هو حديث كل عام,, ومدخل مهم لكل صيف,, واهتمام بالغ من كل الجهات المعنية بهذا الأمر,, ذلك أن الاجازات الصيفية هي هاجس كل أسرة وكل داعية وكل مسؤول,, كيف نجنب شبابنا هول الفراغ وانعكاساته المدمرة اذا لم يستغل جيدا؟ ولأن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الجهات المعنية بهذا الأمر,, فإن الهيئة دائما ما تضع الاستغلال الأمثل بالاجازات والعطلات جل اهتمامها وفي مطلع أولوياتها. والرسالة بدورها تتنافس مع المتنافسين من أجل تمضية اجازة سعيدة بلا منغصات ولا آثار سلبية على شبابنا وأسرنا,, فتلتقي بعدد من العلماء والمربين الذين يبينون النافع والصالح في اجازات الصيف فماذا قالوا؟ نهارهم ليل,, وليلهم نهار قبل الدخول في صلب الموضوع وعرض البرامج المفيدة والنافعة في الاجازة الصيفية نتطرق الى سلبيتين دائما ما تتكرران في الاجازات الصيفية حيث يشير فضيلة الشيخ محمد بن سعد السعيد امام وخطيب جامع سلطانة الشرقي الى أن أغلب الناس وخاصة الشباب جعلوا من الليل نهارا ومن النهار ليلا أيام الاجازات والعطل ودليل ذلك أنك اذا خرجت الى الشوارع العامة بعد منتصف الليل تجد الحركة دؤوبة والناس منتشرين وكأنك في رابعة النهار، وبعد صلاة الفجر يخيم السكون على المدينة وتقل الحركة وكأنك في وسط الليل، وهذا مشاهد ومحسوس عندما تجد كثيرا من الشباب في الشوارع العامة وعلى عتبات المنازل وفي الطرقات يلعبون وعلى الأرصفة يجلسون وعند أبواب البوفيهات والمطاعم يترددون وكأنهم في وسط النهار. والسؤال الذي ينبغي أن نسأله أنفسنا كآباء ومسؤولين وطلاب هل هذا السهر وهذه الحركة الدؤوبة الى ما بعد منتصف الليل على خير أم سوء؟ وهل هي في صالحهم وصالح المجتمع أم لا؟ وما هي الآثار السلبية لهذا النمط من الحياة؟ وما هي الحلول لذلك؟ ثم يجيب السعيد على تساؤلاته قائلا: إنه يجب أن نزن أمورنا بميزان الشرع ونعرضها على الكتاب والسنة، فالسهر من غير ذي حاجة وضرورة مخالفة لما نصت عليه الآيات القرآنية لكونه مخالفا لسنة الله في الكون وفي الخلق من كون الليل لباسا والنهار معاشا قال تعالى:(وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها إلا ما كان فيه مصلحة كإكرام الضيف وحديث الزوجة وطلب العلم وقيام الليل في طاعة الله عزوجل. سهر ومنكرات ويستطرد السعيد في حديثه مشيرا ان السهر بهذه الحالة التي يعيشها كثير من الناس في وقتنا الحاضر مخالف للشرع خصوصا اذا صاحب هذا السهر شيء من المنكرات والمعاصي فالسهر على مشاهدة وسماع المحطات الفضائية وما يبث في أغلبها من السموم والأفكار المنحرفة والأغاني والأفلام الساقطة والمشاهد المثيرة، أو مشاهدة المجلات الخليعة أو الألعاب المحرمة كلعبة القمار وما شابهها أو السهر على شرب الدخان والشيشة والمخدرات والمسكرات أو كان ذلك السهر بالدوران في الشوارع والتجمعات المشبوهة وايذاء الناس في منازلهم وطرقاتهم بأي نوع من أنواع الأذية، ناهيك عن بعض الاستراحات وما يحصل فيها من المخالفات والمنكرات ثم بعد هذا السهر الى الهزيع الأخير من الليل، ما هي النتيجة؟ وماذا يترتب على ذلك؟ النتيجة: النوم عن صلاة الفجر والظهر والعصر والجمعة وعدم حضورها بحجة السهر وهذا ديدن وعذر كثير من الناس وخاصة الطلاب في الاجازات ولا يخفى ما في ذلك من الحرمة والمخالفة للشرع، ومن ذلك النوم بالنهار وترك المصالح العامة والخاصة وتعطيلها والاهمال في الواجبات والأعمال ولاسيما الموظفين والعمال مضيفا كذلك الغفلة عن الأهل واهمال واجبات الأسرة والعشرة الزوجية للمتزوجين ومن ذلك ارباك الأمن والاخلال به وتشكيل خطورة من بعض الساهرين على المنازل والمتاجر والممتلكات والأعراض، ومن ذلك خطورة الاحتكاك بين الشباب الصغار والكبار خصوصا المنحرفين وما يولده ذلك من الآثار السيئة التي لا تحمد عقباها كل ذلك يجري بسبب السهر في الليل والنوم في النهار تحت مظلة العطلة والفراغ واهمال الآباء لأبنائهم وعدم تنظيم الوقت وتقليد الغرب في نمط حياته والسير في ركابه وما تفرزه بعض وسائل الاعلام العالمية من مغريات وفتن لا حصر لها. الإيدز والهربس,, وأشياء أخرى بعد ذلك يتحدث فضيلة د, فهد العصيمي المدرس بكلية المعلمين عن السلبية الثانية من سلبيات قضاء الاجازة وهي السفر لبلاد الكفار على الشباب حيث يشير ان هناك انعكاسات خطيرة على شباب المسلمين اذا ذهبوا الى بلاد الكفر وما في حكمها، حيث ان هذه البلدان مهيأة لجميع أنواع الانحراف العقائدي، والفكري، والأخلاقي، والأمني، والمالي، والصحي؛ فتصور ذلك الشاب الذي نشأ في بيئة صالحة وتربة خصبة وفطرته سليمة عندما يذهب لبلاد لا تعرف الحلال من الحرام، بلاد انتشرت فيها كثير من المعاصي مثل الزنا والربا والقمار والشذوذ الى جانب ترك الدين وبث الزندقة والالحاد، والذهاب لنوادي العراة والسينما والأفلام ووجود المجلات والكتب الداعرة البوليسية الساقطة، فهم بذلك لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، حياتهم لهو ولعب:(إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل), علما أنهم بطرقهم الملتوية يقتنصون أبناءنا بشتى الوسائل والطرق لافسادهم من جميع الوجوه، ولهم منظمات سرية وعلنية لهذه المهمة, ويؤكد العصيمي أن لهؤلاء الكفار مع هذا الشاب المسلم صولات وجولات علنية وسرية، فالذي يرونه يحب الخمور والزنا والشذوذ ييسرون ذلك له بشتى الطرق والوسائل وبأرخص الأثمان أحيانا، من أجل نقل مرض نقص المناعة اليه الايدز وكذلك الهربس، والذي يرونه يحب المطالعة والقراءة يأتون له بكتب الردة والالحاد والزندقة والفلسفة وغيرها مما يوجد لدى الشاب زعزعة في دينه الاسلامي وعدم ثقة بأمته، والذي يرون معه أموالا طائلة ييسرون له أماكن اللهو ونوادي العراة والقمار ونحو ذلك حتى يسلبوا منه تلك الثروة،وكم سمعنا من القصص التي يندى لها جبين كل مسلم، وهذا قليل من كثير من المخاطر التي تنعكس على الفرد ومن ثم يعود ضررها على الجماعة,, مشيراً في هذا الصدد أنه قد صدرت فتاوى من علمائنا يحرمون الذهاب الى بلاد الكفار الا لأسباب وضرورات مع عمل الاحتياطات اللازمة. ايجابيات السياحة الداخلية بعد ذلك يتحدث فضيلة الشيخ عامر بن عبدالمحسن العامر مدير عام فرع عسير عن السياحة الداخلية موضحا انها مطلب وطني وان مقوماتها الاساسية متوفرة في هذا البلد الآمن ومن اجزائه الغالية منطقة عسير التي حباها الله بأنواع متعددة من المناخات التي تؤهلها ان تستقبل الزائرين صيفاً وشتاءً لقضاء إجازة سعيدة وآمنة، وعدد فضيلته إيجابيات السياحة الداخلية خاصة منطقة عسير فيما يلي: اولا: إتاحة الفرصة