يستقبلك البحر عن يمينك والطائرة تهبط بك مطار الحريري الدولي في بيروت.. هذه المدينة التي تنفرد ببهجتها وحزنها وطبيعتها وكل تناقضاتها أيضاً. تغفو بيروت على حزنها لتصبح مستبشرة بفجر جديد وأمل بالحياة وتفاؤل بفرحة مخبأة.. على خلاف طوائفي مستمر.. وعلى خط المواجهة مع عدو متربص بجمالها.. لكن ورغم ذلك بها ألف نهر للحياة وألف نافذة للشمس والضوء.. ومليون عاشق وعاشق يقصدونها لينعموا بسحر طبيعتها.. بجبلها.. وسهلها.. وبحرها وجنون نهارها وليلها. كان درويش الذي لم أشعر بغيابه يوماً رغم رحيله، أحد الأسباب التي قادتني إلى بيروت.. ذهبت استحضر طلعته وقصائده وفلسطينه في مهرجان بيت الدين الذي أبدع مارسيل خليفة مع الأوركسترا الفلسطينية وأميمة الخليل وريم تلحمي في الشدو بتلك القصائد التي حملت فلسطين إلى العالمين.. لطالما نشأت تلك العلاقة والصلة ما بين درويش وخليفة وما بين الكلمة واللحن.. وبينهما وبيروت التي اجتمع أحبتها من داخلها وخارج حدودها في هذا المكان في ذكرى درويش وفي إطار الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة هذا العام. هذه المدرجات التي غصت بالحاضرين امتلأت أيضا بآهاتهم وأشجان القصيدة التي قطرت دموعها كالندى في ليل بيروت الذي أرخى ستائره على نهار حار ورطب.. ليفتح ستارة أخرى على القدس التي تحتفل بعيد ثقافتها على خجل هذا العام بسبب ظروف الفرقة والاحتلال التي تتجهم بها سماءها وتنزف أرضها. عبرت أرواحنا فلسطين ذاك المساء من بيروت التي عودتنا أن تكون وطنا للقصيدة وفضاء للإبداع ومدينة للذكريات ومنبرا للشعراء. من بيروت إلى عمان.. التي غالبا ما ضمت درويش حيا.. وودعت جثمانه قبل مغادرته إلى مثواه الأخير في رام الله.. أقامت في ذكرى رحيلة ومناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة العديد من الأمسيات كان أبرزها أمسية الشاعر الإعلامي زاهي وهبي التي أعد لها بجدارة وقدمها د. أسعد عبدالرحمن في مدارس الصرح بخلدا وشارك فيها الصديق القريب من درويش غانم زريقات وقد بدأ بها ببعض المواقف التي استحضرت روح درويش المرحة والمسافرة بفلسطينه. امتزجت قصائد زاهي بعطر صنوبرات جبال لبنان وأرزاتها.. وحميمية أمسيات عمان الشاعرة.. وحضور فلسطين بكرماتها وجليلها وشمالها وجنوبها وأحبتها الذين جاءوا مشاركة زاهي القصيدة كما شاركهم في حمله الجنسية الفلسطينية التي منحها له الرئيس الفلسطيني نظير نضاله وحمله القضية الفلسطينية في حقيبته الحياتية والإعلامية ومشواره الشعري. الانتماء بقدر العمل والتفاني لقضية نؤمن بها ونحمل هويتها في قلوبنا قبل أن تقدم لنا مكتوبة بحبر على وثيقة ورقية، طوبى لفلسطين بكل هذا الحب ومبارك لك زاهي هذه الهوية التي منحتها لك فلسطين تقديرا لعطائك وانتمائك وكل ما قدمت. آخر البحر.. من قصيدة: أقلام محمود درويش لزاهي وهبي صعب علي الغناء وحيدا صعب علي البكاء دمعتي حجر وجهتي سقط متاع لكن الورد في لغتي.. أستعير من قصيدتي قمرا لأزفك لغدك وما ادراني بما أدراك سوى أنني مثلك ابن زيتونة شاء لها الذي شاء أن تكون امرأة لسبعين ونيف قبل عودتها ترابا أو نسمة عابرة في صلاة [email protected]