المدينة المنورة- جازي الشريف .. ما هي أسباب تعثر المشاريع الحكومية؟ طرحنا هذا السؤال على العديد من المسؤولين والأكاديميين ورجال الأعمال والمقاولين لنتعرف على الأسباب الحقيقية لتعثر المشاريع بعد أن لاحظنا أن بعض الجهات الحكومية تسحب المشروع من المقاول لتعطيه لمقاول آخر بعد أن تعثر الأول عن تنفيذ المشروع. هذه القضية تلامس السوق المحلية مباشرة وتؤثر على حجم العمل فيه وفي السنوات الأخيرة كثرت المشاريعة المتعثرة واصبحت ظاهرة تتسبب في تأخير التنمية وتشكل عبئاً على الاقتصاد وتعطل تنفيذ مشارع أخرى وحول هذا كان لنا هذا الاستطلاع: معالي أمين المدينةالمنورة الدكتور خالد طاهر قال:" لا يوجد سبب واحد حتى تتم معالجته وتفادي الوقوع فيه ,التعثر يختلف من مقاول إلى آخر ومن مشروع إلى آخر ونرى من بين هذه الأسباب عدم أهلية بعض المقاولين والشركات في تنفيذ بعض المشاريع الكبيرة فقد تكون مؤسسة أو مقاولا محدود الإمكانات ويدخل في مناقصة لتنفيذ مشروع أكبر من إمكاناته ليتفاجأ اثناء تنفيذ المشروع أن العمل أكبر من قدراته وتبدأ مشاكل التنفيذ على أرض المشروع لذلك يجب أن يكون مع تقديم العطاءات في المناقصة ملف يوضح وضع المقاول وما لديه من معدات وعمال وهل هي تتوافق مع هذا المشروع. كذلك يجب أن يلتزم المقاول الرئيسي بتنفيذ العمل وعدم ترسيته على مقاول آخر من الباطن - كذلك وهذا مهم على الإدارة صاحبة المشروع متابعة المشروع من أول يوم وصل إلى اشكالات أو معوقات للمقاول وحبذا لو تكون هناك مرجعية للشركات والمقاولين للرجوع إليها لمعرفة انضباطية المقاول في تنفيذ المشروع وهل لديه مشاكل سابقة. بالمناسبة نحن في أمانة المدينةالمنورة ولله الحمد لا يوجد لدينا مشروع متعثر وإن حدث تأخير شيء بسيط في الوقت تتم معالجته - حكومتنا الرشيدة,حفظها الله,لم تدخر شيئاً في تنفيذ المشاريع ويبقى الاهتمام وعدم التهاون من قبل هذه الشركات والمقاولين والمتابعة الدائمة والحريصة من الإدارة صاحبة المشروع. المتحدث الإعلامي لإدارة تعليم منطقة المدينةالمنورة الأستاذ عمر برناويقال:" مع الأسف حتى إدارة التعليم اكتوت بنار بعض المقاولين في تعثر تنفيذ مباني مدرسية لعدة أسباب مختلفة مما اضطر الإدارة لسحب بعض هذه المشاريع وهي عبارة عن مباني مدرسية في بعض محافظات المنطقة.الشيء المحير أن مقاولا لا يستطيع اكمال مبنى مدرسي خلال الفترة المحددة له في العقد ويعود ذلك لعدة أسباب منها أن المقاول ليس مؤهلا لتنفيذ مثل هذه المشاريع وليس لديه العمالة الكافية في تنفيذها ومع ذلك يتقدم خلال المناقصات بعطاء ويؤكد إمكاناته في التنفيذ حسب الوقت والمواصفات ولكن بعد استلامه للمشروع تظهر مشاكله..