هذه هي الحلقة الأخيرة من مشاركة القراء في الإجابة على الأسئلة التي جرى طرحها مطلع شهر شعبان من خلال مقالي الأسبوعي ليوم الأربعاء. وقد قمت بتقديم إجابات القراء ونشرها هنا على مدى ثلاث حلقات سابقة باعتبار أن ما هدفت من طرحها ليس مجرد عملية استطلاع رأي في عدد من القضايا الاجتماعية التي تهم المواطن السعودي ولكن الهدف كان أبعد من ذلك وهو دعوة القارئ المهتم بهذه القضايا للمشاركة في الكتابة عنها. وإذا كنت في الختام لابد أن أعتذر للقراء عن التقطع الذي جرى في التتابع الأسبوعي المفترض للموضوع فلا بد أن أنوه أن دعوة القراء لمشاركة الكاتب عذوبة وعذاب الكتابة باعتباره تجربة جديدة في الصحافة المكتوبة وربما مستعارة من الفضاء الإلكتروني قد شكل بالنسبة لي وللصحيفة أيضاً نوعاً من الإشكالية نظراً لمحدودية المساحة خصوصاً وأنني لم أرد أن أغفل عن نشر أي من المشاركات التي وصلتني. ولتسهيل متابعة مشاركة القراء نعرض باقتضاب أسئلة القضايا التي قاموا بالكتابة فيها: - ما مدى حقيقة اعتماد المواطن السعودي على مديونية التقسيط، هل حقاً أنه من الأسهل على المواطن الالتجاء للتمسكن واستجداء الوساطة على تقديم نفسه كمواطن وصاحب حق, هل من حل لمن أقفل باب قبول الجامعات دونهم, هل يمكن توزيع أرض لكل مواطن وهل تحقيق ذلك يؤدي للحد من معاريض استعطاء الأراضي واستقطاعها من قبل (أساطين التسوّل) أو يخفّف من استعار أسعار سوق, من هم كبار المستثمرين وهل يمتلكون رغبة المشاركة في التنمية الوطنية؟ - هل هناك حاجة حقيقية لوضع حد أدنى للأجور بما لا يقل عن 3000 ريال شهرياً, هل نحن بحاجة إلى ثقافة في الحقوق والواجبات وهل يمكن خلق مثل هذه الثقافة بدون وجود مدوّنة وطنية للحقوق والواجبات. هل لو توقف مجلس الشورى عن العمل يشعر المواطن أن أحد أهم أعمدة تمثيله في الدولة قد غاب؟ - هل على كُتَّاب الرأي أن يتوقفوا عن الكتابة إذا لم يعبّروا بضمير حي عن القضايا التي تشغل المواطن, هل يمكن أن يصدق المثقف مجتمعه ودولته إذا تعذّر منديل الأمان, هل بلغ مجتمعنا مرحلة من الرشد الاجتماعي لنقبل النقد العلني الموضوعي في هواء طلق لئلا نكون فريسة للنميمة السياسية؟؟؟ بعض ما كتب د. نيازي في رسالة عميقة وطويلة: أولاً: أدعو الله لك بدوام التوفيق وأن يحفظك من المغرضين والواشين ممن يتقربون للمسؤولين عن طريق الوشاية بالمخلصين. ثانياً: أرجو الله أن تصلك أعداد وفيرة من الإجابات على أسئلتك المطروحة في مقالتك (دعوة للمواطن السعودي) حيث كما لا يخفاك كلما ازداد عدد المشاركين كلما اتضحت الصورة بشكل صادق أمام المسؤول. أما إجاباتي على أسئلتك فهي كالتالي: السؤال الأول: إن صيغة السؤال استدراجية للإجابة بطريقة تقر فرضية السؤال عندما ضربت مثلاً بأن المواطنين السعوديين يعرفون بالكرم الحاتمي وإن بالاستدانة. يا سيدتي الفاضلة هنا أنت تضربين مثلاً بتصرف شريحة الطبقة المخملية التي لا تشكل نسبة تذكر من عدد أفراد المجتمع السعودي وهؤلاء غالباً لم يعرفوا الحاجة أو الدين في حياتهم. حبذا لو سبقت الأسئلة ببعض الأرقام عن حال المواطن السعودي، مثل عدد المواطنين المالكين لبيوت خاصة (التقسيط متاح لفئة صغيرة جداً منهم) أو نسبة البطالة، أو نسبة التعليم الجامعي ومتوسط الدخل إلى غير ذلك من الأرقام التي تذهل كل من اطلع عليها من دول الخليج أو أي مكان في العالم ممن يعلم أن المملكة السعودية هي ثالث أغنى دولة في تاريخ البشرية إذا قسمنا الدخل لعدد السكان وهي بعد قطر والإمارات العربية... وللمعلومية أن متوسط فائض الدخل اليومي يزيد عن مليار ريال، وهذا المبلغ يقال أننا