عندما كتبتُ مقالاً بعنوان «سينما سعوديَّة في الشوارع»، أتحدَّثُ فيه عن مشاهد (المرور) المرعبة، وإحصائيَّات الحوادث، وعن حاجتنا الملحَّة لقيادة السيارة بأخلاق (مروريَّة)؛ أتاني أحد الأصدقاء بعد صدور أوَّل مخالفة مروريَّة لي.. وقال: يا أويس.. كيف ترتكب مخالفات وأنت مَن تكتب وتنصح بالأخلاق المروريَّة؟ تقول ما لا تفعل.! وعندما كتبتُ مقالاً عن الالتزام بالمواعيد وأهميَّة الحرص عليها، لامني زميلٌ آخر في أوَّل مرَّة أتأخَّر فيها بضع دقائق عن موعدنا؛ بسبب ظرف خارج عن الإرادة.. وقال: كيف تتأخَّر وأنتَ مَن تكتبُ عن الالتزام؟ تنصح وترتكب نفس الخطأ. *** والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل الناصحُ ملاك؟ وهل كلُّ مَن ينصح أحبَّاءه ومجتمعه يجب أنْ يكونَ معصومًا مثاليًّا، لا يخطئ، ولا يسهو، ولا تنتابه أَيُّ زلَّةٍ؟! وما أراه أن: وقوعك في (خطأ)، لا يعني أن لا ترشد الآخرين (للصواب). وعندما تنصحني فأنتَ لستَ مثاليًّا، ولا متناقضًا، بل محب للخير، وتحبني، وترغب في أن أكون أفضل منك فيما لم توفَّق أنت في تحقيقه. ولعلَّ بعض مَن يستنكر نصائح غيره يستعرض الآية الكريمة ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)، وعندما رجعتُ لتفسير القرطبي -رحمه الله- وجدتُ من كلامه فيها: «أَنَّ التَّوْبِيخَ فِي الْآيَةِ بِسَبَبِ تَرْكِ فِعْلِ الْبِرِّ، لَا بِسَبَبِ الْأَمْرِ بِالْبِرِّ». فلا يجدرُ بالمخطئ أن يتوقف عن إرشاد الآخرين للابتعاد عن ما وقع هو فيه. وبالمقابل لا ينافي ذلك في أنَّ من يمنح النُّصح لغيره؛ لابدَّ أن يحرص في أن يكون أوَّل المسارعين إليه. ** وقد صدق الشاعر حينما قال: إذَا لَمْ يَعِظْ النَّاسَ مَنْ هُوَ مُذْنِبٌ فَمَنْ يَعِظ الْعَاصِينَ بَعْدَ مُحَمَّد؟! اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبيِّنا محمدٍ النَّاصح الأمين. Twitter: Owaysk أويس عبدالرحيم كنسارة