يوافق يوم الثلاثاء المقبل 23 جمادى الأولى 1438ه، الموافق 22 مارس 2017م، يوم المياه العالمي، تحت شعار «المياه المهدرة»، حيث يحتفل العالم أجمع سنويًّا منذ عام 1993م بيوم يُخصَّص كلّ فعاليَّاته للمياه، وهي فعاليَّات عالميَّة لرفع مستوى الوعي المجتمعي بالأمور المتَّصلة بالمياه العذبة. ويعود الاحتفاء بهذا اليوم إلى مؤتمر الأممالمتحدة المهتم بعلوم البيئة والتنمية، حيث بدأ أولى فعاليات هذا اليوم في عام 1993م، وحدد يوم 22 مارس من كل عام كيوم للمياه؛ للتذكير بأهميَّة الماء ودوره في حياة الكائنات، واستقرار حياة البشر. المملكة جزء من المنظومة الدوليَّة، ولها اهتمامات واسعة بالمياه ومصادرها الطبيعية التقليديَّة والبديلة، حيث تقع المملكة في نطاقٍ جافٍ، مصادره المائيَّة من أمطار قليلة جدًّا، لا تفي باحتياجات السكان، وكان لهذه الدولة المباركة محاولات حثيثة في توفير الماء لسكانها وبأرخص الأثمان، فمنذ دخول الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أرض الحجاز، وشعوره بمعاناة الناس من شح المياه في النطاق الغربي من المملكة، خاصة مدينة جدَّة بوابة الحرمين الشريفين، فقد أمر بجلب الماء من وادي فاطمة، وتوفيره لسكان جدَّة، وكان لهذه المبادرة المباركة أثرٌ عظيمٌ في نفوس سكانها. فقد احتفلت مدينة جدَّة في يوم الثلاثاء الخامس من شهر الله المحرم سنة 1367ه بوصول مياه العين العزيزيَّة إلى هذه المدينة العطشى، التي لا يزيد عدد سكانها في ذلك الزمان على ال(30.000) نسمة، كانوا في أمسِّ الحاجة إلى ماء يسد عطشهم، ويقضي حوائجهم. اليوم زاد عدد سكان جدة عن (4.000.000 نسمة)، وأصبحت العين لا تفي باحتياجات السكان، ونضبت مصادرها الرئيسة، وبذلك تمَّ التوجُّه للتحلية كمصدر بديل ورئيس لسد احتياجات السكان، ولمقابلة زيادة الطلب المتنامي على المياه. زاد الطلب في السنوات الأخيرة على الماء بشكلٍ لافتٍ، وأصبح الضغط على محطات التحلية كبيرًا جدًّا لسد العجز الناتج عن جفاف العيون، ونضوب مياه معظم الآبار في الجموم، وخليص، وأصبح الاعتماد شبه الكلي على مياه التحلية التي قد يعتري بعض محطاتها الأعطال، أو التوقف للصيانة، وبذلك أصبح العجز ظاهرًا في تزويد السكان بالقدر الكافي من المياه. شعار العالم للمياه هذا العام «المياه المهدرة» يحثنا على عدم الإسراف في استخدامات الماء المختلفة، لاسيما وأننا مقبلون على أشهر الصيف، ومن ضمنها شهر رمضان المبارك، واحتياجاته العظيمة من المياه. الترشيد في الماء مطلب أساس، وقد وجه بذلك سيد الأولين والآخرين في التوجيه النبوي الكريم الذي يقول: «لا تسرف وإن كنت على نهرٍ جار». هذا الحديث الشريف يحثنا على الاقتصاد في استعمال الماء، والاستخدام الأمثل لها، وأن نحافظ عليها قدر الإمكان، كما نؤكد على شركة المياه الوطنية بالعمل الجاد -ومن الآن- على استمرارية تدفق الماء وبدون انقطاع خاصة في أشهر الصيف، ومنها الشهر الفضيل، كما نأمل من حكومتنا الرشيدة أن توجِّه بالتخفيف من تعرفة الماء، حتى يكون في متناول الجميع، كما نُوجِّه دعوة خاصة لرجال لأعمال، وأصحاب رؤوس الأموال في بلادنا، بأن يستثمروا في إنشاء محطات تحلية مساندة للمحطات الحكوميَّة، وبيع المنتج بأسعار معقولة تكون في متناول الجميع لينالوا الأجر من الله.