للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركنه الأساس في سلامة الدولة والمجتمع يلخصها حديث السفينة الذي مفاده أن ركّاب السفينة إذا قام أحدهم بخرقها وتركه البقية وشأنه، فإن مصير الجميع الحتمي هو الغرق.. ويكون ذلك إذا فهمنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما جاء في النصوص الجامعة فهو يشمل الأمور الدينية والأخلاقية والمالية والإدارية، وبهذا الفهم الشامل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتفق الجميع على ضرورته، كضرورة سلامة الطعام لصحة الإنسان، وفي بلادنا يتمثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعناه الشامل في عدة جهات، كالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهيئة محاربة الفساد، وإدارة المباحث الإدارية وغيرها.. ولو أمعنا النظر في الجهات المعنية بمحاربة الانحرافات والفساد بأنواعه وأصنافه لوجدناها جميعها لم تصل إلى المرضي منها.. فبعضها لم يصل إلى مواطن وأعماق الفساد وبقي أثرها محدود.. وأخرى بالغت في تتبع المخالفات الدينية والأخلاقية بشكل غير مسبوق حتى دخلت في شد ودفع مع المجتمع.. -وهنا نحتاج إلى وقفه عميقة لمنظومتنا الإدارية برمتها-. وفي هذا السياق أتى تغيير نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أمر أملته الحاجة والمتغيرات، وهو جزء من النشاط الإصلاحي في البلاد، لكن الملفت للنظر هنا هو أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تتأقلم مع النظام الجديد، بدليل بقاء أقسام القضايا والمناوبين والتقارير الميدانية على حالها قبل تغيير النظام، وهي أمور مرتبطة بالصلاحيات السابقة!! كما أن الهيئة لم تقم باستحداث أنظمة وإجراءات تتوافق مع النظام الجديد، ولم تقم بتدريبات لأعضائها على النظام الجديد للتأقلم معه وإتقان العمل في ضوئه، فلم يعد الأعضاء في حاجة إلى أنظمة الإجراءات الجزائية والاستيقاف والقبض.. بل هم في حاجة ماسة إلى تعلم المواعظ وطرق الإقناع، وإجراءات البلاغات، وفي الجملة كما ذكرنا سابقًا سيكون هذا نقصًا في منظومة محاربة الفساد بأنواعه وأشكاله، ولا يوجد دولة في العالم إلا ولها نصيب من محاربة الفساد الأخلاقي بشكل أو بآخر.. لكن كلا على حسب مفاهيمه وطرقه وأساليبه، لذلك يجب التأكيد على منسوبي هيئة الأمر بالمعروف أن يكونوا خلاقين في التألق مع النظام الجديد والاصطباغ بصبغته تمامًا، وإلا وقتها سنقول لمنسوبيها: قل هو من عند أنفسكم.