سرعة البديهة من الفنون التي يتمنى الكثير من الناس إجادتها واحترافها، لأنها تُظهر مدى ذكاء الشخص وقدرته على التخلُّص من المواقف الصعبة التي تُواجهه في الحياة، وهي تعطي الشخص القدرة على إسكات المتكلم بالحجة والدليل، وتُمكِّنه من إنهاء الكلام. وتحوي كُتب التاريخ الكثير من الأعلام الذين كانوا يتميزون بسرعة البديهة والإجابة الحاضرة والذكاء الفطري الذي يُظهر قوة الشخصية وميل صاحب الجواب إلى الإقحام عن طريق الجواب المسكت والرد الذكي، فأصبحت هذه الردود مشهورة، دعت بعض الكتاب إلى جمعها وتصنيفها. وأبرز ما يُميّزها من حيث الأسلوب أنها تتَّسِم بالإيجاز والوضوح والبساطة، وهي تتنوع بين جديَّة وهزلية، إلا أنها تكون ذات أهمية سياسية أو اجتماعية أو ثقافية. وأصبحت هذه الردود لونًا أدبيًّا ذا طابع خاص، لا يختص بزمنٍ معين، بل نجدها الآن كما كانت قديمًا وعند العرب وغيرهم. دعاني إلى كتابة هذا المقال رسالة بعثها إليَّ أحد الأصدقاء فيها عدد من هذه الردود أترككم معها بدون تعليق: ** ركبت سيدة «سمينة جدا» الحافلة، فصاح أحد الراكبين متهكما: - لم أعلم أن هذه السيارة مخصصة للفيلة..! فردت عليه السيدة بهدوء: لا يا سيدي، هذه السيارة كسفينَة نوح، تركبها الفيلة و(القرود) أيضاً. ** الكاتب الشهير: برناردشو حين قال له كاتب مغرور: أنا أفضل منك، فإنك تكتب بحثا عن المال، وأنا أكتب بحثاً عن الشرف..! فقال له برنارد شو على الفور: صدقت، كل منَّا يبحث عمَّا ينقصه!! ** الأعرابي الأعمى المعروف: بشار بن برد حين قال له رجل ثقيل الدم: ما أعمى اللّه رجلا إلا عوّضه، فبماذا عوّضك أنت؟.. فرد بشار: عوضني الله أن لا أراك وأمثالك. ** تزوَّج أعمى امرأة.. فقالت: لو رأيت بياضي وحسني لعجبت.. فقال: لو كنت كما تقولين، لما ترككِ المبصرون لي!! ** أراد رجل إحراج المتنبي.. فقال له: رأيتك من بعيد فظننتك امرأة!! فقال المتنبي: وأنا رأيتك من بعيد فظننتك رجلًا ** امرأة قبيحة جدًّا قالت لرجل: لو كنت زوجي سوف أسكب في قهوتك سمًّا.. فقال: لو كنتِ زوجتي فلن أتردد في شربها!!! ** قال وزير بريطانيا السمين تشرشل لبرنارد شو النحيف: من يراك يظن بأن بريطانيا في أزمة غذاء! فقال: ومن يراك يعرف سبب الأزمة!!! ** أقبل جحا على قرية فقابله أحد أفرادها قائلا: لم أعرفك يا جحا إلا بقردك. فقال له جحا: القرود تعرف بعضها !!! ** رأى رجل امرأة فقال لها: كم أنتِ جميلة! فقالت له: ليتك جميل لأبادلك نفس الكلام! فقال لها: لا بأس اكذبي كما كذبت! ** كانت امرأة تسوق أربعة قرود وإذا بشابين سائرين بجانبها.. قالا لها: صباح الخير يا أم القرود.. أجابتهما على الفور: صباح النور يا أولادي.