أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات أن الشعبين الإيرانيوالعراقي يرفضان نظام «ولاية الفقيه»، مشيرًا إلى المظاهرات العراقية ضد تدخلات نظام الملالي والتي رفعت شعار «إيران برة برة»، وقال في برنامج «حوار دبلوماسي» الذي تنشره «المدينة» بالتزامن مع بثه عبر قناة «روتانا خليجية» الليلة، وبينما أكد أن الرئيس الأمريكي السابق أوباما أظهر نوايا دفينة تجاه المملكة ووصفها بتعبيرات غير مقبولة، وصف زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة مؤخرًا بأنها كانت ضرورية لاستجلاء بعض المواقف للإدارة الأمريكية الجديدة. فلسطينيًا، يرى الأمير تركي عدم وجود قناعة دولية بحل القضية الفلسطينية حتى الآن رغم المؤتمرات وصدور قرارات مختلفة عن مجلس الأمن، إلى التفاصيل: كيف تنظرون إلى العلاقات السعودية الأمريكية خصوصاً بعد اللقاء الأخير بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟ - بدون شك وأنا أتكلم كمراقب، فإن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لمس ضرورة أن تكون المملكة على تواصل سريع مع الرئيس ترامب بعد انتخابه، خاصة أنه أثناء الحملة الانتخابية صدرت تصريحات على لسانه أو من المقربين إليه وكان يجب استيضاح الأمر، وجاءت زيارة ولي ولي العهد في وقتها المناسب ولم تكن لقاء مجاملات، ورأينا الحفاوة التي استقبل بها الرئيس الأمريكي سموه كي يظهر أن علاقته شخصية بالمملكة وتوجه واشنطن نحوها كدولة حليفة. وإذا عدنا إلى فترة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، كنت كتبت مقالًا شهيرًا في الشرق الأوسط للرد حول عقيدة أوباما، بأن حركات الإسلام السياسي التي تمثلها جماعة الإخوان أو نظام ولاية الفقيه في إيران هي الأنسب؟، وأتذكر أنه قبل مجيئه إلى الرئاسة، كان يجرى توجيه دور الفكر ومؤسسات الرأي إلى تفنيد او ان صح التعبير تمحيص الإسلام بصفة عامة، وأذكر أنه صدرت دراسة عن مؤسسة راند انتهت إلى نتيجة مفادها أن المذهب السني ليس له ركيزة تتحكم في مشاربه المختلفة، بينما الشيعي له مرجعية واحدة، بدون التطرق إلى أيهما أفضل في التعامل بالنسبة الى الولاياتالمتحدة أو غيرها. وأثناء حملته الانتخابية تحدث عن إعادة النظر في العلاقات مع إيران وكوبا، وبعد انتخابه الذي صادف عيد النيروز أرسل تهنئة إلى خامنئي، ثم قامت الثورة الخضراء وثورة شعبية قمعت بالقوة من قبل السلطة هناك ولم يتعرض اوباما لهذه الغضبة الشعبية والقلاقل، وقرر أن يغازل القيادة الايرانية، ثم بعد ذلك استمر موضوع الملف النووي عن كثب ووجه سياسة المؤسسات الأمريكية للتركيز على الملف النووي الإيراني، رغم الصراعات في سورياوالعراق. وفي الخفاء كان المراقبون يتحدثون بأن الانسحاب الامريكي من العراق منح السلطات الإيرانية الفرصة لبسط نفوذها بالعراق، وفي سوريا لم يباشرسياسة إيجابية لوقف القتال وتأييد الكفاح السوري ضد حاكم ظالم متكبر ومتعجرف، وفي مقابلته الشهيرة أظهر نية دفينة تجاه المملكة ووصفها بتعابير غير مقبولة، وحين سئل عن أن المملكة حليف، أجاب بأن هذا الأمر ما زال فيه «إنَّ». طبيعة الاتفاق النووي هل تعتقدون أن الاتفاق كان يتعلق فقط بالتخلص من السلاح النووي بخفض نسبة التخصيب أم كانت هناك على الطاولة موضوعات مثل سوريا أو اليمن أو العراق؟ - الولاياتالمتحدةوإيران أعلنتا أن الاتفاق يخص الملف النووي فقط. والغريب في الحقيقة، أن الملك عبدالله -رحمه الله- اجتمع بأوباما ثلاث مرات وكانت تظهر تصريحات من جانب الاخير تشير الى اتفاق البلدين على مناهضة القلاقل في المنطقة، والملك سلمان -يحفظه الله- بعد زيارته لأوباما في سبتمبر 2015 صدر بيان رسمي منسوب إلى الزعيمين يقول إن الملك سلمان قبل تطمينات الرئيس أوباما حول الاتفاقية لإنهاء قدرة إيران على الحصول على سلاح نووي، وان أوباما اتفق معه على العمل لمواجهة النشاطات التخريبية لإيران في المنطقة. فكيف وافق الرئيس أوباما على هذا الإعلان ثم يتبعه بلقاء يصف فيه المملكة بأنها حليف غير أكيد وأنها السبب في التطرف بدول أخرى مثل إندونيسيا وإلى آخره، وهذا نوع من التدليس، دفعني لكتابة مقالتي التي رددت فيها على اتهامات الرئيس أوباما. إصلاح النظام الانتخابي في أمريكا وأوروبا درستم في الولاياتالمتحدة وعملتم سفيرًا لخادم الحرمين الشريفين هناك، إلى أي مدى هناك حكم مؤسسات وإلى أي مدى شخص الرئيس يؤثر في القرارات السياسية ؟ - هم لديهم ما يسمى بالنظام الديمقراطي، انتخابات مبنية على تشكيلات حزبية. ولنأخذ الحملة الاخيرة في امريكا، ترامب أتى لرئاسة الحزب الجمهوري وهو مازال في بداية حياته السياسية لم يكن لديه أي طموحات حتى العام الماضي، وانما كان يعتمد على مساعداته المادية للحزب، وهذا شيء معلن وغير مخفي. وأنا أطرح سؤال على الأمريكان والغربيين بأن نشاهد هذا النظام وإفرازاته وفي أوروبا نجد في الانتخابات المقبلة في فرنسا شخصية مثل ماري لوبان، عندها حظوظ كبيرة في ان تصبح رئيسة لفرنسا رغم تصريحاتها الخارجة عن السياق التقليدي. والسؤال هل ينبع ذلك من الشخصيات أم النظام، وإذا كان من الشخصيات فهذا يعني أنه في المستقبل قد تأتي شخصيات اشنع تصرفاً وعقائدياً، إذن المشلكة في النظام نفسه ويجب على الأوروبيين والأمريكان إصلاحه. المهرولون لقانون جاستا يتراجعون هل تعتقدون بإمكانية تعديل قانون جاستا؟ - لست مطلعًا على تفاصيل الاتصالات،ولكن ماهو واضح بالنسبة لي كمراقب أن من هرول للتصويت لهذا القانون في الكونغرس وخاصة القيادات التي لديها شيء من المعرفة بردود الفعل دولياً بدأت تتراجع عن هذا التأييد مثل السيناتور ماكين وغيره، لأنه قد ينقلب على الولاياتالمتحدة نفسها بإصدار دول أخرى تشريعات تلاحق ممثلين عن الولاياتالمتحدة على ما ترتكبه الحكومة من سياسات خارجية، لاسيما في ظل وجود جنود أمريكان في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. في ظنكم سمو الأمير، ما الذي دفع بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى المزيد من التقارب مع دول مجلس التعاون الخليجي؟ - أعتقد أنها المصلحة وضرورة البحث عن صداقات جديدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي،ولا شك أن مشاركة رئيسة الوزراء البريطانية في مؤتمر قمة دول مجلس التعاون كان بحثًا عن شريك أو صديق. قيادة المملكة للتحالف الإسلامي أمر طبيعي يرتبط جزء من موجة اليمين في أوروبا بظهور التنظيمات الإرهابية في سورياوالعراق، وقد كان لكم مقال عن التحالف الإسلامي والدور الكبير للمملكة في التصدي للإرهاب.. كيف تقيمون الوضع؟ - أعتقد أن هذا التحالف، كان يجب ان يقوم قبل سنين ولكن الحمدلله على قيامه، وقيادة المملكة له أمر طبيعي فهى بلاد الحرمين الشريفين منبع الوحي والاسلام، وهناك مسؤولية بأن تكون رائدة في محاربة التطرف الفكري الذي غزا عقول بعض الشباب والمفكرين، وأعتقد أن النجاح سيكون نتاج هذا التحرك. التغلغل الإيراني في العراق وزيارة الجبير زار وزير الخارجية عادل الجبير بغداد مؤخرًا، كيف ترون هذا التقارب، وفرص نجاحه، خصوصًا مع التغلغل الإيراني هناك؟ - العراق بلد عربي تاريخياً، وإيران تحاول فرض نفسها كبلد دخيل على مجتمع عربي أصيل، وقد بدأت في الصيف الماضى مظاهرات عفوية بالعراق تطالب بتحسين المعيشة ومواجهة الفساد وبدأت الاحتجاجات في البصرة، التي تعتبر المكون الشيعي الرئيس في العراق. وتركز إيران عليها على أساس أنها حليف مذهبي من أجل نشر فكرة ولاية الفقيه والدفع بأعداد إيرانية كبيرة للاستيطان فيها، ومن ضمن الشعارات في المظاهرات إيران «برة برة»، وامتد ذلك إلى النجف وكربلاء وما حولها إلى أن بلغ كركوك، ولا أستغرب ذلك التوجه من الشعب العراقي لأنه أبي ومكوناته عربية، ولا يقبل بالتدخل الإيراني السافر في شؤونه. ولا ننسى أنه خلال الحرب الإيرانيةالعراقية عندما انقلبت الأمور على صدام حسين وانسحب من إيران،أعلن الخوميني أنه سيحتل بغداد ولن يكف عن القتال حتى يتخلص شخصياً من صدام، والسؤال هنا من الذي أوقف الزحف الإيراني إلى العراق وأجبر الخوميني على قبول وقف إطلاق النار، حتى وصفه بأنه مثل أخذ جرعة من السم، انه الشعب العراقي بكافة مكوناته ومن ضمنها المكون الشيعي، الذى لا يقبل بمبدأ ولاية الفقيه الدخيل ليس فقط على إيران ولكن على العراق نفسها، ومن هنا كانت زيارة وزير الخارجية للعراق أمر طبيعي في إطار التواصل مع بلد عربي آخر لتحسين العلاقات. السلام في الشرق الأوسط دعت فرنسا إلى مؤتمر لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما اقترحت روسيا مؤتمر للسلام كيف ترون فرص حلول السلام؟ صدرت قرارات كثيرة من مجلس الأمن لم تؤدِ إلى حل للقضية، وعلينا إيقاظ العالم بأن المشكلة الأم في المنطقة هي فلسطين، وأنا لا أرى كمراقب أن هناك قناعة دولية بإيجاد حل لهذه المشكلة برغم محاولة فرنسا وغياب إسرائيل عن المؤتمر، والمبادرة العربية للسلام التي أطلقها المرحوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز، -رحمه الله- منذ 15عامًا، لا تزال في نظري المعادلة الصحيحة لضمان انسحاب كامل من الاراضي المحتلة، مقابل اعتراف عربي وإسلامي شامل، بإسرائيل وقرار 242 الذي صدر بعد حرب الأيام الستة لم توضع له آلية للتطبيق، كأغلب القرارات التي تخرج من مجلس الأمن لصدورها تحت البند السادس وليس السابع، وهذا الأمر دفع العرب والمسلمين لمطالبة الفلسطينيين بترتيب بيتهم من الداخل، وفي اعتقادي أن الخلاف بين حماس وفتح يعد جريمة في حق القضية الفلسطينية. العلاقات السعودية الإيرانية هناك حديث عن سعي إيراني لإيجاد أي وساطة مع السعودية لعودة العلاقات، هل تعتقد أن الذهنية التي تحكم النظام الإيراني يمكن أن تتفهم مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الخليجية والعربية؟ - مجلس التعاون الخليجي بعث برسالة للقيادة الإيرانية حملها وزير خارجية الكويت، كانت مباشرة وبسيطة، ومفادها أننا نريد علاقات متميزة مع إيران على أساس مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وإلى الآن لم يأتِ رد منذ أكثر من شهر ولو كانت إيران حريصة على تحسين علاقاتها مع دول مجلس التعاون لكان هناك استجابة لهذه الرسالة التي لا يوجد فيها شيء لإثارة المخاوف الإيرانية، فهى تركز على الاحترام والعلاقات المتساوية، وإلى أن يكفوا عن التدخل في شؤون الغير في المنطقة فستبقى الأمور معلقة مع إيران. آسيا استقبلت خادم الحرمين بحفاوة لم أشهدها من قبل كيف ترون الزخم الدبلوماسي للمملكة والذي توج مؤخرًا بجولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الآسيوية؟ - أولاً هذا أمر غير مستغرب، خادم الحرمين، حريص على العلاقات مع الدول المختلفة، وقد استقبل أكثر من عشرين أو ثلاثين رئيس دولة من ضمنها الرئيس الصيني وكان من الواجب أن يرد هذه الزيارات، والحقيقة استقبل في الجولة بحفاوة وتكريم لم أشهدهما من قبل.