ما أعظم المصيبة وما أقسى الألم عندما تفقد الأمة أحد أبرز مصابيحها وعلمائها الأجلاء؛ فليس غريبا أن يكون مصابنا جللا في وفاة العالم العلامة الشيخ عبدالله بن جبرين الذي انتقل إلى رحمة مولاه الاثنين الماضي؛ فهو يعد أحد أبرز أعلام المنهج السلفي والدعوة الخالصة في عصرنا الحالي.. لكن عزاءنا أنه رحل عنا بجسده وبقي معنا بذكراه العطرة وسيرته الطيبة وعلمه النافع ومؤلفاته المفيدة ومحاضراته القيمة. لكم أحببت هذا الشيخ الجليل في الله، وأكبرت فيه صبره وكفاحه وحرصه على نشر العلم، وقيامه بالإفتاء وإلقاء الدروس حتى عندما اشتد عليه المرض في السنوات الأخيرة، وكم زاد حبي لهذا العالم الزاهد التقي الورع بعد ما قرأت بتمعُّن سيرته الذاتية وعصاميته وكفاحه وبرّه بوالديه وتربيته لأبنائه ووقوفه مع الجميع، وتواضعه الجم حيث قال لي عدد من الشباب إنهم كانوا يسلمون في إحدى المرات على الفقيد الراحل فرحين بمقدمه إلى مدينة بريدة لإلقاء محاضرة، فحاولوا جاهدين تقبيل رأسه وجبينه إكبارا وتقديرا لسنه وعلمه وجهده الخير، لكنه كان يرفض ذلك تواضعا منه، وهذه صفة العلماء والزاهدين. كما سمعت عن الكثيرين قصص عطف الشيخ الراحل على الفقراء والمساكين والمحتاجين، وكذلك بذله لوجاهته وشفاعته لمن هو بحاجة لدى المسؤولين. رحمك الله يا شيخنا الجليل، فكم كنت مثالا وأنموذجا للعالم العابد الورع التقي النقي، وكم زرعت حبك في قلوب ملايين المسلمين. وصدق الإمام أحمد بن حنبل حينما قال (موعدكم يوم الجنائز)، فالذين أدوا الصلاة على الشيخ يرحمه الله ظهر أمس الأول هم شهود الله في أرضه. نسأل الله تعالى أن يتغمد فقيدنا بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجزيه خير الجزاء عما قدم للإسلام والمسلمين وأن يجبر مصابنا جميعا.