السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد,. حين أقول ان باراك سحق باراك فانما أعني بذلك ان الاعتدال والسياسة المرنة التي تغلبت على التطرف والغلو والتعنت الأرعن، وهذا التطرف والرعونة بلغ ذروته الى درجة ان يتحدى الإرادة الدولية ويتحدى مسيرة قطار السلام للشرق الأوسط، وبلغ الأمر بهذا التطرف والتعنت في حكومة اسرائيل ممثلة في ايهود باراك ومن ورائه حزبه والمتحالفين معه من أقصى اليمين وحزب العمل ومن على شاكلتهم أقول بلغ به لأن يقف متصديا بين قضبان سكة قطار السلام للشرق الأوسط ليضع العصا أمام مسيرة القطار كي يرميه بعيدا عن مساره الصحيح، ولكن قد خاب ظن هذا المتعجرف باراك، فالقطار لم ينقلب ولم يتوقف، بل هو الصهيوني المتعجرف هو الذي سيخسر في الجولة فسيسقط في الانتخابات القادمة، وحسب تصوري البسيط ان هذا التحالف المهزوم سيتوارى رويدا رويدا عن الساحة السياسية في اسرائيل وسيصبح ضئيل التأثير على مجريات الأمور هناك الى مدى بعيد جدا، هذا ان لم أقل ان التطرف واللامبالاة بالارادة الدولية قد خرج ولم يعد ذلك لأن هذا العصر,, عصر التفتح والانفتاح ونبذ الحروب وحل الخلافات المزمنة والحديثة بين الشعوب والحكومات بمنطق العدل وبالحوار فقط هذا هو المنطق السائد في الموكب المتفتح في عصرنا الحاضر والذي لا يواكب هذا المنطق السليم ليعطي لكل ذي حق حقه دون اللجوء الى المدافع والألغام والحروب والتدمير فهو الخسران في النهاية وعليه ستدور الدوائر والتاريخ قد أثرانا بالدلائل المادية الدامغة قديما وحديثا، وعلى سبيل المثال لا الحصر هزيمة هتلر وموسوليني حين أرادا السيطرة على العالم ونهب ثرواته وكانا يمثلان النازية والفاشية بأبشع صورهما آنذاك وهزيمة الفاشية في فرنسا في حربها ضد تحرير الشعب الجزائري واستقلاله وغير ذلك من الدلائل كثير لا حصر لها أما حديثا فهزيمة صدام حسين حين غزا الكويت وتمادى في طغيانه وعبث واغتال ونهب والنتيجة ان أم المعارك باتت أم الهزائم وما زالت الصفعات تتلاحق فوق رأسه حتى يغمى عليه ويلقى حتفه على يد شعبه البطل لأن منطق التاريخ ومنطق الحق هو الذي يعلو ويتغلب في النهاية مهما طال الزمن كذلك حزب الليكود والعمل، فان هزيمته هذه هي الدليل الآخر في عصرنا الحديث على ان منطق العدوان والغزو ونهب ثروات الشعوب لصالح شعب ما أو لصالح فئة معينة هو منطق خاسر ومرفوض في نهاية المطاف واذا كانت وسائل الاعلام الدولي والصهيوني والوسائل الأخرى الخبيثة قد مهدت لتضع الضبابيات والغشاوات وذر الرماد في عيون شعوب العالم بأكمله لتمرير وإنجاح وعد بلفور المشؤوم حينذاك لاغتصاب فلسطين وتشريد شعبها ليحل محله شعب مجمع من أوروبا وغيرها ومن أنحاء العالم أقول اذا كانت وسائل الاعلام الدولي والصهيوني قد نجحت في تلكم المرحلة الزمنية المعينة فقلبت المعايير وجعلت الحق باطلا والباطل حقا والأبيض أسود والأسود أبيض فما هي إلا فترة عابرة من الزمن وما ضاع حق وراءه مطالب