لخصت الدكتورة «سلطانة البديوي»، عضو مجلس الشورى، مأساة البطالة التي يعانيها أطباء الأسنان السعوديون، بقولها: «لدينا بطالة من نوع فخر»، يأتي الوصف ليثبت خواء الوعود التي أطلقتها الجهات المختصة لحل المعضلة، في ظل تزايد الخريجين، وتعذر وجود وظائف للتخصص في القطاع الحكومي، وقالت «البديوي»: «إن لدينا 28 كلية طب أسنان حكومية وخاصة تخرج ما يزيد على 1400 خريج وخريجة سنويًّا، ويعاني كثير منهم البطالة لعدم وجود وظائف، ولعدم رغبة البعض في العمل في القطاع الخاص؛ بسبب الرواتب المتدنية جدًّا، والتي لا تستقطب هؤلاء الشباب حديثي التخرج..»، «المدينة» استجمعت أطراف القضية؛ لتسأل عن أسباب المعادلة الغريبة والمتمثلة في استقدام طبيب وافد، والسعوديون على قوائم الانتظار. طبيب عاطل: لا عدالة في التعامل الخاص بين السعودي والمقيم الدكتور بدران الصفيان - طبيب أسنان عاطل: «إن القطاع الخاص لا يعدل في معاملته للطبيب السعودي والوافد؛ فبينما يحصل الوافد على مرتب ثابت، إضافة إلى نسبة مالية؛ تكتفي بعض المستشفيات الخاصة براتب متدن للسعودي، أو عمولة فقط، في الوقت الذي لا يجد طبيب الأسنان السعودي قبولًا أو تقبلًا من المستشفيات الحكومية أو المتخصصة. نسبة أطباء الأسنان الوافدين بالقطاع الخاص تصل لأكثر من 90 %، ووجود هذا العدد الكبير من العاطلين بين خريجي كليات طب الأسنان في المملكة، وعلى وزارة العمل تدارك الموضوع بجدية، وأن يتم التنسيق مع وزارة الصحة على وضع سقف أدنى لرواتب الأطباء السعوديين بهذا القطاع؛ بحيث تتناسب مع القطاع الحكومي، ولا يمنع وضع شروط وقواعد صارمة في صالح القطاع الخاص، تضمن التزام الأطباء والطبيبات حديثي التخرج الملتحقين بالعمل به، وفق هذه الشروط والقواعد»، وأردف: «إن خصخصة قطاعات الدولة الصحية هي الطريق الأمثل، في ظل عجز وزارة الخدمة عن استيعاب مقاعد أكثر للأطباء، وعجز وزارة الصحة عن التوسع في عدد مراكز الرعاية المؤهلة لتقديم خدمات طب الأسنان». مستشار الإعلام الصحي الصيدلي «صبحي الحداد»، تطرق لسبل التحايل التي تلجأ لها بعض المؤسسات الطبية؛ بغرض الالتفاف على القرار الصادر، بعدم استقدام أطباء غير سعوديين، قائلًا: «لا يستطيع أحد التحايل؛ إذ إن هناك أنظمة وقوانين لا يمكن تجاوزها، فأي ممارس صحي لا بد أن يحصل على تصنيف وتسجيل في هيئة التخصصات الصحية السعودية، وذلك يتطلب الكثير من الوثائق العلمية والإجراءات التنظيمية، واجتياز الامتحان، ثم الحصول على ترخيص مزاولة المهنة من وزارة الصحة، ولا بد أن تتطابق المسميات والمهنة في كل الوثائق الثبوتية المقدمة للجهات المسؤولة، كالشهادات الجامعية، وشهادات الخبرة، وجواز السفر والإقامة وغيرها». وبخصوص الإحصائية التي تفيد بالحاجة إلى 3500 طبيب، لتشغيل أكثر من 2280 مركزًا صحيًّا في مختلف مناطق المملكة، في وقت يعاني فيه أطباء الأسنان السعوديون من بطالة غير مبررة - يقول د.الحداد: «أرى أنه لا توجد بطالة حقيقة في طب الأسنان، بل هي بطالة وهمية، وأتذكر منذ سنوات، كانت هناك وظائف كثيرة لأطباء الأسنان في مدن وقرى على امتداد المملكة، لكنهم كانوا يرفضونها؛ بحجة بُعدها عن مدينتهم، وكان كل طبيب أسنان يرغب في وظيفة في نفس المدينة التي يسكنها، بل إن بعضهم كان يطلب وظيفة في الحي الذي يسكنه، أو في مركز أو مشفى مجاور لمنزله؛ لذا بقيت الكثير من عيادات الأسنان في القرى والهجر والمدن الطرفية خاليةً من الطبيب السعودي، عكس الطبيب الوافد الذي يقبل العمل في أي مكان». ويضيف الحداد: «للتغلب على هذه المشكلة، لا بد من تطبيق بعض الحوافز المعنوية والمادية للطبيب، الذي يعمل في تلك المراكز الصحية البعيدة، ويكون له الأولوية في الترقية والنقل، بعد قضاء مدة معينة، وأيضًا يكون له استثناءات معينة، أو تفاضل لدى هيئة التخصصات الصحية بحساب ساعات مضاعفة له. كذلك تشجيع الدراسات العليا في تخصصات طب الفم والأسنان وجراحة الوجه والفكين». د.