لم يكن أحد يعرف عن «نيوم» حتى أعلن سمو ولي العهد محمد بن سلمان في آخر مؤتمر اقتصادي عُقد بالرياض في لقاء مبهر عن المشروع العملاق الذي يقع على امتداد 460 كيلو متراً على شاطئ البحر الأحمر على مساحة من اليابسة والشواطئ وعدد من الجزر التي تلامس حدود ثلاث دول المملكة العربية السعودية، الأردن ومصر. والمشروع مخطط له أن يكون من ضمن رؤية 2030 وتقدر تكاليفه بأربعمائة مليار دولار.التصور كما طرح في المؤتمر الاقتصادي وكما هي المعلومات على الموقع الإلكتروني في متناول الجميع. وفكرة «الرحلة إلى نيوم» بدأت يوم الأحد الموافق 17/6/1439ه من جدة إلى العقبة بالأردن والعودة على نفس الخط، كانت من اقتراح الأستاذ عبد الحميد أبا العري طرحها وخطط لها في أحد اللقاءات الأسبوعية مع بعض الأصدقاء بهدف التعرف على ساحل البحر الأحمر مرورًا بالمدن الشهيرة والتعرف على بعض معالمها التاريخية والأهم موقع مشروع نيوم. رفاق الرحلة هم: المخطط للرحلة القائد السياحي الذي له علم بالمنطقة والمعالم الموجودة في المدن التي مررنا بها عبد الحميد أبا العري الذي أجاد وأمتع خلال الرحلة، والمحامي خالد الناصري المرجع عندما يلزم الأمر فتوى قانونية والأستاذ فوزي فتح الدين صاحب النكتة والفكاهة التي لا تمل، وكاتب هذه السطور. والجدير بالذكر أن الجميع لهم علاقة عمل قبل التقاعد بالطيران المدني كل في مجال اختصاصه. المحطة الأولى كانت مدينة ينبع حيث معالم التاريخ تنطق بالأصالة والحداثة تزهو في مهرجان الزهور الذي أصبح من معالم ينبع السنوية برعاية سابك حيث جودة وإتقان التنظيم والنظافة وترتيب الزهور بأنواعها بأشكال في غاية الروعة والجمال الممزوج برائحة الورود من كل الأصناف والألوان ورونق الحداثة وأصالة التاريخ تتخلله حركة الزوار من كل الأعمار يستمتعون ويقدرون ويحترمون التعليمات بأسلوب حضاري راقٍ.في النهار الثاني اتجهنا إلى أملج والجوف وأمرحنا في ضباء. في النهار الثالث كانت وجهتنا موقع نيوم مرورًا برأس الشيخ حميد إلى حقل الحدودية مع الأردن ومن حقل إلى العقبة بالأردن كان المبيت. وفي يوم الأربعاء الموافق20/6/1439ه قمنا بجولة بَحْريِّة ممتعة ومفيدة في خليج العقبة حيث شاهدنا عن بعد جزءًا من شاطئ فلسطين وشرم الشيخ وسواحل حقل المجاورة للأردن. ومن العقبة عدنا على نفس الخط إلى جدة. الموقع الجغرافي لنيوم المستقبل مثالي. ساحل منبسط لا يوجد به أي عوائق طبيعية. قليل السكان وشاطئ بحري بكر يعد بأن يكون منتجعاً سياحياً ومعلماً حضارياً عالمياً من الدرجة الأولى. يربط بين ثلاث قارات كما هو الوصف آسيا وإفريقيا وأوربا. بوادر الاستعداد للبدء في المشروع ظاهرة في شكل مجمع سكني وبعض آلات الحفر والمتوقع أن العمل بشكل مكثف وسريع سيبدأ قريبًا بإذن الله تعالى. الواجهة البحرية في كل المدن التي مررنا بها جميلة ونظيفة ومثالية لاستقبال سياح على مدار العام للاستمتاع بالبحر ومياهه الخالية من التلوث، والأمل أن تبقى البيئة كذلك عندما ينفذ مشروع نيوم. الطريق مزدوج وجميل جدًا وبه الخدمات المطلوبة والمتوقع أن مشروع نيوم سيشكل بداية مرحلة نقلة تنموية كبيرة على امتداد الساحل من جدة إلى حقل وأوصي بالقيام برحلة لتلك الأماكن والسواحل الجميلة من وطننا الغالي للاستمتاع والتعرف واقتناص فرص الاستثمار والعمل في المستقبل القريب للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في الأعوام القادمة على ساحل البحر الأحمر الجميل. الطريق من ينبع إلى حقل نُفذ بشكل ممتاز.. كثافة السكان قليلة جدًا.. شواطئ المدن مُعدة بشكل مثالي لاستقبال السياح الذين يبحثون عن الراحة وقضاء إجازة بعيدًا عن الزحمة وضجيج المدن الكبرى والاستمتاع بالبحر والجو المعتدل وعندما يُستكمل المشروع فلابد من إيجاد سكة حديد تربط بين جدة وحقل.. الانطباع أن في نيوم بداية صنع تاريخ جديد ومشروع تنمية مستدامة على ساحل البحر الأحمر وأقرب مثال للمقارنة هو ما كانت عليه دبي قبل ربع قرن من الزمن وكيف هي اليوم ومشروع نيوم سيكون أكبر بكل المقاييس. هذه لمحة سريعة في حدود ما تسمح به مساحة المقال في هذا الوقت، ولابد من زيارات أخرى للتعرف على ربوع وطننا الغالي ومتابعة مراحل تنفيذ مشروع نيوم العملاق في إطار رؤية 2030 والتنمية المستدامة التي سيشهدها ساحل البحر الأحمر في السنوات القادمة بعون الله تعالى. كل الشكر والامتنان لرفاق الرحلة الذين جعلوها تاريخية وفي غاية المتعة والإيثار.