كتبت قبل نحو عقدٍ من الزمن مقالاً أمني النفس فيه ب(ثقافة مرورية) أفضل يتقاسم أدبياتها مناصفةً قائد المركبة ورجل المرور، أملاً في تحقيق معادلة أخلاقية عادلة لقيادة السيارة تحمي الأبرياء من نزق السفهاء وتؤطر في الوقت نفسه الاستشراف التوعوي للطرفين! *** * وقد أوردت مفردات تلك الثقافة المنشودة بمنظومة من (اللاءات) لقائد المركبة ورجل المرور، وذلك على النحو الآتي: * أولاً: (لاءات) لقائد المركبة: 1- اتق الله حمايةً لنفسك ولمن يهمك أمره ول(الآخر) عابر الطريق، فلا تفرط فيما آتاك الله عبثاً، السيارة، كغيرها، لها وجه نافع وآخر ضار، وأنت تملك جزءاً من القدرة على صنع الفرق بين الإثنين! 2- لا تتعامل مع رجل المرور بصلف أو غرور، وكأنه عدو لك مبين، حادثه برفق، وخاطبه بإحسان، فهو هناك من أجلك ولك! 3- لا تستفز رجل المرور بقول أو فعل، فقد يسمعك ما تكره وهو له كاره! وتأكد أنك بالقول الحسن تحثه على معاملتك بالمثل! 4- لا تنس ربط الحزام قبل المشروع في قيادة سيارتك، ونبه الآخرين معك إلى ذلك.. وإن كانوا من آلك، فكرر القول عليهم إلحاحاً! 5- لا تهمل الفحص الدوري لعربتك قبل أن تبدأ رحلةً ما، تفقد بإصرار إطاراتها، وكوابحها، وغير ذلك من الجوانب الآلية والميكانيكية الأخرى لها، اطمئناناً على سلامة أدائها عبر مشوارك. وتذكر أن كثيراً من الحوادث المرورية القاتلة تنجم إما عن انفجار الإطارات أو فشل الكوابح خصوصاً إذا كان المناخ حاراً، والسرعة عاليةً! 6- لا تسع بسيارتك في الطريق مرحاً.. كأنه لك وحدك دون سواك! احترم الآخرين أمامك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك! 7- لا تستخدم النور العالي عبثاً لتؤذي به قائد العربة أمامك طمعاً في تجاوزه، هناك أكثر من وسيلة تصون كرامتكما معاً لبلوغ المراد! 8- لا تخترق إشارة المرور وهي حمراء، لأن ذلك خطأ فادح قد تدفع حياتك ثمناً له، وقد يدفعه أبرياء آخرون معك! 9- لا تدع سيارتك بلا حرزٍ من طمع لصٍ أو عبث سفيه، فكثير من حوادث سرقة السيارات ناجم عن إهمال أصحابها لها على نحو أو آخر. 10- وأخيراً.. لا تسرع لأن الدمار أسرع! *** * ثانياً: (لاءات) لرجال المرور: 1- ضعوا حداً لظاهرة (تعرف أحد في المرور) كي يهابكم الناس! 2- لا تستثنوا مفرطاً في الأمن المروري، ملاحقةً أو عقاباً! 3- لا ترتجلوا الحكم أو التقدير في التعامل مع حادث ما، لئلا ينال أحداً منكم حيف غي مقصود! واجعلوا الجزاء على قدر الفعل بلا إفراط ولا تفريط! *** 4- لا تغيبوا عن الشوارع والطرقات العالية والعادية ساعات طويلة ليلاً أو نهاراً.. فوجودكم يردع العابث.. ويطمئن الخائف، وفي الوقت نفسه يسرع البت في الحادث.. كيلا يؤذي المتضررون منه مرتين! 5- إذا شاهدتم خللاً في شارع أو طريق عالٍ يمكن أن يكون سبباً في حادث مروري فأشعروا من بيده الأمر لإصلاحه وكرروا التنبيه مراراً! 6- لا تغلظوا القول للمخالف، مواطناً كان أو وافداً، نبهوه بإحسان، شرحاً لخطئه، وتعريفاً له بحقوقه وواجباته. 7- ضعوا لوحاتٍ إرشاديةً بأكثر من لغة ما أمكن، فبلادنا تضم تعدديةً لغويةً بين قائدي السيارات، كما تعلمون! 8- اهتموا بتحديد مساراتٍ واضحة وثابتة للمشاة وبخاصة الأطفال منهم والنساء، فاحترام حق عابر الشارع جزء من المعادلة الحضارية والأخلاقية للمرور السوي! 9- مارسوا ردعاً أفضل ضد الحدث القاصر الذي يقود سيارةً بلا تأهيل ولا ترخيص! أشركوا ولي أمره سؤالاً وحساباً وعقاباً! 10- لا تجعلوا توزيع (قسائم المخالفات المرورية) هدفاً يبتغى لذاته، فتغلبوا الشبهة على الحقيقة في موقفٍ ما، ويكون السائق فيه ضحية حكمٍ غير دقيق! قسيمة المخالفة المرورية وسيلةً تقترن باقتراف خطأ فعلي، وبها يتحقق جزء من معادلة الاتباع لأوامر المرور ونواهيه!