السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشرت الجزيرة في عددها رقم 10145 في 6/4/1421ه الحوار الذي اجراه الأستاذ عبدالرحمن العطوي مع فضيلة مساعد رئيس محاكم تبوك الشيخ ناصر العمري والذي تحدث فيه عن افتعال احراق المنازل والاشاعة بين الناس بأن ذلك من فعل الجن وقد نظر فضيلته قضية حادثة اشتعال النيران في أحد المنازل في تبوك وشاع بين الناس ان ذلك من فعل الجن ولكن الحقيقة ظهرت لفضيلته ان هذا من فعل فاعل وان الفاعل قد لقي جزاءه. وتعليقا عليه أقول ليست هذه أول مرة يشاع فيها مثل هذا فقد نشرت الصحف اشاعات كثيرة من هذا القبيل وروجت لها وبعد البحث والتحقيق ظهرت النتيجة ان سبب اشتعال النيران كان بفعل فاعل من الانس وليس من الجن, وقضية اعتقاد الانس بأن الجن يؤذونهم ويتلبسون بهم قضية قديمة من أيام الجاهلية فقد كان العرب عندما ينزلون واديا يقولون: نعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه فأنزل الله رداً عليهم وانه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا أي ان تعوذهم بهم من دون الله لم يزدهم الا خوفا منهم وتعبا مرهقا لعقولهم وأبدانهم لأنهم لم يتوكلوا على الله حق توكله. أما مس الشياطين للانس فهو ثابت في الكتاب والسنّة ولا أحد من المسلمين ينكره ولكنه مس لا يؤذي البدن ولا النفس والعقل ولكنه طريف يطوف بالانسان وقد أرشد الله للتخلص منه في قوله تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون كما انه نزغ من الشيطان ويكفي التعوذ منه بالله قال تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم كما انه وسوسة قال تعالى: قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس وهو مس من الشيطان وتخبط بالأقوال والأفعال ومغالطة وقلب للحقائق كما وصف الله سبحانه وتعالى آكلي الربا والمتعاملين فيه بقوله: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا فهم يتخبطون في أقوالهم وأفعالهم كما يتخبط من به مس من الشيطان جعله يقلب الحق باطلا والباطل حقا حسب فهمه وتصوره فهو يقول عن القرآن الكريم: إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر تعالى الله عما يقول علوا كبيرا. أما دخول الجن في جسد الانس والسيطرة عليه واصابته بالمرض والتحكم في عقله والتكلم بلسانه فهذا قول باطل ليس عليه دليل من الكتاب ولا من السنّة بل ان الأدلة المتواترة تنفي وقوعه والعقل السليم والمنطق المحسوس وسنّة الله في خلقه تؤكد عدم صحة حدوثه وقد أجمع علماء الأمة ان الشياطين ليس لهم على بني آدم سلطان قهر وارغام قال تعالى: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون وقال تعالى على لسان الشيطان يقوم القيامة: وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي والآيات في هذا كثيرة فاذا كانت الشياطين ليس لها سلطان تلبس بالانس فالجن من باب أولى لأن الشياطين هم مردة الجن. أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من بني آدم مجرى الدم فليس معناه انه يدخل في جسده فيؤذيه ويصيبه بالمرض الجسدي والنفسي ولكن وسوسته خفية وخطيرة ولطيفة تجري مع الدم في عروق من تولاه وانقاد له, قال تعالى: إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وقال تعالى: بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون فالخوف والفزع من الجن والاعتقاد انهم يضرون ضررا حسيا أو يؤذون اذى جسديا وان لهم سلطانا قويا قهريا على بني آدم فيه خطر عظيم على عقيدة المسلم فكيدهم لايتعدى الوسوسة قال تعالى: ان كيد الشيطان كان ضعيفا يقول من يدعون انهم يخرجون الجن من جسد الانس ان الجن يتكلم بلسان الانس الذي هو متلبس فيه وهذا كذب وتضليل وخداع, فلماذا لا يتكلم الجن بلسانه هو فقد ثبت من الكتاب والسنّة ان الجن يسمعون ويعقلون ويتكلمون فإذا كانوا صادقين في ما يدعونه قل يجعلوا الجن يتكلم بلسانه لا بلسان المريض وبحضور لجنة تتكون لهذا الغرض فيكون هذا كشفا لحدث لم يسبقهم اليه أحد من العالمين, أما الكذب والخداع والدجل والشعوذة فقد ولى عصرها ولن تنطلى الا على السذج والمغفلين, والله المستعان. محمد بن عبدالله الفوزان محافظة الغاط