وان التاريخ لن يسمح لمنطق الباطل بالديمومة والبقاء وعِبَر التاريخ لا تحصى وهذا هو الدليل بين أعيننا ومسامعنا بان هذه اللعبة الخطرة بمصير الشعب الفلسطيني أصبحت الآن وقوداً لنار هائلة تحترق فيها أصابع صناع هذه اللعبة ووقودا لنهوض هذا المارد العملاق فخرج من عرينه ليصرخ صرخته للكفاح المشروع المثمر وفعلا تعالت صرخته مدوية فأرهبت قلوب الصهاينة وأقضت مضاجعهم، وهذه ثورة الحجارة القادمة لا محالة ستبرهن على ذلك بل انها في كل يوم تزداد قوة وتضافرا وتناميا حتى أرغمت عتاة الصهاينة ان يجلسوا مع مفاوضيهم على طاولة واحدة والند للند وكأنه اعتراف ضمني بشعب فلسطين وبإستقلاله التام بأرضه ووطنه حتى ولو كانت تشنجات باراك في تصريحاته بأنه لن يقبل مبدأ مقايضة الأرض بالسلام؟ ولكن وبمجرد جلوسه مع الفلسطينيين على طاولة واحدة فهو انتصار في حد ذاته ان الثعلب الصهيوني باراك المنتصر والذي حل مكان ذلك المهزوم الثعلب المتعجرف نتن ياهو قد أدلى بتصريحات مرنة بأنه سيقبل بمنطق الأرض مقابل السلام ولكن في أضيق الحدود وسيوقف بناء المستعمرات لأنها أثقلت كاهل الاقتصاد الاسرائيلي حسبما تناقلته وكالات الأنباء العالمية وبهذه التصريحات من باراك والتي يريد من ورائها استدرار تعاطف الحكومة الأمريكية وكسب تأييدها لتفسح الحجز عن العشرة مليارات دولار أو عن بعضها على الأقل وكذلك اراد ان يقول للاسرائيليين بأنني سأبني لكم اقتصاداً متينا تعويضا عما بعثره نتن ياهو من أموال هائلة على بناء المستعمرات مما زاد البطالة سوءاً ولكننا نقول لباراك وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر صحيح ان الثعلب الارهابي المهزوم نتن ياهو والثعلب المنتصر باراك وحزبيهما يرضعان من ثدي واحد ويتمحوران عند قاعدة واحدة وينطلقان من مبدأ واحد ذلك الذي يقول ان الكيان الصهيوني يجب ان يمتد من الفرات الى النيل دولة اسرائيل الكبرى ولا خلاف بينهما في ذلك بتاتا وانما الخلاف بينهما هو في عمق الرؤية السياسية وماهي الطرق السالكة والطرق الشائكة والمرونة في السياسة والمراوغة والخداع وطرق الالتفاف على المفاوضات العربية الفلسطينية والاسرائيلية، والاثنان يشربان من بئر نتنة واحدة ويصبانه في مرمى واحد وهو صنع دولة اسرائيل الكبرى، ولكن مهما بلغ حزب العمل من ذكاء خارق ومهما بلغ منظروه من فطنة وحنكة ثعلبية فائقة فلابد وان ينحني لهذا البركان الغاضب ثورة الحجارة والسكاكين الآتية لا محالة امام هذا الوضع المتردي في المباحثات ولهذا المنعطف التاريخي ورياح التغيير في سيناريو حل المعضلات في العالم ان عاجلا او آجلا فالمكر والخداع في المرونة والتصريحات لن يفلح مع ثورة الانتفاضة ولن يعرقل مسيرتها الصاعدة ولن يخرج من المأزق المزمن الا بالاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني والاعتراف بأن القدس هي عاصمة دولة فلسطين التي سيعلنها الرئيس ياسر عرفات عما قريب,والله من وراء القصد. مالك ناصر درار