للمواطن لقضاء إجازته بين اسرته وفي ربوع وطنه. ثانيا: ما تتمتع به هذه المنطقة ولله الحمد من اجواء ربيعية صيفاً وشتاءً الى جانب توفر الغابات الكثيفة واماكن السكن المريحة والخدمات الاساسية من مياه وكهرباء وهاتف وسهولة سبل المواصلات والاتصال منها وإليها. ثالثا: رقي المرافق المنفذة. رابعا: توازن قاعدتي العرض والطلب من خلال توفر المساكن والمواد الغذائية وفوق ذاك الامن الوارف الظلال, وأوضح فضيلته ان الفرع قد جند كافة إمكاناته البشرية والآلية ففتحت المراكز في مواقع الاصطياف في كل من السودة والحبلة والشعف ودعمت هيئة محافظة خميس مشيط ومراكز مدينة ابها والمراكز الواقعة على طريق الحجاز السياحي ونحن في فرع الرئاسة بمنطقة عسير نؤدي دورنا في هذا المجال لتكون السياحة نقية. كل الناس يغدو بعد ذلك يتفضل فضيلة الشيخ د, صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء بذكر اصناف الناس في العطلة حيث ينقسمون الى أقسام، فمنهم الرابح فيها ومنهم الخاسر، (وكل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها), مشيرا فضيلته الى افضل الأصناف والذي منهم من يقيم في بلده يقضي الإجازة بتعليم أولاده القرآن الكريم، ويحضرهم الى المساجد لتلقي القرآن، ويراقب حضورهم وغيابهم، ويتعاهد حفظهم وتحصيلهم ويلزمهم بأداء الصلوات الخمس مع الجماعة، فهذا قد نصح أولاده، وحفظ أمانة الله فيهم، ويسعى في إصلاحهم ليكونوا عوناً له في الحياة، وخلفاً وذخراً بعد الممات وقد قام بالواجب، وبذل الأسباب والله لا يضيع اجر من أحسن عملاً,. والبعض: يقضي العطلة بالسفر لزيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي، فيقضي اوقاته في الحرمين الشريفين بأنواع الطاعات, (والصلاة الواحدة في المسجد الحرام عن مائة ألف صلاة، وفي المسجد النبوي عن الف صلاة), فهذا قد عرف قيمة الوقت ووفق لاستغلاله,. ويواصل د, الفوزان حديثه قائلا: والبعض الآخر: يسافر لزيارة أقاربه وصلة أرحامه، ويقضي العطلة معهم وعندهم لتقر أعينهم به ويؤدي حقهم عليه، فهذا مأجور وقد استفاد من وقته وأدى ما عليه. ومنهم من يسافر للنزهة في داخل البلاد وبين اظهر المسلمين في أرجاء المملكة، في ناحية من نواحيها محافظا على دينه, فعمله هذا مباح لا لوم عليه فيه. دور التحفيظ من جهته دعا الأستاذ سلطان العبدالجبار مشرف التوجيه بفرع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بفرع الشمال بالرياض الى حسن اغتنام فرصة إجازة الشباب بما يعود عليهم بالنفع في الدنيا والآخرة, وتطرق سعادته لتجربة فرع الجمعية في مجال تنظيم الدورات المكثفة المختصة بتعليم القراءة والتجويد ودورها الفعال في اغتنام الأوقات بما يعود بالنفع على المشارك في الدنيا والآخرة فقال: إن لفرع الجمعية في شمال الرياض تجربة رائدة في هذا المجال ونحمد الله سبحانه على التوفيق إذا تلقى هذه الدورات جل العناية والدعم من فضيلة رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض الشيخ عبدالرحمن الفريان فأثمرت الخير الكثير وكان آخرها المقام حاليا بجامع الحديثي في حي المغرزات علاوة على مثيلاتها التي نظمها الفرع في وقت سابق في جامع الملك خالد في حي أم الحمام والتي تركت أصداء كبيرة على مستوى المدرسين الأكفاء المشاركين