاحات الاقتصادية وفرض القيمة المضافة، فمن الطبيعي أن ترتفع نسبة القلق هذا العام عنها في العام الماضي، كما كانت هناك قضايا أخرى أظهرها التقرير عن قلق بعض السعوديين، منها عدم توفُّر الوظائف، والذي انخفض مستوى القلق بشأنها في عام 2018م عنه في عام 2017م، في حين زاد مستوى قلق مكافحة الفساد في عام 2018م عن عام 2017م وبقية قضايا أخرى، كالتعليم والفقر والسمنة لدى الأطفال في نفس المستوى بين العام الحالي والعام الماضي. مجتمعنا السعودي يُواجه هذا القلق أيضاً بالتفاؤل، وقد أكد هذا الأمر دراسة لمنظمة (غالوب) العالمية المتخصصة في الإحصاءات نُشِرَت العام الماضي، وخلصت نتائجها إلى أن جزءاً كبيراً من السعوديين متفائلون بالمستقبل، رغم وجود هواجس لديهم على المدى القريب، ومع ذلك فإن تقرير غالوب أشار بأن أسباب ذلك الارتفاع في التفاؤل هو إطلاق مشروع رؤية 2030، وما رافقه من حملة إعلامية قوية ومؤثرة، إضافةً إلى برنامج التحول 2020، والذي أُطلق مُؤخَّراً، مما ساهم في ترك أثر إيجابي، ورفع مستوى التفاؤل بشأن الظروف الاقتصادية المستقبلية، وكلنا ثقة في جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- وولي عهده الأمين، وما تقوم به من مشاريع جبارة لرفعة هذا الوطن وتنميته.