كتب الأديب السعودي الكبير والزميل الكريم الأستاذ الدكتور عاصم حمدان مقالة بهذه الجريدة الغراء في زاويته «رؤية فكرية» بتاريخ 25/9/1438ه، عنوانها: «عبدالمقصود خوجة.. حتى لا ننساه في ضجيج الحياة».. وعبر أخي عاصم بقلمه الرشيق وأسلوبه الأدبي الرفيع عن ضمائر جمهور الأدباء والمثقفين في المملكة، وربما في العالم العربي، وتقديرهم لقامة أدبية وثقافية وفكرية شامخة، كان لصاحبها دور تاريخي في إبراز الحركة الأدبية والثقافية في العالم العربي عموماً والسعودية خصوصاً على مدى عقود، هو الأديب ابن الأديب الشيخ عبدالمقصود بن محمد سعيد خوجة -شافاه الله وعافاه-، وألمح الدكتور عاصم إلى الكثير من جوانب هذه الشخصية الوطنية الفذة، وذكر أن عبدالمقصود خوجة «من بين الأسماء التي ترسَّخ وجودها في حياتنا الثقافية والأدبية، فقد ساهمت إثنينيته في ربط الأجيال الصاعدة بجيل الرواد (من الأدباء السعوديين)، فقد سعى لجمع الإنتاج الفكري والأدبي لأولئك الرواد من مظانّه المتعددة». كما ذكر الدكتور عاصم جوانب أخرى مهمة في هذه الشخصية التي لا تتكرر، هي الجوانب الإنسانية إذ كان يتابع أحوال أصدقائه من رواد الإثنينية وسواهم وإذا ما تعرض أحدهم لعارض صحي بادر بعيادته وقام بكل واجب نحوه، حتى لو كان يصغره سناً، وقد حدث ذلك معي شخصيا (كما ذكر الدكتور عاصم)، حين زارني في المستشفى بعد إجرائي لعملية جراحية ومكث عندي لنصف ساعة أو يزيد يسليني ويُخفِّف من آلامي، وتحمَّل كل الجهد ليقوم بواجبه تجاه ابن صغير من أبنائه. وذكر الدكتور عاصم، أن الإثنينية ظلت لمدة تزيد عن ثلاثين عاماً معلماً ثقافياً وفكرياً تجاوز الساحة المحلية إلى العربية، فقد كرّم مؤسس الإثنينية الرواد من جنسيات مختلفة، واحتجبت الإثنينية منذ ما يزيد عن عامين، ولا تزال حاضرة، كما لا يزال مؤسسها حاضراً في نفوس محبيه. ونسأل السؤال الكبير الذي تطرحه هذه المقالة: ألا يستحق مؤسس الإثنينية أن يُكرَّم، وهو الذي ضحى بالكثير من وقته وصحته وماله وارتباطاته الأسرية على مدى ثلاثين عاماً أو يزيد لإعطاء المفكرين والأدباء حقهم من الاهتمام والتكريم، وكيف يمكن أن نُكرِّم هذه الشخصية ونرد لصاحبها شيئاً يسيراً من حقه، لا أظن أن إقامة حفل تقليدي وتقديم درع تذكاري يفي بهذا الغرض، بل يمكن اتخاذ خطوات أخرى تحفظ لهذه القامة شيئاً من حقها، وتتصف بالدوام، أولاها إحياء فكرة تحويل الإثنينية إلى مؤسسة كما كان يذكر عبدالمقصود خوجة مراراً حين يقول تواضعاً في كل ندوة: «ليس لي في مجلسكم هذا إلا الكرسي الذي أجلس عليه»، ويقول ويكرر إن الإثنينية في سبيلها لتصبح مؤسسة، بحيث تستمر ندواتها ونشاطاتها في وجود أو غياب مؤسسها أطال الله في عمره، ويمكن لمن اختارهم مؤسسها ليكونوا رعاة للإثنينية كما يُسمِّيهم من أصحاب المعالي الوزراء ومديري الجامعات السابقين أن يتبنوا هذا المشروع بالتعاون مع أبناء الشيخ عبدالمقصود، ويمكن أن تموّل المؤسسة من وقف يُخصِّصه مؤسسها لينفق من ريعه عليها إلى ما شاء الله. جانب آخر يمكن أن يراعى لتخليد ذكرى هذا الرائد، أن تؤسس جائزة تحمل اسمه مثل: «جائزة عبدالمقصود خوجة للأدب واللغة»، تُمنح سنوياً لأفضل عملين في هذين الحقلين أو في حقول أخرى تُحدِّدها أمانة الجائزة بعد تأسيسها، ويمكن أن يُنفق على الجائزة من الوقف نفسه أو تُخصَّص لها أوقاف أخرى، ويمكن أن يتبنَّاها أحد مُحبِّي عبدالمقصود خوجة من الموسرين (وما أكثرهم)، (على غرار جائزة شاعر مكة محمد حسن فقي)، التي أسَّسها معالي الشيخ أحمد زكي يماني واحتفى فيها بالشعراء والنقاد من أقطار العالم العربي، وموّلها تمويلاً كاملاً، تلك بعض الأفكار التي يمكن الأخذ بها لتكريم عبدالمقصود خوجة، لتبقى صورة هذا الأديب الكبير عالقة في الأذهان مدى الدهر، أمد الله في عمره.