وقع مثقفون وأدباء سعوديون مشاركون في مؤتمر الأدباء الثالث، بياناً موجهاً إلى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، ضمنوه مطالبهم الأساسية، ومنها: إعلان اتحاد الأدباء والكتاب السعوديين، واستحداث أنظمة التفرغ للأدباء السعوديين، مع ضمان مصادر عيشهم، ورعاية شؤونهم اليوميّة كونهم يمثلون في تفرغهم وجهاً حضاريّاً، يثري نتاجهم ويرفع عنهم الانشغالات التي تقصر من عمر فعاليتهم الإنتاجيّة وتحيل الكثير منهم إلى اليأس، ودفن مواهبهم والانصراف إلى البحث عن لقمة العيش. وأيضا، إنشاء صندوق وطني لرعاية الأدباء، ودعمهم عند الحاجة. المؤتمر على الرغم من الجدل الذي أعقبه كان فرصة مهمة لجمع المثقفين والإشارة إلى جهودهم وعودة الحيوية إلى الحركة الثقافية في البلاد، خصوصا بعد الإعلان عن توجيه كريم بعقد المؤتمر بشكل دوري كل عامين. وكالعادة، تبقى نقطة التقصير دائما في حق المرأة، حيث إن المشاركات هددن بالانسحاب الجماعي في حال لم تُعط المرأة الحق بالمشاركة الوقت الكافي، وقد انسحبت بالفعل 15 ومن ضمنهن بعض رئيسات اللجان النسائية المشاركة من المناطق، أضف إلى ذلك سوء المكان المخصص للنساء! من رداءة الموقع وضيق الممرات المؤدية إلى مقاعد الجلوس، وحجب رؤية العروض المقدمة على الشاشات. والفصل التام بالرغم من أن الحاضرات يمثلن الأدب والثقافة، لكن اشكاليتنا الدائمة ستبقى في التوجه نحو الفصل والتمييز ضد المرأة مهما بلغت من الوعي، وهذه قصة طويلة. أعود إلى مطالبات المثقفين وألتقط منها فكرة التفرغ، لأشير إلى تجربة مثيرة في هذا الصدد، وهي مشروع التفرغ الإبداعي الأردني، والذي يوفر الظروف المناسبة للمبدعين من أدباء وفنانين ومفكرين لإنتاج مشروعات إبداعية بعيدا عن ضغط العمل والحياة، أطلق المشروع في 2007، فيما شهدت منح التفرغ هذا العام إضافة حقول إبداعية جديدة مثل التصوير الفوتوغرافي وفنون الموسيقى والمسرح. وبمصادفة لها رسالة تختصر مغزاها، فقد أعلنت القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، والتي شملت 6 أسماء، فيما المؤتمر يشهد جلساته الأخيرة، وقد كان من بينها رواية ترمي بشرر للروائي السعودي الأبرز عبده خال، طبعا عبده خال يكتب رواياته حبا في الإبداع والكتابة، وبالكاد يتحصل على عائد منها، بل انه ظل لسنوات طوال -كما هو حال المؤلفين السعوديين يدفع مقابل الطبع لدار النشر، قبل انتظار مستحقات مالية لأتصل. في المقابل ضمت القائمة القصيرة أيضا للترشيحات رواية إبداعية للأردني جمال ناجي، رواية ترسم للهشاشة البشرية والتعانق المعقد بين الجنس والدين والسياسة، وتقدم لوحة حية عن عوالم الوعاظ والجمعيات الخيرية وحركتها السياسية، وأسرار الارتقاء الاجتماعي من الحارات الفقيرة إلى مراكز السلطة والثراء، والمهم هنا الإشارة إلى أن رواية (عندما تشيخ الذئاب) هي إحدى حلقات سلسلة إصدارات التفرغ الإبداعي ضمن مشروع وزارة الثقافة الأردنية. إلى لقاء..