نشتري به سندات الخزنة الأمريكية التي تعود علينا بربح ربوي 1-4% سنوياً ولا يمكن تسييلها واسترجاعها للأبد. السؤال الثاني: الواسطة شر لابد منه ومنها ما هو مستجدي ومنها ما هو مكتسب. ولا أرى أنه من الأسهل الاستجداء للحصول على الوساطة فهي ذل وإهدار للكرامة، ولكن هناك وساطة قد يبحث عنها فاعل الخير لإحقاق الحق أو دفع الضرر وهناك الكثير من الأحاديث الصحيحة في عظمة الأجر لمن يمشي في حاجة أخيه. أما الواسطة المكتسبة فأذكر مثالاً بسيطاً لها وهي حق كبار السن وغيرهم ممن خدموا هذا الوطن لسنوات عديدة ثم أحيلوا للتقاعد علماً أنه حالياً لا يوجد في النظام ما يميز هذا المواطن الذي قدم الكثير لوطنه. إذاً فالإجابة على هذا السؤال بالنفي لمن كانت لديه عزة النفس والكرامة ولكن يوجد الكثير ممن لا يهتمون بأي شيء سوى قضاء حاجتهم. السؤال الرابع: لا شك أن مساحة المملكة جغرافياً والوضع المالي لما يسمى بالدخل الوطني لا يسمح فقط للمواطن بالحصول على قطعة أرض بل يسمح لكافة سكان العالم العربي لو شئنا ذلك ولكن لن يحد ذلك من (أساطين التسول) لأن عملية الاستجداء هنا غالباً ما تكون للحصول على المال (بالتكسب من بيع أراضي المنح). السؤال الخامس: ببحث صغير في الإنترنت نستطيع معرفة مجموعة كبيرة من أغنى أغنياء العالم العربي ولكن بفضل من الله لا يحتاج الوطن لأي منهم بالإضافة إلى أن أولياء الأمر لا يبخلون بشيء على هذا الوطن وأبناؤه لولا البطانة الفاسدة التي تحيط بهم وكثيراً منهم ينطبق عليه قوله تعالى: {مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} السؤال السابع: هذا السؤال هو عبارة عن 3 أسئلة يمكن أن يكون كل منها موضوع رسالة ماجستير أو بحث اجتماعي بافتراض الحرية الكاملة في إبداء الرأي. أما الإجابة البسيطة فهي كالتالي: 1- نعم نحن بحاجة إلى ثقافة في الحقوق والواجبات معاً. 2- لا أعلم ما هو المقصود بمدونة وطنية إلا إذا كان ما يوازي في الدستور الأمريكي Bill of Rights فتكون إجابتي بنعم. السؤال الثاني عشر: لا لم نصل مرحلة النضج كمجتمع ولذا فضحايا النميمة السياسية يقطنون بعيداً عن أسرهم. الرسالة الأخيرة مشاركة من مواطن كأني فهمت منه عدم الرغبة في ذكر الاسم وفيها يقول: د. فوزية كل الأسئلة التي وضعتها مركزة جداً وتدور في فلك إشكاليات مجتمعنا، بالنسبة للسؤال الأول: فقد غرقت أنا وزوجتي وأضعنا سبع سنوات من عمرنا في ديون البيت والسيارة وهو مظهر عام بين أصدقائنا في العمل أنا وزوجتي لدرجة لا يوجد موظف جديد أو قديم إلا وعليه ديون، وهل تعلمين أنني وزوجتي ندخر في بنك لبنتنا الصغيرة لتعليمها وربما زواجها في المستقبل خوفا من غلاء الجامعات والذهب والقصور والعزائم، هذا شكل عام موجود كثير ينتقدونه لكن لا يعرفون الطريقة للفكاك منه. أما بالنسبة للسؤال الثاني: يوجد تمسكن وتوجد واسطة بسبب الجشع والخوف وعدم معرفة القانون جيداً فمع مديرك لابد من إظهار علامات ليس الاحترام بل المداهنة لماذا؟ لأن من لديه واسطة لا يهاب المدير ولا أحد فهناك قصة حصلت لموظف معنا في المدرسة كان كثير الغياب وفي الأخير جرت ترقيته بدل عقابه.. و(هناك في مجال التمايز السلبي بالإضافة للوساطة المعاناة من بعض مظاهر العنصرية) ومع تحسن الوضع نسبياً فالنزعات فيها تقع وأحياناً (العسكري) يقوم بدوره البسيط فليس لديه الحلول، إنما يحاول حلها بالصلح لذلك يستجدونه. أما بالنسبة للسؤال الثالث: فأنا أعدل السؤال هل من حل لتدافع الناس على الفول في رمضان؟ ورغم تطور الإنترنت حيث بالإمكان قبول شهادات الثانوية عن طريق الإيميل ثم يحدد كل يومين لتخصص بالدور لحل مشكلة تزاحم تسجيل المستجدين. لكن الجامعات لا ترتب أمورها ولا تستعد مسبقا بخطة لمواجهة موسم التسجيل و بعد حصول المشكلة تبلغ الشرطة لحلها ولو أنها كانت مستعدة بتنظيم حضاري مسبق لما حصل تدافع الطلاب. بالنسبة للسؤال الرابع: فها أنا غارق في دين البيت والسيارة ولم يصل دوري في بنك التسليف العقاري لأنه فوق الأربعين ألف وقد اشتريت أرضاً قبل 17عاماً ب 10 آلاف وقدمت في بنك التسليف العقاري ولم يأت الدور بعد عندما يأتي ماذا أفعل به، أنا مفلس وماذا تفعل 300 ألف للبناء بعد الغلاء والشروط التعجزية إذ لابد أن تكمل 60% قبل استلام المبلغ وقد فكرت بل ذهبت لأبلغهم أني أسكن بيتاً قديماً وأريد المبلغ لترميمه فماذا كان الرد البيت قديم يجب أن لا يتعدى عمر بنائه 10 سنوات. أما بالنسبة للسؤال السابع: نعم نحن بحاجة لثقافة حقوق لكن أين هي الحقوق على أرض الواقع كما أننا نجهل عناوين هيئاتها وهم مترفعون لا يقومون بزيارة الدوائر أو حتى إرسال نشرات توضح تلك الحقوق وليس من يعلم عنها إلا باجتهاد شخصي من البعض. بالنسبة للسؤال الثامن: نحن بحاجة لقانون واضح يحمي الناس من رجال في العمل وفي المرور أو نساء من أزواجهم المستغلين أو أطفال من آبائهم وغيرها. بالنسبة للسؤال التاسع: أنا عن نفسي لا أتابع الكتاب إلا ما ندر كما أنني لا أصدق كلام الجرائد لماذا، لأنه مصطنع ولا يلامس الناس ولا يدعوهم لإرسال آرائهم ولا يسائلهم ولا يدعو الناس بالتصويت في بعض الأمور التي قد تحتاج عدداً كبيراً من الأصوات لتبين الرأي العام ومدى قوة الطرح. بالنسبة للسؤال العاشر: نعم على كتاب الرأي أن يتنحوا جميعاً خصوصاً النزيهين ليتركوا غيرهم يكثروا من التلفيق والمديح. بالنسبة للسؤال الحادي عشر: سؤال صعب جداً عن منديل الأمان الذي لا بد من توفره للكاتب. للأسف يستعجل البعض في طرح قضايا كبيرة والمجتمع لا يتحمل طرح المجازفين الذين يضحون بأنفسهم من أجله لأن هناك من ليسوا واعين بحقوقهم. وللأسف أيضا ليس من وسيلة للدفاع عنهم ولولا طرح حقوق الإنسان ربما طالت مدد بعضهم في السجون ولولا قرارات الملك عبدالله بالعفو عنهم لما خرجوا من السجون فالمجتمع يخاف الطرح الجريء وإن كان صحيحاً وشفافاً. مجتمعنا لم يتعلم بعد بما يكفي لغة الحوار ولا حرية الرأي ولا مناقشة المسؤولين في قراراتهم فليس لديهم من يحميهم. استخلاص مختصر: يبدو من خلال ما تقدم أن هناك إجماعاً من المواطنين رجالاً ونساءً ممن تجشموا مشكورين مسؤولية مشاركتي الكتابة بإبداء الرأي حول عدد من القضايا الوطنية بالمجتمع السعودي على وجود عدد من الأوجاع الاجتماعية التي لا بد من التصدي لها بالشراكة بين الدولة وبين قوى المجتمع المدني إن كنا نروم تقدماً وإن كنا جادين في أطروحة الإصلاح السياسي والاجتماعي. ومنها قضية اشتداد وطأة المديونية على شرائح واسعة من الفئة الاجتماعية المتوسطة رغم ارتفاع نسبة الدخل الوطني ناهيك عن انحدار حاد في خط الفقر, قضية التمايز السلبي بين أبناء المجتمع مما ينتج اختلالاً في ميزان العدل الاجتماعي متمثلاً في آفة (الواسطة), هناك حاجة ماسة للتقنين وخصوصاً تقنين حقوق المواطنة مع وجود آليات تنفيذية تضمن تطبيقها على وجه المساواة, هناك حاجة لتوسيع التمثيل وتطوير آليات العمل بمجلس الشورى, ضرورة إيجاد حد أدنى مجز من الأجور مع توفير حق العمل للشباب, ضرورة توفير مناخ من الأمن الفكري والحرية لضمانة نزاهة كلمة المثقف، ضرورة تطوير مفهوم المواطنة والمشاركة الوطنية لمعالجة ثقافة الاستجداء والنفاق أو الانسحاب أو الإرهاب. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.