الرياض- موفد «الجزيرة» تداولت الأوساط الاقتصادية ما أثاره تصريح رجل الأعمال خالد بن سعود الشبيلي ل(الجزيرة) عن دور الغرف التجارية ومقارنتها بدور هيئة الاستثمار، فقد قال الشبيلي في تصريحه أمس الأول ل(الجزيرة) أن المستثمر السعودي لم يجد جهة تعالج الأنظمة التي تقدم للقطاع الخاص.. وذكر أن المادة (5 - ز ) من نظام الغرف قد أوجبت عليها هذا الدور.وفي معرض إجابته في حوار مع (الجزيرة) شدد الشبيلي على إيجاد خطط إستراتيجية دقيقة تساهم في تحويل التدفقات النقدية للمملكة إلى بناء قطاعات اقتصادية عالية المستوى وذات كفاءات احترافية عالية، حيث سيأتي اليوم الذي تكون فيه هذه القطاعات المصدر الرئيس لدخل قومي متنوع وثابت. وأبدى تحفظه على الدور الذي تقوم به البنوك في دعم القطاع الخاص، وأوضح أن الاقتصاد المحلي متنامٍ ومتلاحق ويجب أن تكون الأنظمة والتشريعات مواكبة لهذا التسارع.كما تطرق في حواره الى عتبه على بعض رجال الأعمال لتكاسلهم في اقتناص الفرص الموجود في أنحاء العالم وتوجيهها الى المملكة التي تعد سوقاً بكراً وقابلاً لمنح النجاح السريع لأي رجل أعمال. وفي ما يلي الحوار: * أثنيتم على الهيئة العامة للاستثمار في معرض حديثكم عن التقصير في أدوار الغرف التجارية.. هل من توضيح أكثر؟ - سوف أوضح هذا الموضوع، فالهيئة العامة للاستثمار عندما شرع النظام دورها جعلها لخدمة واستقدام رأس المال الأجنبي، واستطاع ولاة الأمر اختيار قيادات مناسبة عملت باحترافية ابتداء من الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي وانتهاءً بالدكتور عمرو الدباغ، حيث استطاعوا وضع إستراتيجية دقيقة لتنفيذ أهداف الهيئة، وفعلاً أصبحت الهيئة اليوم قادرة على استقطاب جزء من الاستثمار الأجنبي بالرغم من تحفظي على النظام الذي لم يوضح او يقدم حوافز للمستثمر الأجنبي وتشجيعه، ونوعية المستثمر الأجنبي المستهدف دخوله.. وإذا كنا ننظر إلى المستقبل فأعتقد أننا اليوم لا نحتاج لمستثمر أجنبي فقط لفرض جباية عليه، بل أن الهدف الأكبر من دخول المستثمر الأجنبي هو نقل التقنية إلى الأيدي العاملة السعودية.. ولو درس النظام بشكل أفضل وقدم حوافز خاصة، لأدى إلى نتيجة سوف نلمسها بعد سنوات.. وتعلم أن الشركات العالمية الكبرى لا يمكن أن تقوم بنقل تقنيتها إلى بلاد أخرى إلا لأسباب كبيرة ومغرية جداً، ولو أن النظام ركز ودرس بشكل أفضل وجعل من الحوافز التي تحث الشركات الكبرى وقدم لها من المغريات الكبرى مقابل ما تقدمه من برامج من أجل أن إحلال الأيدي السعودية محل الأجنبية وإكسابه كامل الخبرة فإن ذلك لو تم سوف يجعل الشباب السعودي بعد سنوات قليلة متشبعاً بالخبرات الأجنبية بما يجعله عضواً فاعلاً في هذه الشركات وهذا هو المكسب الحقيقي، فبناء الأمة لا يأتي إلا من بناء عقولها، وأعتقد أن هذا لم يؤخذ في الاعتبار في النظام. * ألا تعتقد أن المستثمر السعودي بحاجة الى جهة تساعده وتوجهه وتناقش معوقات استثماراته؟ - أعتقد أن ما يحدث حالياً بشكل عام هو معالجات فردية، حيث تتم معالجة كل مشكلة على حدة، وفي شتى المجالات ومشكلات القطاع الاقتصادي تعالج بالآلية نفسها، والمشكلة أن كل مسؤول يستنفد كل وقته وجهده في عمل يمكن معالجته بشكل جماعي لكل المعوقات، بحيث يتفرغ المسؤول إلى بناء الغد.. ولا يأتي ذلك إلا من خلال جهة تسعى إلى استقصاء المشكلات والمعوقات، والنظام قابل للتطوير.. وإذا ما قامت جهة ما مثل الغرفة وتبنت دراسات واضحة ودقيقة واستعانت ببيوت خبرة عالمية لتقديم توصيات قائمة على تجارب عالمية مدروسة وقدمتها إلى جهات حكومية فإني أجزم أننا نكون قد سهلنا كثيراً على رجل الأعمال، كما أتحنا الفرصة للمسؤول لبناء إستراتيجية أخرى قادمة. * لو أخذنا نظام السعودة الحالي كمثال ألا تعتقد أنه أدى الغرض المطلوب منه؟ - أعتقد أن السعودة هدف سامٍ ولكن الوسيلة عاطفية أكثر منها عملية، فالمملكة مقبلة على انتفاضة اقتصادية كبيرة قادمة.. والمطلوب تهيئة الشاب السعودي ليفيد ويستفيد على المدى البعيد من هذه الانتفاضة، فبناء الإنسان أهم من بناء الكيان، فخطة السعودة لو أخذت بجانب جاد والهدف ليس سد رمق المواطن بل تحويل الشاب في خطة طويلة المدى إلى شاب متعلم تعليماً عالي المستوى ثم انخراطه في دورات واحتكاك بخبرات أجنبية الهدف منها نقل الخبرة إلى الشاب السعودي.. ولو نظرنا إلى البنوك الأجنبية التي قدمت حوافز نجد أنها قد نجحت خلال 20 عاماً في عملية إحلال السعودي محل الأجنبي وأصبح السعودي يتفوق على نظيره من الجنسيات الأخرى.. وهو موضوع خطة لا أفتي فيها ولكن يجب الاستعانة ببيت خبرة عالمي يقدم خطته لتحقيق الهدف. * هل تعتقد أن صندوق الموارد البشرية قد ساهم في تحقيق هدف السعودة ولو جزئياً؟ - أعتقد أن موضوع السعودة ليس ضماناً اجتماعياً، بل هو أكبر، حيث يبدأ من دعم المنشآت الاقتصادية لتنمو، وتتكفل ضمن خطة إستراتيجية بإحلال العنصر السعودي الخبير محل الأجنبي غير الدائم.. وإزالة كافة المعوقات، لتتحول الى منشآت اقتصادية كبيرة تنفذ برامج جادة لإشراك اليد العاملة السعودية، وتحويلها إلى أيد خبيرة قادرة.. وثق أن نجاح أي اقتصاد لا يمكن أن يتم بأيدٍ وطنية فقط، فلو استعرضت التجارب العالمية لوجدت في الدول الأوروبية المتقدمة المواطن الأوروبي جنباً إلى جنب مع العاملين من جنسيات أخرى، وهذا ليس عيباً وتقنيات النجاح تكمن في تحويل القدرات السعودية، ورفع مستواها لتكون جزءاً من دورة الإنجاز. * المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل ما نسبته90% من منشآت القطاع الخاص تقريباً، ما رأيكم في كيفية دعمها والنهوض بها؟ - أشكرك على إثارة هذا السؤال، أغلب الجهود للأسف انصبت على منشآت صغيرة، وهذا أدى إلى استنزاف كثير من المدخرات في اجتهادات فردية، أنا واجهتها شخصياً قبل 25 عاماً، عندما كنت في المرحلة الجامعية فكل شاب طموح يبدأ بتجربة لعمل منشأة تجارية دون أسس عملية يصاب أغلبها بالفشل على حساب مدخرات جمعها خلال سنوات عديدة.. أعتقد أن هذا العبث يجب أن ينتهي ولا يأتي ذلك إلا بنظام مدروس وواقعي ودقيق للحث على تكوين شركات مساهمة تسهل هذه الشركات الجديدة للطرح فوراً متى ما استوفت الشروط المقدمة للدراسات الإستراتيجية لها، بدلاً من النظام الحالي الذي لا يتيح ذلك إلا للشركات القديمة، وهذه دائماً تكون من نصيب كبار رجال الأعمال، بينما المفروض أن يكون نظام طرح الشركات المساهمة مختلفاً ويتم وفق آلية أخرى، تجعل الفرصة متاحة للجميع منذ البداية ومنذ نشوء الشركة، ويكون هذا المستثمر شريكاً مستفيداً من تاريخ الشركة وإنجازاتها المستقبلية. وعلى سبيل المثال وبشكل أوضح لو تقدم مجموعة من الشباب وعملوا دراسات جادة وفق آليات محددة ومدروسة مفروضة عليهم، وسمح لهذه الشركات بالتداول سوف يكون جميع من اكتتب شركاء في نجاح الشركة فيما بعد.. ولكن النظام الحالي لا يسمح بهذا الطرح إلا بعد عدة سنوات، وبالتالي لا تطرح الشركة بتكلفتها الأساسية، وإنما تطرح من خلال القيمة المضافة والمتراكمة من تاريخ الشركة والذي قد يصل الى عشرات إضعاف التكلفة الأساسية ويكون المكتتب شريكاً فقط في مكتسبات التداول، بينما المكسب الأساسي يذهب الى المؤسسين وينحصر في شريحة ضيقة جداً من المستثمرين. هذا ما أدى الى تحول أغلب الشباب الى الأنشطة الفردية، التي أعتقد أن عصرها قد انتهى. * هل ترى أن البنوك أدت دورها كما ينبغي؟ - خلال السنوات الثلاث الماضية سخرت البنوك أغلب جهدها في أسهل طريقة وهي تمويل المضاربين في أسواق المال، واعتمدت عليه كثيراً في بيع منتجاتها، مما أثر تأثيراً كبيراً على عدم توجه البنوك الى إخراج منتجات تدعم القطاع الخاص العامل.. ولا ألوم البنوك، فهي تبحث عن الربح السريع والمضمون، ولكني أتمنى على مؤسسة النقد وتوجيه قطاع الائتمان بما يتلاءم وتوجهات التنمية في المملكة، وهذا موضوع كبير ومتشعب لو أرادت مؤسسة النقد لاستطاعت توجيهه بسهولة.