ما أصعب الخطب، وما أعظم المصيبة، وما أقسى الألم، وما أكبر الحزن عندما تفقد الأمة أحد أبرز مصابيح الهدى وأحد علمائها الأجلاء، ليس غريباً أن يكون مصابنا يوم الاثنين الموافق 20-7-1430ه أليماً وحزننا بالغاً؛ فمن فقدناه وغاب عنا هو أحد أبرز أعلام المنهج السلفي والدعوة الخالصة في عصرنا الحالي، رحل عنا الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين بجسده وبقي معنا بذكراه العطرة وسيرته الطيبة وعلمه النافع ومؤلفاته المفيدة ومحاضراته القيمة. كم كنت أحب هذا الشيخ الجليل في الله، وأكبر فيه صبره وكفاحه وحرصه على نشر العلم والقيام بالإفتاء وإلقاء الدروس حتى بالرغم من اشتداد المرض عليه في السنوات الأخيرة، وكم زاد حبي لهذا العالم الزاهد التقي الورع بعدما قرأت بتمعن سيرته الذاتية وعصاميته وكفاحه وبره بوالديه وتربيته لأبنائه ووقوفه مع الجميع، وكذلك تواضعه الجمّ؛ حيث قال لي عدد من الشباب إنهم وبينما كانوا يسلمون على الشيخ عبدالله بن جبرين (رحمه الله) فرحين بمقدمه إلى مدينة بريدة لإلقاء إحدى محاضراته القيمة حاولوا جاهدين تقبيل رأسه وجبينه إكباراً وتقديراً لسنه وعلمه وجهده الخيّر ولكنه كان يرفض ذلك تواضعاً منه، وهذه صفة العلماء والزاهدين. كما سمعت عن الكثير من قصص عطف الشيخ على الفقراء والمساكين والمحتاجين وكذلك بذله لوجاهته وشفاعته لمن هو بحاجة للشفاعة لدى المسؤولين. رحمك الله يا شيخنا الجليل؛ كم كنت مثالاً وأنموذجاً للعالِم العابد الورع التقي النقي، وكم زرعت حبك في قلوب ملايين المسلمين. وصدق الإمام أحمد بن حنبل حينما قال (موعدكم يوم الجنائز)، فالذين أدوا الصلاة على الشيخ يرحمه الله ظهر الثلاثاء 21-7-1430ه هم شهود الله في أرضه. نسأل الله تعالى أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجزيه خير الجزاء عما قدم للإسلام والمسلمين، وأن يجبر مصابنا جميعاً.