* تعود بي ذاكرتي إلى بداية التسعينات؛ حين تم البدء في بث القنوات الفضائية العربية، وبالطبع كان العالم حينذاك أقل توترًا وأكثر قابلية للعيش فيه، حتى تلك الفترة تخللتها فترات اضطراب من البعض ممن يدعون التدين فقاموا بتكسير الأطباق الفضائية، بل وبعضهم قام بتحريم وتجريم من يملك تلك القنوات.. وقد عارضت تلك الفئة إنشاء القنوات الفضائية بحجة أنها غير أخلاقية.. وحاليًا، لا أعتقد بأن هناك بيتًا سعوديًا يخلو من التلفاز. بل وتزاحم في تلك الشاشة الصغيرة الكثير من معارضي التلفاز في السابق ليبثوا من خلاله الآن أفكارهم وتوجهاتهم. فإلى متى سنؤجل تأسيس دار للسينما أو الأوبرا أو المسرح لينعم كل واحد منا بقضاء يوم ترفيهي ممتع مع عائلته وأطفاله ليصقلوا من خلال تلك الوسائل معارفهم ويطلعوا على العادات والثقافات المختلفة بما لا يؤثر بالسلب على مفاهيمنا ومعتقداتنا.. وقد كنت في آخر رحلة لي خارج المملكة أزور السينما يوميًا لتلبية رغبة صغاري بحجة «ما عندنا سينما في جدة». * كم هي محزنة حالة الرهاب التي أصبحت تحيط بالناس من تفشي الإرهاب والسرقات والدهس والطلقات العشوائية بل والمتعمدة. أصبحنا نحسب ألف حساب قبل التخطيط لرحلة صيفية خارجية.. فالكوارث الإرهابية أصبحت تفاجئنا في كل لحظة وفي أي مكان من هذا العالم تبث الذعر في نفوسنا؛ نلتفت يسرة ويمنة في أي مطعم أو حديقة انتظارًا لظهور داعشي أو إرهابي أو حتى مختل نفسي بأي سلاح كان أسود أو أبيض أو رماديًا. * من المسؤول عن تفشي الكراهية في قلوب من حسب نفسه يدافع عن الدين بقتل عشوائي دون تمييز أو تفريق بين ملة أو دين؟ لماذا أصبح لقب «متدين» مقتصرًا على فئة معينة من الخلق فقط من باب الشكليات أو الكماليات؟ وبالأصل مفردة متدين في اللغة تعني المتعبد وليس المتشدد. وأنا على خلاف البعض، أؤمن بأن المهادنة للأفكار المتطرفة لن تحد من التطرف بل «تزيد الطين بلة»؛ كالإرهاب الذي أصبح داميًا في كل مكان وكل وطن. * حين يغرد أو يصرح أو يتحدث بعض من يتخفى بلباس العلماء، يستطيع أن يجد له منفذًا في قلوب الشباب ويمكن أن ينتهج نهج التحريم والتحليل وخلق البدع في الدين. وبذلك نخلق الفئة المختلة بسبب التضاربات الذهنية التي يعيشونها. الدين الإسلامي فيه من السماحة ما يجعلنا نقبض عليه كالجمر. والحياة بدلا من أن نعتبرها زائلة وعبثية.. نغتنمها ونعيشها للمرة الواحدة.