غرَّد أحدهم، قائلًا: «المسلمون فهموا العلاقة مع المختلف دينًا أو مذهبًا، على أنها قتل وتفجير المخالف أينما وُجد، ومتى وُجد، فاليوم فقط هناك تفجير في كنيسة مصرية، وتفجير في مركز شيعي في أفغانستان، ويتكرر هذا العبث والموت الفجائي كل يوم». كهذا، قرأتُ عباراته كما كتبها، لم أنقص منها حرفًا، وكتبتُ تعليقًا على عباراته هذه قائلًا له: «أتمنى أن تعتذر عنها، فالإطلاق للكلام على عواهنه هكذا؛ يقود ولا شك إلى الخطأ الفادح»، فهنا حُكم عمَّ المسلمين كلهم في هذا العصر، ولعل أوّلهم المُغرِّد، وأنا طبعًا، وأحكم على نفسي قبل أن أحكم على غيري، فوالله الذي لا إله إلا هو، الذي هدانا إلى الدين الحنيف، الذي تعلمناه من آبائنا وأمهاتنا قبل أن نتعلمه من أساتذتنا ومشايخنا، وهم بحمد الله كُثر من بلادنا وبلدانٍ إسلامية أخرى، وما رسخ أحد منهم في أنفسنا معنى؛ لهذا نعوذ بالله منه، ونحن الأمة التي وصفها الله في كتابه، حين قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، وقال: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، وكل أمة على وجه الأرض فيها الصالحون المتبعون لما أمرهم به الله، ومنتهون عمَّا نهى الله عنه، وفيها مَن ضل الطريق، فلم يأتمر بأمر الله ولم ينتهِ عما نهاه عنه، وارتكب من الجرائم أبشعها، ولا نزال نسمع عن أخبار من شتى بقاع الأرض، فيها من بشاعة العدوان لأممٍ من حولنا ولا نحكم عليها بمثل هذا الحكم؛ لأن الجريمة بدأت مع وجود الإنسان على هذه الأرض، ولم تخص أمةً دون أخرى، وقد عشنا زمنًا كانت حروب في أوروبا من البشاعة بقدرٍ، مما لا يستطيع الإنسان متابعتها، وتذكر الحربين العالميتين وضحاياها بالملايين، لم يستطع هؤلاء الذين سببوا لنا أن نتهم بمثل هذه التهمة الشنيعة من إرهابيي هذا العصر، وكثير منهم يدربهم أعداء لأمتنا ليفرح بالحكم علينا بأحكام تظهرنا وحوشًا متعطشين للدماء، وأن غالبنا في أوطاننا يحيا حياة المظلومين لا الظالمين، وإذا اتهمنا الأعداء بمثل هذه التهمة التي تعمنا دون أن يكون لها أدلة تثبتها، فإننا لم ننتظر أن يأتي من بيننا من يساعد في اتهامنا بأبشع الجرائم، حتى يقول العدو: وشهد شاهد منكم عليكم بما تقرر عندنا، ويعتصرني الألم وأنا أرى طفلًا في فلسطين تجتمع حوله ثلة من الجنود تضربه الضرب المبرح، وتصوره وسائل الإعلام، وينشر على تلك الوسائل وغيرها، ولا أحد يتهم الصهاينة بما يتهمون بعضنا به. اللهم إنا مستضعفون فانصرنا، وإنا عبادك لا نسعى إلا لرضوانك، فاهدِ قومنا إلى ما يصلح أمرنا وأمرهم، إنك سميع مجيب.