على الرغم من المخاطر الكبيرة التي يسببها التدخين فان هناك اصرارا من جانب الجميع على تعاطي التدخين، وتبدو الخطورة افدح عندما تمارس النساء هذه العادة الخطيرة، وقد تزايد عدد النساء في نادي المدخنين مع ان اضرار التدخين تمتد الى اطفالهن حتى قبل ان يولدوا, والمثير في الامر ان ثمة تحذيرات كثيرة سواء من جانب شركات التدخين ذاتها أو بموجب قوانين واعراف موضوعة لكن الردع لايزال غير كاف لوقف هذه العادة الضارة ثم امتد التحذير الى حصر أضراره الصحية سواء على المدخنة او من حولها الا ان الاقلاع عن هذا السلوك لم يحرز نتائج كبيرة، واخيرا طال الامر البعد الاجتماعي والنفسي لدى المدخنات، فبدا الموقف اكثر صعوبة على اعتبار ان النساء لديهن حساسية مفرطة تجاه هذا البعد، حيث اظهرت دراسة علمية بريطانية نشرت مؤخرا ان المرأة اضعف ارادة من الرجل في الاقلاع عن التدخين. وقالت الدراسة انه على الرغم من ان عدد المدخنات أقل بكثير من عدد الرجال فان المدخنات لايقدرن على الاستغناء عن التدخين فما هي الاسباب التي تجعل المرأة تقدم على التدخين؟ وهل هذه الاسباب تختلف عن الاسباب التي تجعل الرجل يدخن؟ ولماذا تكون المرأة اضعف ارادة من الرجل في الاقلاع عن التدخين؟ وكيف يمكن تقوية هذه الارادة؟ وما تأثير هذه العادة على العلاقات الزوجية والاطفال؟ ولاشك ان اسباب تدخين المرأة في مجتمعاتنا امر جديد حدوثه ومن التصرفات الشاذة المستهجنة والمرفوضة من جميع فئات المجتمع بما فيها المرأة, ولكن هناك اسباب متعددة وراء بروز ظاهرة تدخين المرأة مؤخرا يوردها رئيس مجلس ادارة الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين الدكتور عبدالله البداح وهي التأثر المباشر وغير المباشر لحملات الدعاية والاعلان والترويج التي تقوم بها شركات تصنيع وتجارة التبغ العالمية باستخدام القنوات الفضائية والصحافة الدولية ودعم برامج الرياضة والفن وبأساليب ملتوية وهناك ايضا الفراغ الذي تشعر به بعض النساء ممن لم يحسن استغلال واستثمار اوقاتهن واهمال الاسرة في متابعة افرادها, ثم هناك التجمعات النسوية والنخبوية ممن يعتبرن انفسهن من سيدات المجتمع الراقي ويتوهمن ان التدخين يعتبر مظهرا مكملا لمظاهر التمدن والتحضر وتواضع مستوى التوجيه والتوعية لهذا الجانب من قبل الجهات ذات العلاقة مثل الرئاسة العامة لتعليم البنات والجمعيات الخيرية النسائية والاقسام النسائية بالجامعات السعودية وايضا ضعف الوازع الديني ومراقبة الله والجهل بأحكام الشريعة المتعلقة بتحريم تعاطي منتجات التبغ والجهل بأضراره الصحية والاقتصادية ومن الاسباب ايضا عمل المرأة واحتكاكها بالمدخنات مع وجود دخل مالي مستقل ورغبتها في الاستقلالية ومساواة الرجل والاحساس بأنها ذات مسؤولية تستطيع مجاراة ما يستجد في العالم الغربي بما فيها عادة التدخين. ويشير د, البداح إلى ان الأمر بحاجة لاجراء دراسة ميدانية اجتماعية محلية لمعرفة الاسباب الاكثر حدوثا وعلاقتها بتدخين المرأة في مجتمع له خصوصياته النابعة من ثقافة اسلامية اصيلة. أسباب واحدة ومن جهة اخرى يرى د, البداح ان اسباب تدخين المرأة لا تختلف عن اسباب تدخين الرجل كثيرا خاصة بداياتها نظرا لوجود الكثير من العوامل المشتركة مثل حب المحاكاة والتقليد في سن المراهقة والتجمعات والاحتكاك بالمدخنين وتأثير وسائل الاعلام السلبي على الجميع. ظاهرة ذكورية ويؤكد اخصائي اول الطب النفسي في مستشفيات الملك خالد الجامعي الدكتور فلاح بن محمد العتيبي ان المرأة تلجأ الى التدخين لانها ترى انه ظاهرة ذكورية وتريد ان تنافس الرجل فيه فالمرأة تريد ان تقول للرجل انت لست افضل مني وانت تدمر نفسك فأنا اتفوق عليك في التدمير ,,,!! اضف الى ذلك رفيقة السوء والتربية والبيئة والتنفيس من الضغوط النفسية والتمرد على العادات والتقاليد والتقليد والمحاكاة,ويشير استشاري طب الاسرة والمجتمع بمستشفى قوى الامن بالرياض الدكتور محمد بن عبدالرحمن الدايل الى انه من الصعب ان يقال ان المرأة اضعف ارادة من الرجل في امر ما فهناك نساء لديهن ارادة في بعض الامور اقوى من ارادة الرجال والانسان سواء