استمتعت بقراءة اللقاء الشيق الذي أجراه الزميل الأستاذ يوسف بن محمد العتيق في صفحة (وراق الجزيرة) يوم الأحد 30-12- 1429ه مع أحد شيوخ قبيلة عتيبة بدر بن نايف الضيط، وسعدت بما اشتمل عليه الحديث. فهو من الشخصيات التي لها دور كبير ومهم في المجتمع على مستوى الوطن وفي صفوف قبيلته الحاضرة في المشهد الوطني الكبير. وكان الحديث يدور حول ما يجري في الساحة المحلية وهو التعصب والعنصرية من لدن أبناء بعض القبائل. وقد جاء اختيار الأستاذ يوسف موفقاً كون الشيخ الضيط قد عايش هذه الأمور ولديه المقدرة على التحليل، حيث جمع بين الخبرة العملية في هذا المجال والخبرة التراكمية مع مرور سنوات العمر، فهو يرى بأن المتعصب ناقص العقل والإدراك، وأن العنصرية تتأصل في النفوس نتيجة للشعور بالنقص أمام الآخرين. ويؤكد الضيط على أن المواطن الحقيقي هو الذي يكون مجال فخره وطنه، وما قدمه له فضلاً عن منجزاته الشخصية لأجله. وقد استدل على موقف الملك عبدالعزيز الريادي في هذا الشأن، حيث اختصر الوطن كله فيمن حوله من الأمراء والعلماء ورجالات القبائل والأعيان والمستشارين، فمجلسه يمثل كل شرائح الوطن من شماله وجنوبه وشرقه وغربه، ولكل شريحة من شرائح المجتمع حاضرة وبادية حقها من الاحترام والتقدير، وهو ما سار عليه أبناؤه بعده. وقد أعجبني في كلام الشيخ بدر الضيط العقلانية والرزانة حينما قال: (من حق كل مواطن أن يفخر ببلده وقبيلته وبمنجزات أسرته الوطنية، فإذا كان لبلدك أو قبيلتك أو أسرتك دور طيب في خدمة الدين والوطن أو لأجدادك دور في الكرم والشجاعة، فلا بأس من الحديث عنه، بل هذا محل تقدير الجميع، مما يربي الجيل الجديد على مكارم الأخلاق وشيم الرجال، وهذا مطلوب وحسن، إلا أن ما نشاهده عند البعض الآن لا يدور في هذا المجال، بل هو من باب كتابة قصائد فيها انتقاص للآخرين أو بذكر صفات غير لائقة، أو نبش التاريخ عن معارك زالت وذهب أهلها وما قدموا. فليس من الحكمة أن نثيرها، ونروي قصصاً وأشعاراً لمعارك، وأيام السلب والنهب وانعدام الأمن، لأن في إيرادها إيغاراً للصدور، وفتنة بين الناس). وندد الضيط ببعض القنوات الفضائية التي تثير النعرات وتوغر الصدور. وذكَر حادثة إيقافه أحد الشعراء عن إكمال قصيدته التي يسيء فيها إلى إحدى القبائل. والحق أن ذلك التصرف هو المأمول من حكماء الأمة وعقلائها بما يفرضه عليهم الدين وما تمليه الوطنية الحقة التي تحرص على لمّ شمل الوطن وعدم التفريق بين أبنائه. ولقد مللنا من تكرار قصائد فجة، وترديد شعارات بائدة، وأطلنا المكوث، ولابد من النهوض. فوطننا أحق بالوقت المهدر على مثل هذه الأفكار الصدئة! بعد أن وحدنا الإسلام بالتقوى، وضمنا الوطن بين أجنحته الدافئة. فلنبتعد عن تشويه وطننا بشعارات تعيق تقدمه ونعرات تشل مسيرته وعصبيات توقف بنائه! ولتكن نفوسنا سامقة كجباله، وقلوبنا صافية كسمائه! [email protected] ص.ب 260564 الرياض