جائزة بوليتزر في مجال الصحافة تضاهي جائزة الأوسكار في مجال الأفلام. فمن يفز بإحدى جوائزها يخلد اسمه في تاريخ الصحافة العالمية.. وُلد جوزيف بوليتزر صاحب الجائزة في المجر عام 1847 وعندما بلغ 17 عامًا سافر إلى أمريكا وشارك في الحرب الأهلية كجندي ضمن جيش الرئيس ابرهام لنكولن لمدة 8 أشهر، وبعد ذلك بدأت رحلة تحقيق ذاته.. فبدأ حياته العملية في عدة مهن بسيطة، وعندما تعرض هو ومجموعة من الشباب لعملية نصب من شخص وعدهم بوظائف في حقول السكر، كتب مقالًا عن هذه التجربة، وكان هذا أول مقال له في حياته. وتم توظيفه على إثرها كصحفي في مدينة سانت لويس عام 1868 وترقى عدة مرات في الصحيفة التي عمل بها حتى أصبح من ملاكها، وبدأ في شراء صحف منافسة ليصبح من أغنياء أمريكا. كان يعمل بدون كلل وتبنَّى منهج الدفاع عن حقوق المستضعفين، وانتهج سياسة التحقيقات الصحفية الشيقة التي أدت إلى زيادة مبيعات جرائده، وبسبب هذه التحقيقات تم إجراء تحسينات كبيرة في مجالات عدة كالخدمات الصحية والتأمين وحقوق العمال. أصيب بوليتزر بالعمى وعمره 38 عامًا بسبب الحبر الصحفي وإرهاق العين بالقراءة. وبنى لصحيفته أطول مبنى في العالم في ذلك الوقت، ولكن بسبب العمى لم يزره سوى عدة مرات وقضى آخر 26 سنة من حياته في الترحال حول العالم، وكان دائما يُرسل تعليماته لمحرري جرائده، ويوصيهم في صفحة الرأي بأن يتحلوا بالشجاعة وقول الحقيقة. عرض عام 1892 مبلغا كبيرا لجامعة كولمبيا لكي تنشئ كلية للصحافة، وتم رفض عرضه. وعندما تغير رئيس الجامعة بعد 20 سنة تقدَّم بالعرض مرة أخرى وتم قبول منحته.. وفي آخر سنتين من حياته حاول الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت سجنه بسبب تحقيق صحفي أجرته جريدته عن صفقة شراء الحكومة الأمريكية مشروع قناة بنما من الحكومة الفرنسية ووجود شبهة فساد في الصفقة. خلال المحاكمة سأل القاضي رئيس تحرير جريدة العالم، هل بوليتزر لا يزال كبيركم، ورد عليه قائلًا: إن بوليتزر ليس كبير جريدة العالم في نيويورك فقط، بل كبير كل الجرائد الأمريكية. توفي عام 1911 عن عمر بلغ 64 عامًا، وافتتحت أول كلية للصحافة في العالم من منحته عام 1912 وسُميت باسمه، ومنحت الكلية أول جوائزه عام 1917م.