* قبل سنوات كنتُ في رحلة عمل إلى (جمهورية جواتيمالا) الواقعة في أمريكا الوسطى، وعند مغادرة مطار عاصمتها، وبعد استلام بطاقات صعود الطائرة، وإنهاء إجراءات الجوازات، تفاجأتُ ورفَيْقَ سَفَرِي ب(موظف الخطوط الجواتيمالية) يأتي إلينا في صالة السفر ليخبرنا بأنه يلزمنا تأشيرة دخول ل(دولة السلفادور) التي سنظل في مطارها عدة سَاعات، ومنها سنعبر في طريقنا إلى (جمهورية نيكاراجوا)؛ مما سيَوقعنا في إشكالات كبيرة هناك؛ وذلك بحسب ما أفاده مكتبهم هناك، الذي اتصلَ عليه حِرْصاً منه علينا - كما قال -، فكان اقتراحه بأن نمتطي رحلة مباشرة إلى (نيكاراجوا)، وهذا ما تَمّ بمساعدته الكبيرة لنَا. * ذلك الموقف، وتلك المبادرة الرائعة والخدمة العظيمة التي قام بها لنا (ذلك الرّجُل الطّيب) الذي لا نعرفه، والذي هو بعيد عَن ديننا وجنْسيّتنا وعرقنا ولغتنا، رَسّختْ لي أن هناك نوعاً من ثقافة العمل تجري في عروق بعض المجتمعات؛ تصنع موظفاً لا يكتفي بمجرد إجراءات عمله الروتينية، بل يتجاوز ذلك ليكون (إنساناً) هَمّه مساعدة العملاء والبحث عن رفَاهيتهم، ومعالجة أية عقبات قد تعترض طريقهم. * (ثقافة العَمل) تلك جاء بها ديننا الإسلامي، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ...)، ولكن وللأسف الشديد ذلك التوجيه، وتلك الثقافة تغيب في ميدان التطبيق عن شريحة من (موظَّفِيْنَا)، الذين يهملون واجباتهم الوظيفية، ويرون في العمل مجرد ساعات يجب أن تُستهلك من اليوم بأية وسيلة كانت إلا أداء مهَامهم ومسئولياتهم!! * (تلك الفِئَة المُفَرّطَة في عملها ورسالتها) هل سيجدي معها «نِظَام البصَمَة» الذي بدأت بعض مؤسساتنا الحكومية في تطبيقه على منسوبيها ولعدة مرات في اليوم؟ لا أعتقد بل مثل تلك الخطوة ستزيد أولئك إصراراً على المكابرة، وستجعل منهم مجرد أجسام حاضرة على المكاتب، لكنها من الإنتاجية خَاوية!!. * فما أراه أن رفع إنتاجية الموظف تأتي من محاولات زرع ثقافة وحُبّ العَمَل، والولاء المؤسسي في شرايينه، وكذا إعطائه حقوقه كاملة غير منقوصة، ثم وضع حوافز مادية ومعنوية تُرْبَطُ بمعدلات إنتاجه الأسبوعية، بحيث يكون هناك حَدّ أدنى من الإنجاز لابد أن يَصِل إليه، فإذا تجاوزه استحق الحَافز بِنَسِب معينة. * صَدقوني تنفيذ مثل تلك الخطوات سيرفع من عطاء الموظفين، وسيضمن تَنَافسيّتهم، وبالتالي الوصول لمحطة العطاء المثمر الذي يحتاجه (وطننا) اليوم في سعيه الجَادّ نحو التّنمية الشاملة والمُستَدامة، وحينها فقط ستكون حكاية (ذلك الموظف الجواتيمالي) هي الثقافة السائدة في مجتمعنا الوظيفي. a a l j a m i l i @ y a h o o . c o m @ a l j a m i l i للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (3) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 (Stc)، 635031 (Mobily)، 737221 (Zain)