لا أدري لماذا تزداد سلبيات الخطوط السعودية يوماً بعد يوم في الوقت الذي تتزايد فيه الأصوات المطالبة برفع كفاءتها وتحسين خدماتها، ولا أدري لماذا تستمر في مراوحة مكانها وكأنها لا تكترث بتلك الأصوات ولا تأبه بها؟ كان المؤمل أن تختفي تلك السلبيات بعد تجربة الخصخصة التي مر عليها بضع سنوات، وهي التجربة التي خاضتها الخطوط السعودية بقرار شجاع من الدولة سعياً لإحداث نقلة تطويرية تواكب المرحلة التي تمر بها البلاد.. ومع ذلك فإن الشكوى لا تزال مستمرة من قلة الرحلات الداخلية والخارجية، والمعروض من الرحلات لا يتناسب مع الطلب المتزايد المحكوم بتزايد أعداد الركاب وترامي أطراف البلاد، وبما تعيشه المملكة من طفرة اقتصادية وسياحية بفضل الله.. والتأخير في مواعيد رحلات السعودية لا يزال يمثل هاجساً مقلقاً لركابها، كما أن الشكوى من مستوى الخدمات على الأرض وطول الانتظار في مكاتب الحجز لا زالت قائمة، وفوضى الركاب وتزاحم المسافرين في الحافلات التي يضطر فيها الركاب للوقوف لعدم تجهيزها بمقاعد مريحة لا زالت ظاهرة غير مريحة، فضلاً عن عدم التفريق بين ركاب الدرجتين الأولى والسياحية في الحافلات، خصوصاً في مطار جدة الذي يعد الواجهة الأولى للبلاد. ومع أنه من الإنصاف أن نذكر ما قامت به السعودية من تحسين لبعض خدماتها الأرضية، وأن ما يمر به مطار جدة في الآونة الأخيرة من تطويرات إنشائية ربما يوجد العذر للمسؤولين عن بعض تلك السلبيات, إلا أن ذلك لا يبرر المستوى الحالي لخدمات السعودية ذات التاريخ العريق والإمكانات الضخمة! وعوداً إلى عنوان هذا المقال؛ فإن من آخر مظاهر الإزعاج على ظهر طائرات السعودية عبارة: (كله واحد).. وهي عبارة غير محببة لكل من يريد أن يضع الأشياء في مواضعها، بل إنها عبارة تصلح في مواضع ولا تصلح في مواضع أخرى.. حدث هذا على متن طائرة الخطوط السعودية ذات الرحلة رقم 1028 المتجهة من جدة إلى الرياض صباح يوم الخميس 3-11-1430ه؛ إذ إنني قد بكرت يومها لقطع بطاقة صعود الطائرة وحجز مقعد في مقدمة الطائرة وعند الشباك؛ لأن هذا ما يناسبني لأسباب لا داعي لذكرها هنا.. إلا أنني عندما عرضت بطاقتي التي تحمل رقم المقعد الذي اخترته بعناية، وإذا المضيفة تقول: كله واحد، اجلس في أي مكان!.. وإذا بكرسيي قد احتله راكب لا يأبه بالنظام والتنظيم.. قد يعتقد البعض أن الالتزام بتطبيق نظام ترقيم المقاعد ليس مهماً إلى هذه الدرجة، أو أن هناك شركات طيران تجعل بعض طائراتها ذات مقاعد حرة، ولكنني أخالفهم الرأي؛ لأن جميع مقاعد الطائرات مرقمة، ليس لأسباب تلبية رغبات الركاب، ولكن لأسباب تتعلق بالسلامة، والتعرف على الركاب في حالة حدوث طارئ أو مكروه، لا قدر الله، ولأسباب تنظيمية وأمنية وجنائية أحياناً.. فوق هذا كله فإن التهاون في تطبيق أي إجراءات تنظيمية يعد بداية الانحدار نحو الفوضوية، ويمثل استخفافاً بحقوق الركاب التي تضمنها لهم شروط التعاقد المسجلة في دفتر الإركاب الأساسي لدى كل شركات الطيران العالمية، والمنصوص عليها في أنظمة منظمة الخطوط الدولية (الأياتا). وبالمناسبة، فإن تلك الرحلة المقرر أن تغادر في العاشرة صباحاً لم تُقلِع إلا في العاشرة والنصف، دون أن أسمع اعتذاراً من طاقم الرحلة، وكأن ذلك قد أصبح شيئاً عادياً!!