يأبى ملالي وساسة إيران إلا حشر أنوفهم في شؤون العرب بسبب وبدون سبب، فخلال اليومين الماضيين لم يترك أحد منهم، بدءاً من المرشد ومروراً بالرئيس ووزير خارجيتهم، مجالاً أو فرصة إلا وحشر نفسه في الشأن الداخلي بين دول مجلس التعاون العربية. علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة وفي خطبة العيد وصف ما يحدث في البحرين واليمن بقوله: «مشكلات اليمن والبحرين إصابة كبيرة بجسد الأمة»، وهو يدرك أن أهم وأكبر أسباب تلك الإصابة التدخل الإيراني والعقلية التوسعية الفارسية، ودعم إيران لجماعات إرهابية في كلتا الدولتين. أما الرئيس حسن روحاني فقد استغل فرصة المكالمة الهاتفية للتهنئة بعيد الفطر بينه وبين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، فأكد على ما كرَّره من قبل هو والملالي والساسة الإيرانيون من أنهم يدعمون قطر ويقفون إلى جانبها، بل والأدهى أنه وبلغة آمرة يقول: «إن بلاده حكومةً وشعباً تقف إلى جانب قطر، وأن ممارسة الضغوطات وإطلاق التهديدات غير مقبولة ومرفوضة». وبالطبع فلوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف دوره في مثل هذه الأزمات، فهو ما انفك يُصرِّح ويكتب مقالات، ويُطارد الأضواء ليتَّهم المملكة العربية السعودية وشقيقاتها في كل شاردة وواردة، فهو أخيرًا يقول: «إن تحميل قطر مسؤولية الإرهاب مِن قِبَل الدول المقاطعة إنما هي محاولة لتفادي مسؤوليتها عن عدم تلبية مطالب شعوبها»، وكأنَّ إيران وحكومة الملالي منذ ثورة الخميني لم تترك مطلباً من مطالب شعبها إلا وحققته، بدليل انتشار المخدرات المخيف في المجتمع الإيراني حسب الإحصاءات الرسمية الدولية، وبدليل الحالة الاقتصادية المزرية للشعب الإيراني!. والسؤال: لماذا كل هذه المحاولات المتواصلة المتكررة للتدخل من ملالي وقادة وساسة إيران في شأن عربي خليجي بحت، والذي أكَّدته كل دول العالم، فالخارجية الأمريكية وصفت الخلاف بين قطر والسعودية وشقيقاتها العرب «بأنه شأن عائلي»، وكذا كرَّر مسؤولو الدول المقاطعة لقطر بما فيهم وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير ووزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، من أن حل الأزمة يجب أن يتم بين أروقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية؟!. إيران وهي مسيّرة بالعقلية التوسعية الفارسية وجدت في الأزمات العربية مجالاً خصباً لها لتحقيق أهدافها بالهيمنة والتواجد المُؤثِّر داخل المجتمعات العربية، كما حدث في كل من العراقوسورياولبنانوالبحرين واليمن. ففي العراق ومنذ أن أُطيح بنظام صدام حسين والإيرانيون يتغلغلون في كل مفاصل الدولة والمجتمع، وفي سوريا ومنذ بدء الاحتجاجات السلمية ضد ممارسات نظام بشار أجَّج الإيرانيون الوضع، وتم تحويله إلى حرب ليتمكَّنوا من دخول الأراضي السورية بحجة دعم النظام، وهكذا في لبنان من خلال أذنابهم في حزب الله، وتابعيهم من ساسة لبنان، وكذلك في البحرين بدعم مجموعات إرهابية، واليمن بدعم الحوثيين، ولهذا فأزمة مقاطعة قطر فرصة ذهبية للإيرانيين عسى أن يتحقَّق مرادهم في إيقاف الحزم السعودي، الذي نجح في الحدِّ من نفوذهم في البحرين واليمن، وعسى أن يُشاركوا السعودية زعامة العالم الإسلامي الذي حظيت به بوجود الحرمين الشريفين، وبما تُقدِّمه من خدماتٍ تفوق الوصف لخدمة زوارهما، ولما تحظى به من مكانة مرموقة عربياً وإسلامياً وإقليمياً ودولياً، لكن الشواهد كلها تُدلِّل على أن إيران ستبقى قزمة في مكانتها ودورها، مهما حاول ملاليها وساستها استغلال الأزمات والفرص.