ذكر ابن كثير في البداية والنهاية بعضاً من صفات الوزير العالم ابي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة أنه قرأ القرآن وسمع الحديث، وكانت له معرفة جيدة بالحق واللغة والعروض، تفقه على مذهب الإمام أحمد ، وله مصنفات كثيرة وأشهرها كتاب الافصاح. كان من خيار الوزراء واحسنهم سيرة، وابعدهم عن الظلم، وكان المقتفي يقول : ما وزر لبني العباس مثله. وكان ابنه المستنجد بن المقتفي معجباً به ، قال مرجان الخادم: سمعت أمير المؤمنين المستنجد ينشد على ابن هبيرة: صفت نعمتان خصتاك وعمتا ذكرهما حتى القيامة يدكر وجودك والدنيا إليك فقيرة وجودك والمعروف في الناس ينكر فلو رام يايحيى مكانك جعفر ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر ولم أر من ينوي لك السوء يا أبا المظفر إلا كنت أنت المظفر وذكر ابن رجب في كتاب الذيل علىطبقات الحنابلة أنه لماولي الوزير أبو المظفر رحمه الله الوزارة بالغ في تقريب خيارالناس من الفقهاء والمحدثين والصالحين ،واجتهد في إكرامهم وايصال النفع إليهم، وارتفع أهل السنة به غاية الارتفاع، ولقد قال مرة في وزارته : والله لقد كنت أسأل الله تعالى الدنيا لأخدم بما يرزقنيه منها العلم وأهله. وقال ابن رجب رحمه الله : وكان الوزير شديد التواضع ، رافضاً للكبر، شديد الإيثار لمجالسة أرباب الدين والفقراء ، بحيث سمعته في بعض الأيام يقول للبعض وهو يخاطبه : أنت أخي والمسلمون كلهم أخوة، وكان له رحمه الله مجالس يعلم فيها الناس، ويتعلم منه طلاب العلم وله شعر جميل في النصح والإرشاد، فمنه: يا أيها الناس إني ناصح لكم فعوا كلامي ، فإني ذو تجاريب لا تلهينكم الدنيا بزهرتها فما تدوم على حسن ولا طيب وقال أيضا يلذ بهذا العيش من ليس يعقل ويزهد فيه الألمعي المحصل وما عجب نفس أن ترى الرأي إنما العجيبة نفس مقتضى الرأي تفعل إلى الله أشكو همة دنيوية ترى النص إلا انها تتأول ينهنها موت المنية فترعوي ويخدعها روح الحياة فتغفل فهذا بعض ما جاء عن الوزير العالم ابن هبيرة، وإن أمتنا الإسلامية أمة ولود لا تعقم أبداًو فقد يسر الله جل وعلا أن نشرف باللقاء مع وزير عالم يجتمع مع ابن هبيرة في أمور، ويفترقان في أمور، فيجتمعان في أن كلا منهما ينسب للعلم والعلماء، وكلاهما تولى الوزارة ، وكلاهما يحمل أخلاقاً نبيلة، وكلاهما حريص على مصالح المسلمين. فابن هبيرة عرفناه من خلال سيرته ، ومعالي الشيخ صالح آل الشيخ عرفناه من خلال سيرته الحية وزادت المعرفة به من خلال استقباله واللقاء به في بلد لم نولد بها ولم نترعرع عليها، ولكن زيارة معالي الشيخ كان الهدف منها تفقد أحوال اخوانه المسلمين في جمهورية سريلانكا ودعمهم وتوجيهه للدعاة إلى الله، فألفينا الشيخ صالحاً عالماً جليلاً وداعية خبيراً، وخلوقاً مؤدباً إذا حدثه أحد التفت إليه بكامل وجهه وإذا شكا له أحد خفف عنه وواساه،وإذا استعان به أحد آزره ونصره، وهذه صفات العلماء العاملين نحسبه والله حسيبه ولا يستغرب الخير من أهله ، ولا الطيب من معدنه ،وقد شرفنا معالي الشيخ بزيارة خاصة لجمعية شباب مسلمي سيلان فأعجب بما رأى، وأيد ووجه ودعم نسأل الله جل وعلا أن يكون ذلك في ميزان حسناته ، ويفترق الوزيران في أمور : فابن هبيرة له شرف التقدم والأسبقية وابن هبيرة أفضى إلى ما قدم وانقطع عمله إلا من احدى ثلاث كما جاء في الحديث النبوي، أما معالي الشيخ صالح آل الشيخ فما زال حي يرزق وقوي معافى يعمل وينتج، فإنه قدم الكثير ونطالبه بالكثير ونظن فيه الخير الكثير في نصرة قضايا المسلمين في أنحاء المعمورة فإنه ابن العلماء وحفيدهم وقد ولاه الله أمر هذه الوزارة المباركة إن شاء الله التي وصل خيرها لكل قطر ودعوتها لكل صقع نسأل الله له الإعانة والتوفيق وكل هذا بتوجيه من ولاة أمر هذه البلاد اجزل الله لهم المثوبة وأعانهم على كل خير. وباسمي وباسم مسلمي سيلان نشكر لمعالي الوزير زيارته الميمونة التي نفع الله بها نفعاً عظيماً، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين.