تلميذه : عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري كتب الله الموت على كل حي، فلا يبقى أحد إلا الله تعالى قال سبحانه: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)، هكذا الدنيا اجتماعٌ وافتراقٌ، وصحةٌ ومرضٌ، وحياةٌ وموتٌ، فالموت إنْ أخذ عزيزاً علينا تكدَّرت خواطرنا وذرفت عيوننا حزناً، وقد أفجع قلوبنا خبرُ وفاة شيخنا العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - رحمه الله - إذ هو من صادق اللهجة، قوي في الحق، زاهد في الدنيا، سيرته تذكرنا بسير السلف الصالح، وهو من أشبه العلماء بشيخه سماحة العلامة عبدالعزيز بن باز -رحمه الله - من حيث نفع الناس والشفاعة لهم وتلمس حوائجهم، وإصلاح ذات البين، ونشرُ العلم فيهم، والكرم والسماحة والصبر وقوَّة التحمل، والغيرة على الدين وحُبِّه لنشر الخير بين الناس، إنْ حدَّثتكم عنْ أخلاق الشيخ فهيَ أخلاقُ العالم في تواضعه وسمته وعبادته وزهده ونصحه وتوجيهه، وإنَّ الزائر للشيخ في منزله يعجبُ من كثرة توافد الناس إليه من جميع الجنسيات ومختلف طبقات المجتمع، فهذا يسأل مسألةً علميةً، وثان يطلبُ شفاعةً حسنةً، وثالثٌ يثني ركبته حوله للقراءة عليه في بعض الكتب العلميَّة. تعوَّد بسطَ الكفِّ حتى لو انه=أراد انقباضاً لم تطعه أناملُه وسماحة الشيخ ابن جبرين - رحمه الله - له جهودٌ مشهودةٌ مباركةٌ في الدعوة إلى الله تعالى من كثرة تجواله في مناطق المملكة، فيلقي الدروس ، ويقيمُ الدورات العلميَّة والمحاضرات التوجيهيَّة، ويزور الجمعيات الخيريَّة، فَقَلَّ أنْ تجد منطقةً أو مدينةً إلا وللشيخ يد فيها بإلقاء الدروس أو المحاضرات، فحياتُه ما بين درسٍ ومحاضرةٍ وكلمةِ ووعظٍ وإرشادٍ . ولقد تبوأ شيخنا مكانةً رفيعةً لدى ولاة الأمر ملوك هذه البلاد المباركين ولدى كبار العلماء، فهو محلُّ تقديرٍ وإجلالٍ من قبلهم فعندما أُدخل مستشفى التخصصي هذا العام عاده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله وبارك في عمله وعمره - وكذلك عاده كبار العلماء. وما كان قيس هلكه هلك واحد=ولكنه بنيان قوم تهدما وللشيخ - رحمه الله - مشاركاتٌ فاعلةٌ في الدورات العلمية وأذكر ثناء شيخنا محمد بن صالح العثيمين على الشيخ عبدالله بن جبرين في الحفل الختامي لإحدى الدورات العلميَّة في جامع ابن تيمية حين قال: (أحفظُنا الشيخ عبدالله بن جبرين) فردَّ الشيخُ ابن جبرين قائلاً (أفقهُنا ابنُ عثيمين) - رحمهما الله تعالى - فالشيخ يتميَّزُ بقوَّة الحفظ، تجدُه يستشهد بالآيات والأحاديث والأشعار والأمثال وأقوال أهل العلم من السلف ومن المعاصرين ما يعجبُ له السامع، كما كان يسترسل في شروحه للكتب والمتون العلميَّة ويفصِّل تفصيلاً طويلاً ليفهم الطالب المقصود، تبيَّن ذلك في دروسه في مسجد (البرغش بشبرا) ومن ثمَّ (بجامع الشيخ عبدالله الراجحي في شبرا). ومنْ توفيق الله لي أني حظيت بشرف ملازمته لمدة سبع سنوات في درسي يومي الجمعة والأحد بعد صلاة العشاء وذلك في كتاب العُدَّة لابن قدامة، والمنتقى للذهبي في اختصار منهاج السنة النبويَّة، والشمائلُ المحمَّديَّة للترمذي، ومسائلُ الجاهلية لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي، وإعلامُ الموقعين لابن القيم، وغيرها من الكتب، وكان الذي يقرأُ عليه في تلك الكتب شيخُنا (سعد الحميِّد) وشيخُنا (عبدالعزيز السدحان) وغيرهما، وقد أفادنا - رحمه الله - في شروحه للمتون العلميَّة في دورة شيخ الإسلام ابن تيمية كشرحه أخصر المختصرات ومنهج السالكين، وقد تزاحم الطلاب للتتلمذ عليه خصوصاً بعد وفاة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - فأصبح الذين يحضرون دروسه مئات الطلاب، من داخل الرياض وخارجها.ومما امتاز به سماحته - رحمه الله - قربُه من طلاَّبه بتواضعه الجبلي وحسن سمته وأخلاقه وحسن توجيهه وتربيته لهم، فهو عالم ربَّاني قلَّ وجود مثيلٍ له، وهو عالم له حضوره القوي في الساحة العلميَّة والتوجيه والإفتاء لثقة الناس ومحبتهم له وهو أحد أعمدة الفتوى في زمن توافر كبار العلماء كسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز وسماحة شيخنا محمد بن عثيمين وسماحة الشيخ عبدالرزاق عفيفي وسماحة العلاَّمة المحدِّث ناصر الدين الألباني - رحمهم الله جميعاً - وجمعنا الله بهم في مستقرِّ رحمته آمين. خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير الجزيرة - الاربعاء 07 شعبان 1430 العدد 13453