أكد المهندس عبدالله رضوان رئيس لجنة المقاولين بالغرفة التجارية بجدة أن تطبيق عقد فيدك بنسخته السعودية يقضي على 80 إلى 90% من مشكلات قطاع المقاولات الذي يعتمد على الإنفاق الرأسمالي على المشروعات والذي وصل إلى 250 مليار ريال سنويا؛ قبل تراجع أسعار النفط. ودعا في حوار ل «المدينة»، إلى ضرورة إعادة النظر في نظام ترسية المشروعات لإنهاء الخلافات حول المواصفات الفنية التي تؤدي عادة إلى التأخير والتعثر، مشددا على أهمية تحقيق المعادلة المتمثلة في ترسية المشروعات بأسعار منخفضة، وكذلك الحصول على أعلى مواصفات فنية، وأجود النتائج. ولفت رضوان إلى أن 80 % من الأراضي البيضاء، تتمتع ببنية تحتية جيدة، مشيرا أن ارتفاع أسعارها يقلص فرص الاستفادة منها، وحل أزمة الإسكان، داعيا وزارة الإسكان إلى ضرورة تطوير أدائها لمواكبة الزمن، وشدد على أهمية أحكام الرقابة على أعمال ترسية المشروعات واستلامها وصرف المستحقات في مواعيدها. فإلى نص الحوار: تحديات صناعة المقاولات كيف تنظرون إلى مستقبل صناعة المقاولات في ظل ما يحيطها حاليا من إشكاليات وتحديات تهدد عودتها للانتعاش مجددا؟ المقاولات قطاع هام، من القطاعات العاملة في المملكة، يضم أكثر من 2.8 مليون يد عاملة، كما أن الدخل الذي يحققه، يعتبر الثاني بعد النفط، وقد حاز على نصيب كبير من الإنفاق الرأسمالي، الذي بلغ متوسطه خلال السنوات السابقة إلى 250 مليار ريال، كما أنه من القطاعات المولدة للوظائف على نطاق جيد لارتباطه بعشرات المهن والصناعات، وبالتالي يساهم في مشكلة البطالة، التي تعتبر أحد التحديات الخطيرة التي تواجه الاقتصاد الوطني خاصة خلال الفترة الأخيرة. ونحن نستشعر مدى ضخامة المشكلات التي يواجهها، وأثرها على الحالة الاقتصادية بشكل عام، ويمكن تلخيصها في نظام المشتريات الحكومي، الذي لا يعتمد قواعد شفافة للتعامل، وهو ما يحتم إعادة النظر فيه، وكذلك بيئة العمل التي تتطلب تدخلا؛ لتعديل بعض بنود الأنظمة الحاكمة للعمل في هذا المجال، وبعد شكاوى متكررة من عقود المقاولات التي كانت تشبه ما يمكن أن نطلق عليه عقود الإذعان، قرر مجلس الوزراء الاسترشاد بقعد فيدك الدولي، والذي ستحل النسخة السعودية منه أكثر من 80% إلى 90% من مشكلات القطاع؛ لما يمثله من حماية للجهة المتعاقدة، وكذلك للمقاول، لكني هنا أود طرح وجهة نظر، أدعو من خلالها إلى الإسراع في تنفيذ قرار المجلس الوزراء بالاسترشاد بهذا العقد، وإنهاء الدراسات الخاصة به سريعا؛ لأن دخوله حيز التنفيذ كلما كان أسرع، كلما ساهم في انتعاش العمل، وحوله إلى قطاع نام وقادر على مواكبة تطلعات رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020. مستحقات المقاولين إلى أي مرحلة وصل ملف مستحقات المقاولين المتأخرة؟ هذا الملف يعد من أهم المعوقات التي تواجه القطاع العقاري، وخلال السنوات الأخيرة، كان هناك انتظام في سداد المستحقات؛ إلا أن التطورات الاقتصادية التي شهدها العالم، في العامين الأخيرين، وأبرزها التراجع الحاد في أسعار النفط، كان لها أثر كبير على القدرة الحكومية على سداد المستحقات بانتظام، بعد أن صارت المبالغ المخصصة للإنفاق الرأسمالي، غير كافية لجميع المشروعات، وإذا أضفنا إلى ذلك ضعف الرقابة في أعمال الترسية، والاستلام؛ وما يؤدي إليه ذلك من عدم إتمام المشروعات على الوجه الأمثل، وبالتالي وقوع أزمات تؤخر صرف مستحقات المقاولين، نجد أنفسنا أمام مشكلة متعددة الجوانب، وأرى أن الحل يكمن في إعادة النظر في المشروعات، ودورها في الإنتاج، وكذلك إحكام الرقابة على أعمال ترسية المشروعات، واستلامها؛ مما يجبر المقاولين على إنهائها وفق المواصفات المتفق عليها، وبالتالي عدم تعطل العمل عن موعده الرسمي، فيتم صرف المستحقات بانتظام. وهناك مشكلة أخرى أود طرحها، وهي أن تأخر المستحقات أيا كان سببه؛ يؤدي لمطالبة المقاولين بتعويضات عن التأخير؛ لتغير أسعار الخامات وكذلك أجور العمالة؛ وأتمنى حل الأزمة، بناء على تصريحات وزير المالية مؤخرا، والتي أكد خلالها إعادة النظر في مستحقات المقاولين، خلال الفترة القليلة المقبلة. الأراضي البيضاء مرفقة كيف ترى ملف العقارات في المملكة بشكل عام؟ هذا الملف يحوي الكثير من المشكلات، المتعلقة بالأسعار، وأزمة السكن، وغياب الرؤية للاستفادة من الأراضي البيضاء، فعلى سبيل المثال، لدينا 80 % من الأراضي البيضاء، مرفقة، وتضم بنية تحتية جيدة، ورغم أنها لا تحتاج أي نفقات بحالتها الراهنة، فإن أسعارها في ارتفاع دائم، وهو ما يحتاج إلى آلية لتخفيض هذه الارتفاعات في الأسعار، حتى تتعاظم فرص تمليكها، وبالتالي ننهي أزمة الإسكان التي نعاني منها منذ سنوات دون حلول جذرية، وعلى الرغم من الطروحات المتنوعة سواء فيما يتعلق بالتمويل والشراكات مع الداخل والخارج، إلا أنه لم يتم تحقيق الاختراق المنشود إلى الآن. ما أبرز المعوقات الأخرى التي تواجه قطاع التشييد والبناء ؟ أول ما يواجه القطاع، مشكلة العمالة، والتي تحتاج إلى التنسيق مع وزارة العمل؛ لتوطين الوظائف، والاستعانة بتجارب الدول التي سبقتنا في هذا الشأن مثل ألمانيا التي فتحت معاهد في القرى، وسمحت لخريجي الابتدائية باستكمال تعليمهم في بعض الحرف المهمة، وهو ما صنع جيلا أمكنه بيسر التوطين في المقاولات؛ وانتهت أزمة العمالة تماما هناك، وأدعو لاستلهام مثل هذه التجارب النافعة، في ظل موسمية صناعة المقاولات؛ لتفادي صعوبة التوطين بها. إعادة النظر في المناقصات بعض رجال الأعمال يطالبون بإعادة النظر في نظام المناقصات فما تعليقك؟ لعل نظام المناقصات، ونظام المشتريات، وجهان لعملة واحدة، وكلاهما بحاجة إلى إعادة نظر؛ لتحقيق عدد من الأهداف منها زيادة الرقابة، لضمان مزيد من الشفافية في إجراءات الترسية، وإيجاد آلية علمية واضحة، لإحداث التوازن بين أسعار المشروعات التي يجب أن تكون منخفضة، والمواصفات الفنية التي يتعين أن تكون على أحسن ما يكون، كما يجب أيضا تأهيل المقاول ليكون ملما بالمناقصات، وأنظمتها، وبالتفاصيل الفنية الدقيقة للمناقصة التي ينافس عليها؛ حتى لا يتعرض لسحب المشروع منه، بعدما يكون قطع شوطا في أعماله، وأضاع وقتا وجهدا ثمينين، كما أن الخلاف حول مواصفات المشروعات، يؤدي في النهاية إلى التعثر، وتأخرالمستحقات، وتوقف المشروعات. أزمة الشركات الصغيرة والمتوسطة ما الحلول الواجب توفيرها للشركات الصغيرة والمتوسطة؟ ميزة المقاولات أنها لا تحتاج لرأس المال، بقدر حاجتها للإدارة الفنية الواعية؛ لذا فنحن بحاجة أولا إلى حل مشكلات العمالة الوافدة، وإقامة أفرادها، وإعادة تنظيم عمل القطاع بشكل عام، وإنهاء أزمات العقود، والمستحقات التي تتأخر، والقضاء على أسباب كل ذلك من منبعها، وأكرر في هذا الصدد المطالبة بسرعة إنهاء عقد فيديك، الذي سيحل الخلافات بين جميع الأطراف، كما يجب التركيز على كود البناء السعودي؛ لضمان جودة العقارات، خاصة وأنه تم دراسته منذ سنوات، وبدأت فيه المملكة من حيث انتهت الدول الأخرى، ولم نعد بحاجة إلا إلى تفعيله، مع عقود فيديك، بما سيعطي دفعة، وأهمية كبرى للاستشاري في إدارة مشاريع المقاولات، وإذا أضيف لذلك إعادة تنظيم نظام المشتريات الحكومي، وفق دراسة دقيقة ومتطورة، سننهي تماما على أزمات القطاع، وسيتحول إلى قاطرة يمكنها، قيادة التنمية بالمملة، خلال السنوات المقبلة. الاستثمار في المدن الصغيرة ما أسباب عزوف بعض رجال الأعمال عن الاستثمار في المدن الصغيرة؟ المدن الصغيرة تحتاج إلى نظرة متطورة، تضع في اعتبارها مقومات المستقبل، إذ يجب إقامة مناطق منتجة، وجاذبة للاستثمار بمختلف المدن الصغيرة، حتى يمكنها استقطاب رجال الأعمال، الذين لن يذهبوا إلى هناك، إلا عندما يدركوا أن احتياجاتهم متوفرة، وأن مشروعاتهم ستغطي تكلفتها، وتحقق أرباحا، ومن أجل ذلك يجب تأهيل هذه المدن أولا، وزيادة معدلات مشروعات المقاولات، لصنع بيئة جاذبة للاستثمار، ويجب التوسع في إقامة المراكز الاقتصادية المنتجة مثل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية الأمر الذي يحقق جانبا اجتماعيا مهما، وهو الهجرة المعاكسة، التي تستقطب السكان من المدينة. بماذا تفسرون حالة الغموض التي ما زالت تكتنف ملف المشروعات الصغيرة؟ إزالة هذا الغموض يقتضي تعريف المشروعات الصغيرة، والمراد منها، والاختلافات بينها والكبيرة، كما يجب إيجاد بيئة مناسبة لمزيد من المشروعات الصغيرة، عبر ما يمكن أن توفره المؤسسات الضخمة من مشروعات صغيرة تنبثق منها، ليحدث الانسجام والتعاون بين الجانبين وليس المنافسة التي أطاحت بعشرات المشروعات من السوق. أنت واحد من أبناء المدينةالمنورة فكيف استثماراتك بها؟ أنا كمقاول كنت أول من بدأ في إنشاء مشروعات في المنطقة المركزية، وكانت الشروط الموضوعة ألا يدخل مقاول إلا بمميزات معينة، وحققت نجاحا جيدا، وأحب أو أوضح أن المدينة لديها دخل جيد، وإنتاجية متميزة، وتتمتع بصناعات خاصة، تغذي نفسها، مثل صناعات الأغذية، والتمور، وتتميز بروحانية عالية، ورغم أن كل منطقة لها وقت تنشط فيه، فإن المدينةالمنورة، ومكة المكرمة، تظلان دائما قابلتان للتوسع على جميع الأصعدة. مستقبل الشركات العائلية ما مستقبل الشركات العائلية برأيك؟ الشركات العائلية مهمة جدا للسوق، لكنها تحتاج إلى دراسة أوضاعها في ظل الانتقال من جيل إلى آخر مما يؤثر على ثقافة الشركة، وتعاطيها مع متغيرات النشاط الذي تمارسه، الأمر الذي يحتاج إلى مرونة كبيرة؛ حتى يمكنها الاستمرار في الأداء بشكل يحقق نمو أنشطتها، وأرباحها، وخدمة الوطن في النهاية، كما يجب وضع أنظمة محكمة لأداء الشركات العائلية من جميع الجوانب، لأن واحدا فقط من ملاكها، قادر على تدميرها، وتحويلها إلى مأساة، وليس شركة ناجحة، ولعل هناك تجارب ماثلة أمام الجميع تستدعي هذه الدعوة. كيف تنظر إلى تجربة رواد الأعمال؟ الشباب هم عماد المجتمع، وأهم عناصره، لذا فالقضاء على المشكلات التي تواجههم ضرورة ويجب إيجاد لغة تفاهم تدفعهم لاحترام ثقافة القيم، والتركيز على العقيدة، والتربية، والصدق، والقضاء على الفكر الذي بدأ يسود حاليا، بأن التخلي عن القيم، هو وسيلة النجاح، وذلك يأتي من مرحلة المدرسة، حيث يجب العمل خلالها على تكوين شخصية الطفل، وفق آليات العصر الجديد، بما يكرس مبادئ الصدق، والأمانة، والإتقان، والأداء المهام بإخلاص، وجهد، ومثابرة. أزمة الإسكان كيف تتفاعل الغرف التجارية مع التحديات وخاصة رؤية 2030 ؟ يجب على الغرف التجارية أن تشارك في رؤية 2030، وعندما وجدنا أزمة الإسكان تتفاقم أنشأنا لجنة للتشييد والعقار، وتم تحديد رؤية للإسكان، وطرق التعامل مع أزمات هذا القطاع، شديد الحيوية، ومنها: مشكلة الأراضي مرتفعة الثمن، كما يجب النظر للإسكان على أن مشروعاته لا بد لها من هوية تراعي جميع الطبقات، ولاسيما محدودي ومتوسطي الدخل الذين يمثلون الشريحة الأكبر في المجتمع. وهل هناك تنسيق مع وزارة الإسكان في هذا الشأن؟ مشكلة وزارة الإسكان أنها تشرع أمورا عدة، في ظل وقت ضيق، كما أخذت على عاتقها العديد من المهمات، مما يجعلها متأخرة عن مواكبة تطور الزمن، ولذا فهي بحاجة إلى كوادر قوية، قادرة على تسريع وتيرة العمل، واستشراف المستقبل، بما يحقق الأهداف الطموحة للقيادة. ما تقييمك لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة وأثرها الاقتصادي على مختلف القطاعات؟ أمريكا واحدة من كبريات دول العالم، وتتمتع بقدرات اقتصادية، وعلمية هائلة؛ لذا فإننا مطالبون بالاستفادة من الإمكانات الضخمة التي توفرها العلاقات الاستراتيجية معها، لا سيما أنهم ينفذون جميع مخرجات أبحاثهم، وبالتالي فإن تعميق التعاون معهم، سيكون مفيدا بشدة للمملكة في تلك المرحلة المهمة، من الانطلاقة النهضوية التي بدأت وتيرتها في التسارع على الأصعدة كافة، ويجب أن نعلم أن تنامي التعاون بين الرياض وواشنطن، وبخاصة بعد الاتفاقات التي تم توقيعها عقب الزيارة الأخيرة، للرئيس الأمريكي إلى الرياض، سيكون له أثر إيجابي على تدفق الاستثمارات، وإطلاق حزم من المشروعات المهمة، التي توفر وظائف كثيرة، كما أن وجود شركات أجنبية في السوق السعودي، من تلك النوعية عالية الجودة، والكفاءة؛ سيكون أمرا ذا مردود جيد على الشركات المحلية، التي ستضطر إلى رفع أدائها؛ حتى تبقى داخل حلبة المنافسة، وهو ما يعود بالنفع على المواطن، وعلى الاقتصاد الوطني، ونحن بحاجة لتطبيق الأفكار الحديثة، وعدم التوقف عند التعامل النظري، إذ أن حسن التطبيق يخلق رؤية واسعة في المجالات المختلفة، ويحقق النمو الاقتصادي اللازم لمواجهة التحديات الراهنة. وما انعكاسات الاتفاقات مع أمريكا على رؤية 2030؟ جميع الاتفاقات التي تم توقيعها من أمريكا، أو غيرها من دول العالم، تراعي رؤية 2030، وتسعى لخلق مرحلة تحول؛ تنتقل بموجبها المملكة إلى مصاف الدول الصناعية، التي توطن الوظائف لأبنائها، وهو أمر تمتلك السعودية مقومات تنفيذه، في ظل مرونة الرؤية المطروحة للمستقبل، وقدرتها على استيعاب المتغيرات، فضلا عن اتساع رقعة الدولة، وبالتالي تمتعها بعناصر مختلفة للإنتاج، وفق ما تتميز بكل كل منطقة، ومحافظة.