لقد مرّ على مسامعي كلمة الأرملة مرور الكرام، ولم أتوقّف عند مَن هي الأرملة؟ وماذا تحمل في داخلها؟ وما هي ظروفها؟ وما مقدار معاناتها؟ إلاّ بعد أن اكتويت بنفس المسمّى، وأصبحت مثلها، وسألت نفسي: لماذا لم أفكّر فيها من قبل؟ لماذا نتجاهل هذه الشريحة من المجتمع؟ أليست جزءًا منه؟! ولو وضع كلٌ منا نفسه في هذا الموقف لتغيّرت النظرة. أنا لا أقول هذا الكلام بعد أن أصبحت أحمل لقب أرملة؟ ولكن لشدّة معاناتها لما تحمله في داخلها من إحساس امتزج فيه الألم بالحرمان. ألم المصيبة، وحرمانها من شريك حياتها الذي كان لها السند والأمان -بعد الله تعالى- في هذه الحياة.. الأمان من غدر الأيام، ونظرة المجتمع القاسية التي تحمل في طياتها أن الأرملة لم تعد تملك حريتها التي كانت تتمتع بها من قبل، وأقصد الحرية النابعة من ديننا.. أتساءل: لماذا نظرة الناس القاسية لها بعد أن أصبحت تحمل هذا اللقب؟! ألا يكفي أوجاعها التي تمر بها عبر مشوار حياتها؟ ألا يكفيها أنها ترى نظرة الحزن على وجوه أكفالها، كيف كانوا؟ وكيف أصبحوا بعدما فقدوا ذلك الوالد الحنون..ولم يعلموا أنّما يبدد أساها، ويخفف حزنها هو وقوف الناس إلى جانبها.. لماذا تركوها وحيدة تعيش مع حزنها وآهاتها؟ الأرملة ليست بحاجة إلى الشفقة، بل هي بحاجة إلى ما هو أهم من ذلك، وهو الإحساس!!لا شيء غير إحساسها بقيمتها، إحساسها بأنها جزء من هذا المجتمع، وأن لها الحق في أن تمارس حياتها الطبيعية مثل ما كانت من قبل، وأن يرفعوا المجاهر المسلطة على تصرفاتها؛ لأنهم حوّلوا حياتها إلى حصار بقوانين (المفروض) و(ما يصير)، و(كان الأجدر)، وسيل من الانتقادات على تصرفاتها، ولو وضع كل رجل وامرأة نفسيهما في مكانها لتغيّرت النظرة.أخيرًا: لا أنكر وجود أصحاب الأيادي البيضاء، ووقوفهم إلى جانبي، فجزاهم الله خيرًا، وهناك شخصية أعتز بها كثيرًا لوقوفها إلى جانبي، وحرصها على إدخال السعادة إلى قلبي لا أملك إلاّ أن أقول لها: شكرًا لكل شيء، شكرًا على كل شيء.