لطالما حلمت مدن حقل وضباء وشرما والبدع وقيال ومقنا ورأس الشيخ حميد بمنطقة تبوك بالاستثمار وصناعة السياحة ومداعبة الأحلام العريضة لتأخذها من عوالمها الهادئة إلى عوالم أكثر حيوية وإلى فضاءات أكثر نبضا وانطلاقا. تلك المدن والجزر التي تسترخي بهدوء على امتداد خليج العقبة من جهة وعلى ساحل البحر الأحمر من جهة أخرى، تستريح وتتمدد بنبضها الساحر مثل عرائس خجلى تغتسل من مياه البحر تارة ومن رياح الشمال الباردة تارة أخرى، ولطالما تساءلت هي ونحن معها كنا قد تساءلنا عن سر هذا الغياب عن خريطة السياحة والاستثمار؟ لكنها أخيراً ولدت من جديد بعد إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مشروع مدينة نيوم العالمية والذي يتمدد فوق مدن حقل وشرما والبدع وقيال ورأس الشيخ حميد وضباء والديسة وطيب اسم ذلك المشروع العملاق والذي يستثمر مكونات المنطقة بما حباها الله من قدرات وموارد طبيعية وليزرع فيها طاقة مهولة ستكون مثار إعجاب ودهشة العالم بإذن الله. وتبوك التي ابتهجت قبل ذلك بمشروع جزر البحر الأحمر في أملج والوجه الذي أعلن عنه قبل أشهر «MBS» برؤية طليعية. حقل وثنائية الجمال مع العقبة الأردنية في أقصى الشمال الغربي وعلى ضفاف خليج العقبة تقع (حقل) المدينة الأجمل في تبوك وهي التي تطل مباشرة على مدينة العقبة الأردنية حيث تبعد عنها بنحو 3 كم، وإذا نظرنا إلى حقل نجد أنها كانت تعرف قديما بساحل تيماء، وكانت موقعا مهما بالنسبة لطريق الحاج المصري، إذ كانت البوابة الرئيسة لاستقبال الحجاج المصريين العابرين للجزيرة العربية، فمن عقبة أيلة يدخل الحجاج إلى الجزيرة العربية واستعادت أهميتها بعد طرق الحج المصري إليها وظلت كذلك حتى توقفت الطريق في سنة 1303ه ثم عادت أهميتها في العام 1392ه، ويقول مسؤول الآثار بتبوك الباحث يعرب حسن العلي ل«عكاظ» إن مدينة حقل مدينة تحمل مقومات سياحية هائلة وتتميز بشواطئها العذرية الساحرة كذلك تنعدم فيها الرطوبة والتي عادة تكون في المدن الساحلية وتتميز بجمال شواطئها ومعانقة جبالها الشاهقة لسواحلها بإطلالة رائعة. الشيخ حميد يطل على شرم ويحتضن حقل مدين حين نتأمل في أسماء الأمكنة الساحلية البحرية بين تبوك والمدن المصرية المحاذية نجد أن هناك رابطا وشيجا فمنطقة رأس الشيخ حميد بتبوك ومدينة شرم الشيخ متقاربتان في المكان وفي الاسم والدلالات ولا تبعد المسافة عبر البحر من الأرض السعودية باتجاه الأراضي المصرية سوى كيلومترات معدودة ليأتي مشروع نيوم ليستثمر هذا التقارب الجغرافي والثقافي ليصنع مدينة للمستقبل. وفي رأس الشيخ حميد طبيعة ساحرة وشواطئ عذراء نقية تمتلك الجمال وتخبئ أيضا الغاز كمصدر للطاقة تم اكتشافه في عام 1992م، وبهذا الاكتشاف تعززت إستراتيجية الشركة في إنتاج الغاز، التي ستدعم الاقتصاد الوطني وتوفر فرصًا صناعية مهمة لتحقيق أهداف الرؤية المستقبلية للمملكة. ضباء.. الشعب المرجانية وحقل شعور للغاز ضباء التي سميت ذات يوم لؤلؤة الشمال فمن جمال الطبيعة والجزر والشعب المرجانية والسهول والجبال والطقس المعتدل إلى الطاقة المخبوءة في أعماق بحرها النقي، حيث يوجد بها حقل شعور للغاز في شمال المنطقة المغمورة من البحر الأحمر على بعد 26 كيلو متراً شمال غرب ميناء ضباء، حيث تدفق الغاز بمعدل 10 ملايين قدم مكعب قياسي في اليوم عند اختبار مكمن الوجه في بئر «شعور»على عمق 17.700 قدم، كما تدفق الغاز بمعدل 5.2 قدم مكعب قياسي في اليوم في اختبار آخر على عمق 17.275 قدماً. هو الذي اكتمل إنشاؤه بنسبة عالية، منفذا لمبادرة ضباء الخضراء (Green Duba)، التي تحدُّ من حرق الوقود الخام والديزل لإنتاج الطاقة الكهربائية، وتعوّضه بالغاز المعروف بفاعليته ونظافته ورُخص تكلفته، فضلا عن أنه صديق للبيئة ولا يسبب الانبعاثات الضارة المنتظر أن تتحول المملكة إلى واحدة من أكبر منتجي الغاز في العالم عندما يصل حجم إنتاجها اليومي من الغاز إلى 13 مليار قدم مكعب قياسي في عام 2020. وأيضا يحقق إنتاج الطاقة الكهربائية وإنتاج البتروكيماويات، إضافة إلى أنه سيخفف الضغط على إنتاج النفط واستخراج الغاز المصاحب له. كما أنه سيسهم في توفير المزيد من كميات النفط المستخدمة محلياً في إنتاج الكهرباء وإنتاج البتروكيماويات. شرما.. جمال الطبيعة واستثمارات غائبة على البحر في منطقة ساحرة تقع شرما وهي التي تبعد عن تبوكالمدينة 120 كيلو مترا وهي التي ستكون أكثر سعادة بوجود مدينة نيوم السياحية الاقتصادية الذكية حتى تستثمر مكوناتها الطبيعية..