أئمةُ المسجدِ الحرام صفوةٌ من صفوةٍ؛ لأنَّ مَن يؤم المسلمين -نقول إن شاء الله- إنَّه من الصفوة، ويتميَّز بالمهارة في قراءة القرآن، وإمامة الصلوات. والأئمةُ في الحرم المكيِّ نموذجٌ يُقتدى به في أصقاع الأرض كلِّها، يُقتدى بهم في: قراءتهم الجهريَّة، وفي الدعاءِ عند القنوت، فهم أكثرُ الأئمةِ مراعاةً لرفع الصوتِ والخفضِ منه، متى ما اقتضى الحال ذلك. كذلك يتمتَّعون بتقديرهم المتوازن لزمن الركوع والسجود، والتشهُّد الأول، والتشهُّد الأول والثاني معًا، والقيام كذلك. ولنأخذ من أئمةِ المسجدِ الحرام مثلاً، الشيخ بندر بن عبدالعزيز بليلة (أو أيًّا منهم) -حفظهم الله جميعًا-، فهُم يُراعون كلَّ هذه الأمور التي ذُكرت، في جميع الصلوات، فجزاهم الله خيرًا ووفَّقهم. ولعل ما دفعني لكتابة هذه السطور، هو أنَّ بعض أئمة المساجد في مكَّة المكرَّمة -هداهم الله ووفَّقهم- يرفعون الصوت عند القراءة الجهريَّة، أو الدعاء كثيرًا، في رمضان وغيره. ففي الدعاء مثلاً يرفعون الصوت عاليًا، كأنَّهم لم يفهموا معنى القرب إلى الله تعالى، في قوله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ). إضافة إلى ذلك تقدير زمن الركوع والسجود: فمنهم مَن يشعر المأمومُ معَه أنَّه إذا جلس للتشهُّد الأول سها، فقرأ التشهدين معًا، وهذا قد يؤثِّر على بعض المأمومين، فيقول: سبحان الله؛ وبالأخص المأمومين الذين يصلُّون لأوَّل مرَّة مع هذا الإمام.. لذلك أرجو من هؤلاء الأئمة الذهاب إلى المسجد الحرام، والصلاة خلف أئمة الحرم المكيِّ مدة أسبوع على الأقل ليحذوا حذوهم.. والله من وراء القصد.