أعلن رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني علي اكبر هاشمي رفسنجاني عن توصله وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله إلى اتفاق مبدئي وعام للتنسيق بين المملكة وإيران فيما يخص القضية الفلسطينية والقضايا في لبنان والعراق. وقال رفسنجاني في حديث خص به "الرياض" نأمل عبر المتابعة من قبل الطرفين أن نستطيع أن نحقق خطوات في تحقيق هذا الاتفاق الذي حصل بيني وبين خادم الحرمين الشريفين. ولم يخف الرئيس رفسنجاني ضعف مستوى التنسيق الحالي بين المملكة وطهران فيما يخص أزمة الشرق الأوسط موضحاً بأن قيادتي البلدين لهما القناعة بأن هذا الوضع ليس لمصلحة البلدين وليس لمصلحة المنطقة. كما عد الرئيس رفسنجاني مؤتمر الحوار الإسلامي خطوة مهمة أولية على طريق الحوار الإسلامي - الإسلامي والحوار بين الإسلام وسائر الأديان، مشدداً على إنشاء أمانة دائمة لهذا المؤتمر ومتابعته بشكل مستمر. وأكد رفسنجاني استعداد بلاده من اجل التفاوض مع الإمارات العربية المتحدة في مسألة الجزر الثلاث مشيراً إلى عدم الحاجة للوساطة السورية كما عبر رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام عن تأييد بلاده المفاوضات السورية الإسرائيلية وقال لم نعارض أبداً هذه الفكرة إذ عليهم أن يتفاوضوا من اجل استعادة أراضيهم، إذا استطاع السوريين أن يستعيدوا الجولان عبر المفاوضات فإن هذا سيشكل نجاحاً جيداً ونحن نؤيد ذلك. كما أوضح رفسنجاني بأن إيران لن تقبل بالاتفاقية الأمنية الأمريكية العراقية والتي قرأ مسودتها وانه إذا تمت المصادقة عليها بنفس نص المسودة ستبوء بالفشل. فإلى نص الحوار: @ يوصف السيد اكبر هاشمي رفسنجاني بأنه مهندس العلاقات السعودية - الإيرانية، وفي هذا الوقت بالتحديد تمر منطقة الشرق الأوسط بأزمات متتالية وكون المملكة وإيران قوتين إقليميتين في المنطقة، كيف ترون إستراتيجية العلاقة بين البلدين في هذا الظرف؟ - هذا التعبير بوصفي مهندس العلاقات بين البلدين فيه شيء من المبالغة لأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وحينما كان ولياً للعهد كان له دور كبير في تحسين العلاقات، نحن بدأنا معه هذا المشوار من السنغال وأيضاً وصلنا إلى الحد المطلوب في باكستان في مؤتمر القمة الإسلامية هناك واتفقنا في الكثير من القضايا الأخرى من بينها النفط وتدريجياً تحسنت العلاقات بين البلدين وتحولت إلى علاقات أخوية وجيدة وسبب هذه المبادرة أن كلانا مقتنع بأن التعاون بين البلدين يمكن ان يكون مفيداً بالنسبة لكلا البلدين وللعالم الإسلامي، إن المملكة كما هي ايران تريد ان يسود الاسلام وإن اختلفنا في القضايا الفقهية إذ إن للمملكة فقههم ولنا الفقه الإمامي رغم الاختلاف في وجهات النظر وفي بعض الاحكام الفقهية، لكن هناك مشتركات بيننا وبين المملكة وأيضاً هناك مصالح مشتركة كثيرة وأرجو أن يترك هذا التعاون آثاره الايجابية في المستقبل بشكل جيد. @ في عام 2005قلتم في مقابلة صحفية إن هناك ضعفاً في التنسيق بين المملكة وإيران فيما يخص أزمة الشرق الأوسط، منذ ذلك التاريخ إلى العام الحالي 2008هل تحسن التنسيق ؟ - لا، للأسف الوضع بقي على ما هو بل واشتد أحياناً وإننا نشعر بأن قيادتي البلدين لهما القناعة بأن هذا الوضع ليس لصالح البلدين وليس لمصلحة المنطقة، إنني في مفاوضاتي الأخيرة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وصلنا معه إلى الاتفاق حول بعض الأمور وهذا سيؤدي إلى أن نتجه اتجاهاً ايجابياً في المستقبل. @ للتو اختتم مؤتمر الحوار الإسلامي، ما تقويمكم لمخرجات هذا المنتدى، وما رأيكم في مستقبل الحوار الإسلامي - الإسلامي والحوار بين الإسلام والديانات الأخرى؟ - إنني اعد هذا المؤتمر قد شكل خطوة مهمة أولية على طريق الحوار الداخلي أي الحوار الإسلامي - الإسلامي والحوار بين الإسلام وسائر الأديان، ولكن هذه الخطوة بحاجة إلى المتابعة والاستمرار وعلينا أن لا نكتفي بهذه المؤتمرات لأن ذلك لن يكون مثمراً، علينا أن نقيم أمانة دائمة لهذا المؤتمر وللحوار ونعقب ونتابع على الأمر، وعلينا تقويم النتائج بشكل مستمر وان نطرح هذه النتائج في الاجتماعات المختلفة، نحن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدينا تجربة جيدة في مجال العمل لتحقيق الوحدة الإسلامية حيث أقمنا واحداً وعشرين مؤتمراً للوحدة الإسلامية هذا في مجال القسم الأول أي الحوار الإسلامي - الإسلامي، أما في مجال القسم الثاني وهو الحوار بين الإسلام والديانات الأخرى أقمنا أيضاً العديد من المؤتمرات لهكذا حوار، إن تجربتنا يمكن أن تثري التحرك الجديد الذي بدأه خادم الحرمين ويمكن أن تستفيد من هذه التجربة رابطة العالم الإسلامي . @ تمر القضية الفلسطينية بأزمة داخلية تتمثل في انشقاق سياسي بين حركتي فتح وحماس، ما الدور الذي يمكن أن تؤديه إيران في هذه اللحظة بالذات خاصة أن إيران لديها نوع من العلاقة الخاصة مع قيادات حماس؟ - نعم، إنني قلق جداً من هذا الخلاف الموجود بين هذين الفصيلين الفلسطينيين وأرى بأن ذلك ليس من مصلحة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية أبداً وأيضاً المسلمين في المنطقة، نعم لنا علاقات مع حركة حماس أفضل من علاقتنا مع حركة فتح لأننا نؤيد المقاومة ونعتبرها الشرط الرئيس لإنقاذ فلسطين ولإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني إننا نعتقد بأنه بالمفاوضات لوحدها وخاصة المفاوضات التي تتم في إطار السياسات الأمريكية والبريطانية التي هي مصدر الفتنة في المنطقة لن تحصل النتائج المطلوبة، نعم إذا كانت هناك مقاومة جادة يمكن أن تكون المفاوضات إلى الجانب المقاومة ذات نفع. @ بعض الصحف العربية وقبل زيارتكم تحدثت عن مضمون الزيارة واللقاء الذي سيجمعكم بخادم الحرمين وانه سيتم التركيز فيه على القضية الفلسطينية وإحياء اتفاق مكة، ما مدى صحة هذه المعلومة ؟ - كان موضوع الحوار أكثر من ذلك، فقد تحدثنا عن القضية الفلسطينية وعن القضايا في لبنان والعراق وأفغانستان وعن العلاقات الثنائية ووصلنا إلى اتفاق مبدئي وعام للتنسيق بين الطرفين وأيضا للتنسيق مع الدول الأخرى المعنية ونأمل عبر المتابعة من قبل الطرفين أن نستطيع أن نحقق خطوات في تحقيق هذا الاتفاق الذي حصل بيني وبين خادم الحرمين الملك عبدالله. @ فيما يخص الملف النووي الإيراني وهو الموضوع الأكثر حضوراً على الساحة الدولية، إلى أين تمضي طهران في برنامجها النووي، والمنطقة تشهد سباقاً نووياً وتحديداً دول جوار إيران من اجل اللحاق بالركب النووي؟ - هذا المشروع وما حققناه في هذا المجال إذا استطاعت الدول الأخرى أن تسلك نفس الطريق فهذا شيء جيد ولا إشكال فيه، نحن وفق لإتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية أسسنا مشروعنا النووي وإن هذه الاتفاقية تعطي الحق لجميع الدول الاعضاء بالاستخدام السلمي للطاقة النووية، وأيضاً توجب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتعاون مع هذه الدول في هذا المجال، نحن خضنا هذه التجربة رغم أن الوكالة الدولية لم تقدم لنا الشيء الكثير وإذا سلكت الدول الأخرى هذا الطريق وفق لحقوقها على أساس الاتفاقية فلا