يوشك أن يكون تقليد السفر خارج الوطن أثناء الإجازة الصيفية سلوكاً رئيساً لدى بعض الأسر والعوائل لدينا، رغم أن بعضها قد يعاني من الضائقة المالية، لكنها الرغبة في اتقاء الحر والتقليد ومسايرة الآخرين حتى ولو على ... ... حساب المستقبل القريب، إن هذا لا يعني أنني أدعو إلى عدم السفر والسياحة وإدخال الفرح والبهجة على الزوجة والأولاد واطلاعهم على ما هو جديد من خلال السفر والترحال، بل إن هذا يعد مسؤولية هامة للأبوين، إذ لابد أن يمتعا أولادهما بما يرونه مناسباً لهم. كما أن في السفر فوائد كثيرة، حيث يطلع المسافر على ثقافة الشعوب الأخرى من خلال تجربة المطارات والتعامل مع الآخرين أو زيارة المتاحف والذهاب للأسواق ومتابعة وسائل الإعلام في تلك البلدان، لكن هناك كثيراً من القضايا والسلوكيات التي يمارسها المسافرون وتحتاج إلى نقاش هادئ ومقنع. إن الملاحظ أن كثيراً من الناس لدينا يسافرون بعوائلهم إلى مختلف بلدان العالم، ومع ذلك يعودون كما سافروا، حيث لم يغير فيهم السفر شيئاً، وبالتالي فإنهم لم يستفيدوا من هذا السفر سوى تغيير المكان والفرجة وضياع الوقت، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن كثيراً من الناس يسافرون وفي مخيلتهم فقط فكرة السفر وربما يعود السبب في ذلك إلى أن كثيراً من الناس يسافرون وفي مخيلتهم فقط فكرة السفر دون مضمونها، مما يجعل فرصة الاستفادة من السفر ضئيلة ومحدودة بشكل يجعل المسافر لا يضيف إلى إداركه وتجاربه تجارب أخرى مفيدة. وهنا يبرز تساؤل حول كيفية استفادة المسافرين من أوقاتهم بدءاً من ركوب الطائرة، إذ ألحظ - من خلال مشاهداتي - قلة من يقضي تلك الأوقات بما هو مفيد، حيث يستثقل كثيرون صحبة الكتاب وممارسة القراءة في الطائرة، بل يكتفي الكثيرون بتصفح الصحف التي تعرض في الطائرة، ثم ينطلق الجميع في الأحاديث والخلود للنوم، بينما يسرح الأطفال ويمرحون في ممرات الطائرة دون رقيب أو حسيب، وإذا وصل مسافرونا إلى أحد مطارات البلدان المتقدمة، التزم الجميع بالأنظمة والتعليمات بكل تفاصيلها خوفاً من العقوبة، وليس احتراماً للنظام! ومن ثم تبدأ السياحة بارتياد أشهر المطاعم والأسواق، أما المتاحف أو المعالم الأثرية أو الأماكن الثقافية فهي في ذيل الاهتمامات إلا من رحم ربي. ويعود السائحون إلى وطنهم بعد انتهاء الرحلة وانقضاء أيامها وهم في غاية الشوق إلى بلدهم وأهليهم، مما يجعلهم ينزعون حزام الأمان بسرعة كبيرة عند وصول الطائرة بالسلامة، ويتزاحمون حول بابها استعداداً للخروج بشكل غير حضاري، بل يرمون بالأنظمة عرض الحائط تاركين خلفهم ركام المخلفات والأوساخ تحت المقاعد، مع أن الجميع يتحدث عن جمال ونظافة ونظام ذلك البلد الذي قدموا منه، لكنهم ينسون أو يتناسون تطبيق تلك الأنظمة والجماليات في بلدهم ووطنهم. إن المؤلم جداً أننا نرى شعوب البلدان الأخرى وهم يسافرون إلى بلدان الدنيا في الشرق والغرب للاطلاع على الحضارات المختلفة، في الوقت الذي لا يستفيد مسافرونا من رحلاتهم وزياراتهم بالشكل المطلوب! إن من يشاهد سلوكيات بعض الشعوب المتحضرة في السفر يلحظ حرص الكثير منهم على الرصد والبحث والاستكشاف، وذلك من خلال الحرص على اكتساب بعض المفردات اللغوية لأهل البلد، والتعرف على عاداتهم في اللباس والطعام والسلام وغيرها. وأخيراً، آمل أن نفكر جميعنا بتقديم صورة مشرقة ومشرفة عن أنفسنا وبلدنا عندما نضرب في أصقاع المعمورة، لأنها رسالة الجميع دون استثناء.