ولكل مقاول مشكلة مختلفة لذلك يجب أن يكون هناك تقويم وتقرير من جهات مختصة حول هذه المؤسسة أو المقاول عن إمكاناته البشرية والمعدات حتى لا تتعثر المشاريع. وقال الأستاذ ماجد الحربي المدير العام لشركة المقاولات والمشاريع:مشكلة تعثر المشاريع يأتي في الخطوة الأولى من المقاول المنفذ لأن هناك شركات تأخذ مشاريع كبيرة أكبر من إمكاناتها ولا تملك المعدات الضخمة التي تتناسب مع المشروع وهذه إحدى أسباب تأخير المشاريع وكذلك بعض المقاولين الكبار يأخذون مشاريع عديدة ويرسونها على مقاولين من الباطن أقل إمكانات ونقطة أخرى مهمة أن بعض الجهات صاحبة المشروع لا تلتزم بدفع المبالغ التي عليها للمقاول مما يجبر المقاول على التوقف لحاجته للسيولة لدفع رواتب العاملين وحين تتأخر الإدارة في دفع المستحقات حتماً سيتوقف العمل في المشروع.كذلك بعض الإدارات تقوم بإدخال تعديلات على المشروع اثناء العمل والغاء ما نفذ وهذا يسبب خلافا بين المقاول والجهة المستفيدة ويحدث مشاكل بهذا السبب ويتوقف المشروع ويتأخر تسليمه. وقال المهندس محمد الشريف من مكتب الاستشارات الهندسية:أسباب تعثر المشاريع تشترك فيه حتى الإدارة ذات المصلحة لأن هناك إدارات ترسي المشروع وفترة التسليم بعد ثلاث سنوات وحين ترسيته على المقاول لا تتابع خطوات العمل أولا بأول وكأن المشروع لا يعنيهم يأتون بعد مضي عامين من بداية المشروع أو أن الزمن المتبقي قد شارف على الانتهاء للاطلاع على المشروع وتبدأ المشاكل مع المقاول لماذا تأخر ولو كانت هناك متابعة من الأول لكان أفضل كذلك إرساء المشاريع يجب أن لا يكون على من قدم سعراً أقل بل يجب أن يعرف وضع المقاول المادي جيداً واستعداداته هناك بعض المقاولين يستأجرون معدات من السوق وليس لديهم الإمكانات والمعدات لذلك يتأخر أو يتعثر المشروع. الدكتور عيسى القايدي المشرف على المركز الإعلامي بجامعة طيبة قال: الخطأ الكبير الذي يرتكبه العديد من المقاولين وشركات المشاريع هو إعطاء المشروع لمقاول من الباطن بدون معرفة إمكاناته وهذا المقاول من الباطن أخذ أجزاء من المشروع بمبلغ متواضع ويكتشف في أثناء العمل خسارته فيحمل معداته المحدودة ويختفي ويبقى المشروع معلقا لذلك يجب أن يكون من أهم شروط ترسية المشروع يجب أن يعطى لمقاول أو شركة كبيرة تتناسب مع أهمية المشروع ويشترط عليها عدم تسليمه لمقاول من الباطن وأنها هي المسؤولة أمام الإدارة بتنفيذه حسب المواصفات ومدة العقد مع وضع غرامات مالية مشددة اثناء الاخلال بمدة العقد أو مواصفاته. حقيقة قائمة فعلا: وقال الأستاذ عبدالله بن علي الصائغ: تعثر المشاريع حقيقة قائمة منذ سنوات وليست قضية جديدة وهذا في الواقع ما يحتاج إلى المسارعة بايجاد الحلول المناسبة خصوصا وبلادنا صارت تشهد ميزانيات ضخمة في السنوات الأخيرة هي بالترليون فكيف يكون عندنا كل هذا الخير ويقابله للأسف هذا التعثر الكبير في المشاريع بشكل يقترب من كون المسألة أصبحت أقرب ما تكون إلى الظاهرة. نحن في الواقع نحتاج إلى حلول حاسمة وصارمة من الجهات الرسمية وأظن السبب في استمرار مشكلة تعثر المشاريع هو غياب استراتيجية صارمة ومحكمة ضد التعثر وكنت في الواقع اتمنى لو تم التعاطي مع مشكلة تعثر المشاريع عندنا على أنها قضية تنموية وطنية خطيرة. نحن بحاجة إلى أن نعترف بالمشكلة وأن نبدأ في إعداد الحلول المحكمة للقضاء عليها لأن المشاريع المتعثرة عندنا لم تعد بالعشرات بل صارت بالمئات ولابد من وضع حد حاسم وقوي لاجتثاثها من جذورها. . 