وظلت لسنوات طوال وهي تعاني من غياب الخدمات وغياب الاستثمار. قيال ومقنا.. رمال بيضاء وطاقة الهواء شواطئ ساحرة ورمال بيضاء وجمال ساحر في مقنا وفي قيال وفي طيب اسم بالقرب من محافظة البدع بمنطقة تبوك وهي تمتلك أيضا هواء يصعد باستمرار من البحر باتجاه الفضاء ورياحا ساحلية على مدار العام توفر فرصة للاستثمار وتوليد الطاقة. الديسة.. غابات وعيون جارية في مركز الديسة جمال خلاب وعيون عذبة تنزل من صخور الجبال، وهي منطقة لاتزال بكرا حيث لايوجد فيها أي استثمار. من جهته قال ل «عكاظ» رئيس الغرفة التجارية بتبوك سعيد عواض العسيري أن المشروع التنموي (نيوم) يأتي من ضمن الخطط الاستراتيجية للتنوع الاقتصادي الوطني، والذي جعل من الجزء الشمالي الغربي من مملكتنا الحبيبة موقعا له بمساحة 26.500كم ليمتد هذا المشروع لثلاث دول وهي (المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية) ليصبح هذا المشروع شريانا اقتصاديا بارزا للحركة التجارية ومنطقة جذب للفرص الاستثمارية وبدعم يصل لأكثر من 500 مليار دولار ليصبح مركزا رائدا للعالم بأسره ويتميز هذا المشروع بعدد من المزايا الفريدة ومنها الموقع الجغرافي المميز ويعتبر فتحاً لمسارات التجارة العالمية. استفهامات • أين يقع مشروع نيوم؟ •• يقع في شمال غربي المملكة، على مساحة 26,500 كم2، ويطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كم، وتحيط به من الشرق جبال بارتفاع 2,500 متر. • ما هي القطاعات ال9 التي ستركز عليها منطقة «نيوم»؟ •• مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة. • كم المبلغ الذي سيدعم به مشروع نيوم؟ •• أكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام القادمة ستقدم من المملكة العربية السعودية، صندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين. • ما هي أبرز خصائص منطقة المشروع؟ •• الموقع الإستراتيجي الذي يتيح لها أن تكون نقطة التقاء تجمع أفضل ما في المنطقة العربية، وآسيا، وأفريقيا، وأوروبا وأمريكا، يضاف إلى ذلك النسيم العليل الذي يسهم في اعتدال درجات الحرارة فيها. كما ستتيح الشمس والرياح لمنطقة المشروع الاعتماد الكامل على الطاقة البديلة. • ما هي أبرز الأساسات التي يقوم عليها المشروع؟ •• إطلالته على ساحل البحر الأحمر، الذي يعد الشريان الاقتصادي الأبرز، والذي تمرُّ عبره قرابة 10% من حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى أن الموقع يعد محوراً يربط القارات الثلاث؛ آسيا وأوروبا وأفريقيا، إذ يمكن ل70% من سكان العالم الوصول إلى الموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى، وهذا ما يتيح إمكان جمع أفضل ما تزخر به مناطق العالم الرئيسية على صعيد المعرفة، والتقنية، والأبحاث، والتعليم، والمعيشة، والعمل. كما سيكون الموقع المدخل الرئيسي لجسر الملك سلمان الذي سيربط بين آسيا وأفريقيا، مما يعزز من مكانته وأهميته الاقتصادية. • هل سيشمل المشروع أراضي خارج المملكة؟ •• نعم، سيشتمل مشروع «نيوم» على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، حيث سيكون أول منطقة خاصة ممتدة بين ثلاث دول. • ما هي التقنيات المستقبلية لتطوير «نيوم»؟ •• كثيرة، ويتمثل بعضها في: حلول التنقل الذكية بدءاً من القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، الأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، الرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، الشبكات المجانية للإنترنت فائق السرعة أو ما يُسمى ب«الهواء الرقمي»، التعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، الخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة التي تتيح كافة الخدمات للجميع بمجرد اللمس، معايير جديدة لكود البناء من أجل منازل خالية من الكربون، وتصميم إبداعي ومبتكر لمنطقة «نيوم» يحفز على المشي واستخدام الدراجة الهوائية تعززها مصادر الطاقة المتجددة. وكل ذلك سيوجد طريقة جديدة للحياة يأخذ بعين الاعتبار طموحات الإنسان وتطلعاته، وتطبيق أحدث ما توصلت إليه أفضل التقنيات العالمية. • كم نسبة «أتمتة» الخدمات المقدمة والإجراءات؟ •• %100، بهدف أن يصبح مشروع «نيوم» الأكثر كفاءة حول العالم، وبالتالي يتم تطبيقها على كافة الأنشطة كالإجراءات القانونية والحكومية والاستثمارية وغيرها. بل إن المنطقة بأكملها ستخضع لأعلى معايير الاستدامة العالمية، وستكون جميع المعاملات والإجراءات والمرافعات فيها إلكترونية دون ورق.