لبنى الأنصاري عضو مجلس الشورى السابق قالت: «ازداد عدد كليات طب الأسنان الحكومية والخاصة في المملكة، دون أن يواكب ذلك زيادة في عدد الوظائف المتاحة أو المقاعد التدريبية في برامج الدراسات العليا. والمنطقي أن يستوعب القطاع الخاص كل هذه الأعداد في المدن الكبرى، ولكن كثيرًا من الخريجين الجدد لا يرغبون في ذلك، وأتصور أن القطاع الخاص لا يرغب فيهم، ولا يمكن أن تكون هناك جهة واحدة مسؤولة عن هذا الوضع. وإذا افترضنا أننا بحاجة إلى طبيب أسنان لكل 1500 -2000 في المملكة، فنحن بحاجة إلى 18-20 ألف طبيب أسنان بحلول عام 2025م، أي أننا نحتاج أضعاف العدد الحالي للخريجين لتلبية احتياجات المواطنين خلال 8 سنوات. نحن بحاجة للتنسيق بين الوزارات المعنية (التعليم، التخطيط، العمل، الصحة والخدمة المدنية وكذلك جمعية طب الأسنان واللجنة الوطنية للسكان)، ولكن ليس بهدف تقليل الأعداد، بل بهدف إيجاد الحلول كاستحداث الوظائف لهم وتأهيل أطباء الأسنان، على النحو الذي يجعلهم قادرين على العمل في المناطق النائية والمدن الصغيرة وخارج المستشفيات والمؤسسات الكبرى، وقادرين كذلك على العمل مباشرة في القطاع الخاص». وأضافت: «نحن بحاجة إلى أساليب إبداعية ومبتكرة؛ لإيجاد الحلول للعمل والتدريب، ولكن بالتأكيد ليس بالإجبار فقط بوضع الحوافز المادية والمعنوية»، وقالت: «نحن بحاجة لتدريب الكوادر الأخرى المعنية بصحة الأسنان أيضًا، وليس الأطباء فقط، ولعل برامج تحقيق الرؤية 2030، والمتعلقة بالصحة بشكل عام - تتعمق في أمور كهذه، آخذةً في الاعتبار الإسقاطات المستقبلية والاحتياجات الفعلية للسكان». الأنصاري: نحتاج ل20 ألف طبيب أسنان بحلول عام 2025 أرقام في أطباء الأسنان المتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية «حمد المنيف»، نفى الموافقة على التعاقد، أو تجديد التعاقد لغير السعوديين في الجهات الحكومية، في حالة توفر مواطنين سعوديين يحملون المؤهل المناسب لشغل هذه الوظائف، وأكد أن نظام «جدارة» هو نظام آلي للمفاضلة بين المتقدمين والمتقدمات على الإعلانات الوظيفية، ومنها إعلان الوظائف الصحية، وفق عناصر للمفاضلة، والمتمثلة في 80 نقطة للمعدل و20 نقطة للأقدمية. وبَيَّنَ أنَّ وزارة الخدمة المدنية تعلن ما يردها من وظائف للجهات الحكومية، وليس لها أي علاقة في تحديد عدد وجنس ونوعية هذه الوظائف؛ حيث إن دورها يتمثل في شغل الوظائف التي ترد لها من الجهات الحكومية، كما تعمل الوزارة على حث الجهات على إدخال احتياجها في المواعيد المحددة لكل إعلان، حسب الجدولة الزمنية لخطة الإعلانات الوظيفية، وذلك في نظام «احتياج» الإلكتروني. وقال: «إن وظائف الخدمة المدنية تحدث دون تحديد جنس من سيشغلها، وبالتالي الخيار في شغلها متاح للجنسين». وأردف «المنيف» إلى أنه تم طرح 4 إعلانات للوظائف الصحية للعام المالي الجاري، وبلغ إجمالي عدد وظائف طبيب الأسنان المقيم المعلن عنها في هذه الإعلانات 992 وظيفة. العمل: لا تعليق «خالد أباالخيل» المتحدث الرسمي بوزارة العمل والتنمية، تحفظ على دور الوزارة في حماية أجور الأطباء السعوديين في القطاع الخاص، وهل من آلية تحدد السقف الأعلى والأدنى للمرتبات المالية، في ظل شكوى الخريجين من تدني المرتبات، واكتفى بالتعليق على أن وزارته أوقفت استقدام أطباء الأسنان، وكذلك إيقاف تعديل المهن.