450 مشروعاً متعثرا:ً وقال الأستاذ إبراهيم مصطفى شلبي إن تعثر المشاريع المحلية علامة على خلل كبير ولذلك فان أي نظرة إلى عددها يصاب بالدهشة فمثلاً هناك حوالي 450 مشروعاً متعثراً تابعاً لوزارة البلديات لوحدها وذلك خلال أكثر من ست سنوات مضت حتى وصلت نسبة التعثر إلى حوالي 25% تقريباً. وهذا في الواقع يجعلنا نبحث عن الأسباب واظن من أهمها هو مقاولي الباطن حيث يتم ترسية المشروع - أي مشروع - عادة على شركة كبيرة وتفوز تلك الشركة بأكبر الغنائم لكنها لا تنفذ المشروع بل (تزحلقه) إلى مقاول من الباطن وذاك إلى مقاول آخر ثم إلى رابع وربما خامس وعاشر إلى أن يصل المشروع إلى مقاول ضعيف الإمكانات فيعجز عن التنفيذ أو يقدم لنا مشروعاً مهلهلاً. هنا لابد من ضبط المسألة وغقرار جملة من التشريعات التي تطبق على الصغير والكبير إن كنا فعلا نريد أن نحارب (تعثر المشاريع) وإلا سنظل ندور في حلقة مفرغة. كما أن بعض المقاولين يشكون من تأخر صرف مستحقاتهم أولا بأول حسب العقد مما يجعلهم يتوقفون عن مواصلة اتمام المشروع فيصبح عندها متعثرا بسبب البروقراطية الإدارية من عدة جهات ومن بينها الوزارات وعلى رأسها وزارة المالية. توقف المشروع وتعثره: الأستاذ الدكتور عبدالله بن سعيد الغامدي رئيس الجمعية السعودية للهندسة المدنية وأستاذ الهندسة المدنية بجامعة الملك عبدالعزيز قال:لا بد من التفريق بين كلمة تعثر أو تأخر وهناك فرق بينهما فالتعثر يعني توقف العمل في المشروع تماما أو عدم إمكانية الاستفادة من المشروع نهائيا فيما يعني التأخر التجاوز في المدة الزمنية أو الجدول الزمني المعمول لتنفيذ المشروع المحدد في العقد. وهناك عدة أسباب لتعثر المشاريع منها عدم اعتماد ميزانية للمشروع وهذا تعثر في مرحلة التخطيط وكذلك طرح المشروع في منافسة عامة بمعنى آخر عدم وجود الموقع المناسب والميزانية المعتمدة غير كافية. يلي ذلك التوقف في التنفيذ من خلل في التصميم ومعوقات لم تؤخذ بعين الاعتبار. وأيضا هناك خلافات بين اطراف ذات العلاقة بالمشروع من فنية وإدارية ومالية وضعف التنسيق بين القطاعات الحكومية ذات العلاقة. يأتي موضوع آخر وهو التأخر في تشغيل المشروع وهذا يتضمن وجود خلل جوهري في التنفيذ وعدم توفر للخدمات والأجهزة والكادر المشغل للمشروع ودور الجهات ذات العلاقة من المالك، وإدارة المشروع، والاستشاري المصمم والمشرف، والمقاول، وسوق صناعة البناء والتشييد كمواد البناء والموردين ومقاولي الباطن والتمويل والأيدي العاملة وإلى آخره وأخيرا الأنظمة واللوائح. أسباب متعددة: ولكل طرف من هذه الأطراف تجد أسبابا متعددة من جهة الأنظمة واللوائح وتأتي الترسية على صاحب العطاء الأقل سببا مباشرا في عملية التعثر وكذلك عدم وجود قاعدة للبيانات للمقاولين المتعثرين