مانع في ذلك، إن ما يطرح حالياً في الإعلام يتأتى من محاولات القوى الإستكبارية التي تتهم إيران بالانحراف في مشروعها النووي إلى إنتاج السلاح النووي وهذا كذب وظلم تاريخي، نحن ليس لدينا أي رغبة في القيام بتحقيق أهداف عسكرية في مجال الطاقة النووي ولذلك نعتقد بأن تنفيذ المشاريع النووية السلمية لسائر الدول هو أمر مسموح ولا مانع منه ولكن أتصور بما أن إيران تمتلك مصادر اكبر في مجال الطاقة البشرية وفي مجال المعادن والمناجم وأيضا تتمتع إيران بتقنية جيدة نسبياً في هذا المجال لذلك سيكون حظها أكثر من دول المنطقة لكن لا نرى مانعاً لأية دولة من ان تنفذ المشاريع النووية كما أننا لا نريد المنافسة مع أي دولة أخرى في هذا المجال. @ إيران ترى الملف النووي مسألة منتهية لكن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يرى أن هناك "استفسارات ملحة" وأن طهران بعدم التجاوب كأنها تقول للعالم لدينا أسرار نووية، ما رأيكم بهذا المنطق؟ - إن ما تقوله إيران هو أن الأسئلة التي طرحت مسبقاً من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وحددت موعداً للإجابة عنها قمنا بالإجابة عن كل هذه الأسئلة والوكالة الدولية قبلت ووافقت على هذه الإجابات وقدمت تقريرها في هذا المجال وكان من المقرر ان تقوم الوكالة بإعلان إنهاء الملف النووي الإيراني بعد الإجابة على هذه الأسئلة والاستفسارات، الامريكيين طرحوا ادعاءات جديدة وفقاً لما نقلوه عن مصادرهم الاستخباراتية والمعلوماتية وأيضا كانت هناك بعض الدول الأخرى طرحت هذه الادعاءات على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نحن قلنا إنه لم يكن من المفترض ان تتم العملية بهذا الشكل كان علينا ان نرد على التساؤلات السابقة ووفقاً للاتفاق كان من المفترض أن يتم إنهاء الملف النووي الإيراني بعد الإجابة عن هذه التساؤلات ولا يمكن أن تطرح في كل فترة زمنية ادعاءات جديدة لتعطيل وتأجيل هذا الملف نحن لا نوافق على هذه السياسة إذن موضوع الملف النووي الإيراني هو في هذه المرحلة أي مرحلة طرح ادعاءات جديدة خارجة عن الاتفاق الذي تم مسبقاً بين إيران والوكالة الدولية، طبعاً القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي موضوع آخر ويحتاج إلى مفاوضات ونحن لا نعتقد بأن الملف النووي الإيراني في هذا المجال يعتبر مفروغاً منه ومنتهياً هناك رزمة التي تم اقتراحها من قبل دول الخمسة زائد واحد إلى إيران وأيضا هناك الرزمة التي طرحتها إيران على هذه الدول، هذه الأمور يجب التفاوض عليها وان يتم البت في الأمر خلال فترة محددة. @ الاستخبارات الأمريكية قالت إن لدى إيران برنامج عسكري نووي أوقفته عام 2003هل ترى أن الاستخبارات الأمريكية تمر بفترة من الاضطراب يجعلها تتحدث كثيراً وتناقض كلامها ؟ - حينما صدر التقرير عن مراكز الاستخبارات الأمريكية كان يحتوي على نقطة سلبية وهي الادعاء بأنه كان لنا برنامج نووي عسكري قبل ثلاث سنوات وكان من جهة أخرى يحوي نقطة ايجابية وهي نفي وجود برنامج عسكري نووي لإيران في تلك الفترة، نحن قلنا في السابق ونعود ونكرر بأن ما طرح في هذا التقرير في الماضي كان كذباً نحن لم يكن لدينا في أي وقت من الأوقات برنامج عسكري نووي ولن يكون في المستقبل. @ حول العلاقة الإيرانية/العراقية، الحديث هذه الأيام عن الاتفاقية الأمنية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والعراق، في هذا الجانب عبرتم عن رفضكم لهذه الاتفاقية، كيف حكمتم على الاتفاقية مسبقاً ؟ - لم يكن حكماً مسبقاً فقد قرأت مسودة الاتفاقية التي لم يتم المصادقة عليها من قبل الحكومتين وأنا قلت إن هذا المشروع وهذه المسودة إذا تم المصادق عليها والتوقيع عليها من قبل الطرفين فلا يمكن القبول بهذا النص وسيبوء بالفشل، نحن نؤمن أساساً بأن التدخل الأمريكي في العراق كان مخالفاً للقانون وللشرعية الدولية لأن الوجود الأمريكي يمثل احتلالاً للعراق والمحتل لا يمكن أن يعطى امتيازات جديدة، بل يجب أن ينسحب ويقوم بإجلاء قواته من دون امتيازات وان يعيد الأرض إلى أهلها كما ادعت أمريكا مسبقاً بهذا لذلك نعتقد بأن استمرار الاحتلال عبر اتفاقيات بين الطرفين هو أولاً يعارض الادعاءات الأمريكية السابقة وثانياً ليس من مصلحة أي من الدول في هذه المنطقة الحساسة منطقة الخليج التي فيها الكثير من مصادر النفط والغاز والطاقة وتعيش ظروف خاصة، لذلك نعتقد بأن الوجود الأمريكي في العراق ليس من مصلحتنا وليس من مصلحة المنطقة. @ فيما يتعلق بالحوار الأمريكي/الإيراني، هل يمكنكم رؤية أفق أفضل فيما يخص الحوار بين البلدين خاصة أن المرشح الديموقراطي للبيت الأبيض باراك أوباما تحدث عن احتمالية لحوار أمريكي/إيراني في حال وصوله للرئاسة؟ - بالنسبة للقضايا بين أمريكا وإيران فإننا نعتقد بأن الأمريكيين مدينون للإيرانيين فقبل الثورة قدموا كل الدعم لنظام الشاه وُتلقى على عاتقهم الكثير من الجرائم التي ارتكبها الشاه، بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وفي السنة او السنتين الاوليين قاموا بتحركات من اجل إيجاد فوضى وأزمات في الداخل الايراني وكان لهم الدور المحرك والداعم لصدام حسين في شن حربه المفروضة ضد ايران وخلال سنوات الحرب قدموا المساعدات الإعلامية والمعلوماتية والتقنية والمالية وفي مجال السلاح للنظام العراقي وفي أواخر الحرب عندما لاحظوا ان صدام يقف على وشك الهزيمة خاضوا هذا الميدان بشكل رسمي وقدموا الدعم للنظام العراقي، وخلال العقود الثلاثة الأخيرة كنا دائماً نعاني من المقاطعة وفرض الحصار من قبل امريكا ضد ايران وهناك أموال إيرانية كبيرة مجمدة في امريكا إنني لا ارفض مبدأ الحوار ولا أعارض ذلك بل دائماً أقول إنني أوافق على المفاوضات لكن بشرط أن تبدي وتثبت الإدارة الأمريكية حسن نيتها أولاً وبعد ذلك تخوض ميدان الحوار ومازلت على نفس الموقف إذا اثبتوا حسن نيتهم سيكون بإمكانهم أن يتفاوضوا معنا. @ عند الحديث عن العلاقات العربية/الإيرانية يطرح موضوع الجزر الثلاث الإماراتية والمتنازع عليها من قبل الإماراتوإيران، حول ذلك أعلنت سوريا استعدادها من اجل التوسط لحل هذا الإشكال، كيف ترون هذه الخطوة من قبل دمشق؟ - أنا اعتقد انه لا حاجة للوساطة، من الواضح أن هذه الجزر تابعة لإيران لكن ورغم ذلك نحن على استعداد للتفاوض إذا أراد الطرف الإماراتي أن يتفاوض فليأتي لنقوم بهذا التفاوض ونحن نعتقد انه لا طريق آخر للحل في هذا المجال إلا التفاوض. @ يعرف التحالف السوري الإيراني بقوته وصموده في وجه الكثير من المتغيرات السياسية والآن يتم الحديث عن اتفاق للسلام بين سوريا وإسرائيل، ما مستقبل هذا التحالف في ظل الحديث عن هذه الاتفاقية؟ - سوريا دائماً كانت تقول لنا إننا بالنسبة للجولان ومن اجل استعادة أراضينا على استعداد للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي، وإننا لم نعارض أبداً هذه الفكرة إذ عليهم أن يتفاوضوا من اجل استعادة أراضيهم، من وجهة نظرنا ليس هناك جديد في هذا الأمر هذا الموضوع طرح من قبل السوريين في الماضي، إذا استطاع السوريون أن يستعيدوا الجولان عبر المفاوضات فإن هذا سيشكل نجاحاً جيداً ونحن نؤيد ذلك.