كان رجلا او امرأة قد تكون لديه ارادة في امور اقوى من غيرها تتعلق باقتناعه بذلك الامر ومساسه بمجريات حياته وارتباط ذلك الامر بقناعات الشخص وغيرها ,ويؤيد د, عبدالله البداح زميله الدايل ويضيف بأن المرأة قد لا تملك شجاعة الرجل بالاعتراف للطبيب او الاخصائي النفسي انها مدخنة او الاعتراف للغير ان لديها مشكلة ترغب في تركها، وقد يكون من المناسب اتاحة الفرصة للمرأة بأن تساعدها امرأة متخصصة بترك هذه العادة من خلال عيادات مكافحة التدخين المنتشرة في المملكة ونشر وزيادة الوعي الصحي وتوجيه جزء كبير منه للمرأة والاسرة وتحذير المرأة بشكل مباشر من اساليب دعاية مصنعي منتجات التبغ في استهلاك المرأة كزبون بديل مستقبلي بدلا من الرجل وهي تجربة واقعية مرت فيها المرأة في العالم الغربي واستطاعت مواجهة ذلك بكل حزم وجدية. القناعة بترك التدخين ويرى الدكتور محمد الدايل انه يمكن تقوية ارادة المرأة للاقلاع عن التدخين من خلال قناعتها بأهمية وضرورة ترك التدخين وارتباط هذه القناعة بثوابت قوية في حياة المدخن كتأثير المعتقد وبيئة النشأة وغيرها وايضا تدعيم هذه القناعة بحقائق علمية حول مخاطر التدخين على صحة الفرد والمجتمع ولعله من المهم الى جانب تقوية الارادة في الاقلاع عن التدخين تأثير الصحبة والبيئة التي تعيشها المقلعة عن التدخين حيث ان لذلك الاثر الاقوى في الاستمرار على ترك التدخين. السرطان ينتظر المدخنة! ويشير د, عبدالله البداح إلى ان لتدخين المرأة تأثيرا مباشرا على صحتها مثل الاصابة بسرطان الرئة والتهاب الرئة المزمن وتمدد اغشية الرئة وسرطان الفم والحنجرة والمثانة والكلية وامراض القرحة الهضمية كما يؤثر التدخين على نضارة ونعومة الجلد ويؤدي الى الهرم المبكر وزيادة وسرعة في ترهل الجلد خاصة الوجه وتأثر خصوبة الانجاب واحتمال الاصابة بسرطان عنق الرحم وزيادة نسبة حصول اجهاض عند الام المدخنة وتأثر الجنين ونقص وزن المولود عند الولادة، كما ان تدخين الام يؤثر على صحة الاطفال حولها بحدوث التهابات صدرية متكررة ونوبات ربوشديدة واحتمال حدوث سرطان الرئة في حالة التدخين المزمن خاصة مع وجود زوج مدخن، اضافة لتوتر العلاقة الزوجية والاسرية في حالة وجود احد الزوجين لا يدخن وحدوث ما لا تحمد عقباه,, اضافة لتأثير تدخين الام او الاخت على بقية افراد الاسرة كونها قدوة سيئة قد يقلدها الاطفال لاحقا. ويضيف د, محمد الدايل ان هناك تأثيراً على تدخين احد الزوجين على الاخر سواء من الناحية الصحية وهو ما يعرف بالمدخن السلبي وهو الشخص الذي يعيش مع المدخن في بيئته ناهيك ان تكون هذه العلاقة من العلاقات الحميمة كما هو الامر بين الزوجين اما الاطفال فيتأثرون تأثرا مباشرا من تدخين احد الابوين او كلاهما ويمتد هذا التأثير السلبي من بدايات تكون الجنين والحياة في الرحم الى ما بعد ذلك مما اثبتته الدراسات في هذا المجال. ربع النساء يدخن ويشير رئيس مجلس ادارة الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين الى انه لا توجد ارقام دقيقة عن عدد من توفين من التدخين في المملكة في الاعوام الماضية لكن خلال السنوات القليلة الماضية يموت في العالم كل عام حوالي اربعة ملايين نسمة وسيظل العدد في تزايد حتى يكون في عام 2025م عشرة ملايين سنويا أي بحلول هذا التاريخ يكون العالم خسر ما يزيد على مائة مليون نسمة وهو ما لم تسببه اي حرب في تاريخ البشرية,ويؤكد د, البداح ان وضع المدخنات في المملكة ما زال غامضا بالنسبة لمسببات تعاطيهن العادة الحقيقية او بالنسبة لأعدادهن، لكن هناك ارقام في دراسات متفرقة عن نسب مخيفة جدا قد تصل الى 25 بالمائة من النساء يدخن في مجتمع ما، في مدارس منطقة ما، او بين فئة هي في مجتمع معين مثلا، ويبقى من الصعب جدا الوصول لنسبة تقريبية فكيف بواقعية عن المدخنات بالمملكة نظرا لظروف المرأة الاجتماعية وتميزها في المملكة. ودعا البداح في ختام هذا التحقيق الرئاسة العامة لتعليم البنات والجمعيات النسائية والقطاعات الصحية وغيرها إلى تكثيف التوعية للمرأة بهذا الشأن مع القيام باجراء دراسات بشأن تدخين المرأة واسبابه ومدى انتشاره.