وبيانات توضح حجم الأعمال الحالية للمقاول. فبعض بنود اللائحة التنفيذية للمشتريات الحكومية والمنافسات بحاجة إلى تفصيل مثل التنازل وسحب المشروع وإدارته. ومن جهة المقاول يتضح ضعف الإدارة العليا والمتوسطة وشح في السيولة النقدية ونقص في العمالة والخبرة والخلافات بين الشركاء. ومن جهة المالك تجد قلة في القدرات الفنية والمالية والإدارية ونقص في خبرة مهندسي إدارة المشاريع وضعف في الحوافز المخصصة لهم. ومن جهة الاستشاري نجد كذلك ضعفا في القدرات الفنية وخاصة في المشاريع المتخصصة وهناك طول في الإجراءات وتأخر في اعتماد المخططات التنفيذية والمواد والموردين. ومن جهة سوق البناء والتشييد هناك عدة أسباب للتعثر منها شح,أي احتكار, مواد البناء وتقلب الأسعار ونقص الأيدي العاملة الماهرة وإحجام البنوك عن تقديم التسهيلات. لقاء حول المشاريع المتعثرة: ونحن في الجمعية السعودية للهندسة المدنية ومن ضمن اهتماماتها أنها اقامت لقاء مخصصا للمشاريع المتعثرة وذلك برعاية من سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة سابقا قدمنا خلاله مقترحات تم حصرها وعرضها وهي كالتالي: إعادة النظر في نظام المشتريات والمنافسات الحكومية بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية,النظر في إنشاء وزارة للأشغال العامة. استخدام نظام المطروفين فني ومالي في المنافسات،زيادة السيولة السنوية المخصصة للمشاريع بما يتناسب مع مدة التنفيذ,وضع معايير تصميمية موحدة للمشاريع, توحيد المواصفات الفنية والشروط العامة والخاصة, تطوير أداء المهندسين العاملين في إدارة المشاريع والشركات والمكاتب الاستشارية لرفع كفاءتهم,زيادة الحوافز المخصصة للمهندسين في إدارة المشاريع,إسناد ادارة المشاريع إلى مكاتب متخصصة في القطاعات الحكومية التي ليس لديها وظائف كافية للمهندسين,استخدام التقنيات الحاسوبية الحديثة في ادارة المشاريع,إنشاء بنك التعمير السعودي إيجاد قاعدة بيانات للمقاولين المتعثرين ووضعه في القائمة السوداء,وضع سقف أعلى لحجم المشاريع التي يمكن أن تسند للمقاول الواحد, دمج شركات المقاولين لإنشاء كيانات كبيرة, تطوير أداء العاملين في قطاع المقاولات من خلال التدريب والتأهيل, تسهيل حصول المقاولين على تأشيرات العمالة المطلوبة بعد تأييد الاستشاري والمالك,التوسع في السماح للشركات العالمية العملاقة بدخول سوق المقاولات ومراقبة سوق مواد البناء ومعاقبة المتلاعبين. ماذا حدث في الجامعة: وفي جامعة الملك عبدالعزيز تمت معالجة موضوع تأخر وتعثر المشاريع الخاصة بالجامعة وفق الآلية التالية وبتدرج: إرسال خطابات إنذار للمقاولين والاجتماع مع المسؤولين في الإدارة العليا لمناقشة أسباب تأخر وتعثر المشروع وإيجاد الحلول,تطبيق غرامة للتأخير وتشجيع المقاولين على التنازل للمقاول الأكثر كفاءة حسب الأنظمة واللوائح,سحب المشروع وإعادة طرحه مرة أخرى في حال استنفاذ كل السبل النظامية لدفع المشروع وهذه تحتاج مدة زمنية تقدر بسنة كاملة.