عبدالله المغلوث الاقتصادية - السعودية عشق دين باكه الكتابة منذ أن كان طفلا. أبهر أسلوبه عائلته ثم معلميه. درجاته شفعت له أن يدخل جامعة كولومبيانيويورك، إحدى أعرق جامعات أمريكا التي تعد أول جامعة تدرس علم الإنسان والعلوم السياسية وعلم الوراثة. كان قبوله في تخصص اللغة الإنجليزية تمهيدا لحياة عملية حافلة. بعد أربع سنوات قضاها في الجامعة لم يستطع إنجاز المواد العامة. عانى كثيرا المواد العلمية بسبب انشغاله بالصحافة. خرج من الجامعة دون أن يحصل على البكالوريوس وسط خيبة أمل أسرته التي كانت ترى فيه اسما كبيرا في عالم الكتابة. كان يعتقد أن دخوله الصحافة سيعيد له الابتسامة التي فقدها طوال أربع سنوات درسها في الجامعة. لكنه واجه كمية إحباط هائلة عندما التحق بالصحافة بشكل رسمي. انضم إلى جريدة نيويورك تايمز بيكايون في نيو أورلينز ثم انتقل إلى شيكاغو تيربيون. واجه عدم تقدير من رؤسائه وزملائه. حصل على راتب ضعيف ومعاملة غير عادلة. أحس أنه مواطن من الدرجة الثانية. ازداد ألمه عندما شاهد رفيقا سابقا له في الجامعة يديره بقسوة. وقفت أسرته ضده ولم تتعاطف معه لأنها كانت تعتقد أنه اتخذ القرار الخطأ بعدم متابعة دراسته والاهتمام بمواده. لم يجد باكه حلا لمواجهة الأزمة التي يعانيها إلا عبر مضاعفة جهوده. فاز بجائزة بوليتزر في التحقيقات الصحافية (تعادل الأوسكار في السينما) التي تمنحها الجامعة نفسها التي طردته كتصديق على أنه ليس جديرا بالتخرج منها فحسب بل والتفوق فيها وعلى من تخرج منها. منحته هذه الجائزة تذكرة الانتقال إلى صحيفة نيويورك تايمز وحقق نجاحا ملحوظا فتلقى عرضا أفضل في لوس أنجلوس تايمز التي تعين فيها مديرا للتحرير ليقف على أقدامه وتعود إليه ثقته. لم تلبث سعادته طويلا إذ تم إقالته من الصحيفة بسبب اعتراضه على خطط تقليص أجور العاملين في غرفة الأخبار. عاش لحظات عصيبة جدا. تخلى عنه الجميع. لكنه تلقى عرضا مغريا من نيويورك تايمز لتولي مهمة إدارية كبيرة. ولاحقا تولى رئاسة تحريرها كأول رئيس تحرير لها من أصول إفريقية منذ تأسيسها 1851. الملاحظ في تجربة باكه أنه كلما ازدادت ظروفه صعوبة تلقى نبأ سعيدا. علينا أن نتذكر دائما أن الفجر لا يأتي إلا بعد ظلام دامس.