فيها والحضور الكثيف من جميع مستويات الدارسين الذي كان له دور كبير في نشر وتعليم كتاب الله على مستوى جميع أفراد الاسرة. المراكز الصيفية ولاشك ان من البرامج المفيدة لاستغلال الإجازة الصيفية تلك المراكز الصيفية التي هي من اهم المحاضن التربوية لاسيما حينما تحقق هذه المراكز اهدافها حول دور المراكز الصيفية وأهمية الالتحاق بها من قبل الشباب يحدثنا الاستاذ فهد بن عبدالله السبيعي مدير المركز الصيفي بثانوية العز بن عبدالسلام قائلا: لا شك ان الطلاب يعيشون هذه الايام فترة إجازة وانقطاع عن الدراسة ولا بد لهم من بديل تربوي يسدون به هذه الثغرة الزمنية؛ ولئن كان اعظم ما يستغل به الإنسان وقته هو كتاب الله؛ فإنه بعد ذلك بحاجة لشيء من الترفيه والترويح وهذا كله يجده في تلك المراكز المباركة، مشيرا سعادته الى ان ادارة التعليم بمنطقة الرياض قد افتتحت (29) مركزا صيفيا هذا العام حيث كانت البداية للمراكز يوم السبت الماضي وينتهي العمل بها يوم الاربعاء السابع عشر من شهر ربيع الثاني موضحا السبيعي ان هناك انشطة كثيرة ومتنوعة في المراكز الصيفية منها: النشاط الثقافي ويشمل إقامة المحاضرات والندوات والمسابقات الداخلية والخارجية وكذلك الحفلات المسرحية والإصدارات المتنوعة، مشيرا كذلك الى النشاط الاجتماعي الذي يشمل الزيارات المتنوعة للمؤسسات التعليمية والخيرية والمصانع وغيرها وكذلك الرحلات سواءً للعمرة او المناطق السياحية في المملكة، الى جانب إقامة الدورات العلمية والعملية ومنها: دورة في الخط العربي والإملاء ودورة في الحاسب الآلي ودورة في التجويد ودورة في الميكانيكا ودورة في الكهرباء ودورة في لعبة الدفاع عن النفس (الكاراتيه) وكذلك دورة في تخريج الأحاديث، واضاف السبيعي ان هناك الانشطة الرياضية والكشفية وذلك بإقامة الحفلات الرياضية وإقامة الدورات التنافسية في لعبة القدم والسلة والطائرة وتنس الطاولة الى جانب وجود فرقة كشفية تخدم المركز تقدم انظمة كشفية متنوعة. رسالة المسجد وفي ختام هذا الموضوع يقف بنا الشيخ خالد بن محمد الدمجان امام وخطيب جامع وزير العدل بسلطانة والمشرف على حلقات الجامع عند نقطة مهمة الا وهي رسالة المسجد ودور الإمام في تنشيط هذه الرسالة خاصة في وقت الاجازات قائلا: مما لاشك فيه ان على الامام عبء ثقيل ومسئولية عظمى امام الله سبحانه وتعالى وذلك لان رسالة المسجد سامية فليست قاصرة على اداء الصلوات بل تتعدى ذلك بكثير، مشيراً انه يجب على امام المسجد ان يحيي رسالته الحقيقية بتكثيف الدروس العلمية والكلمات التوجيهية وان يقيم حلقات تحفيظ القرآن للبنين والبنات وان يشرف عليها بنفسه وان تكون انشطة مدرسة البنين مواكبة لرغبات الشباب في الوقت الحاضر فتشبع بالدورات العلمية والمسابقات الثقافية والبرامج التوعوية والرحلات الخلوية والانشطة الرياضية التي تكون جالبة للشباب ومرغبة لهم في الانضمام الى هذه الحلقات وان تكثف انشطتها الى حد كبير لا سيما في الإجازة الصيفية التي يعاني فيها الطلاب مشكلة الفراغ مما قد يكون سببا لوقوعهم في مستنقعات الرذيلة ومهاوي الشذوذ وبؤر الفساد, ولهذا حث الرسول عليه الصلاة والسلام امته على استغلال اوقات الفراغ فقال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس,, وذكر: فراغك قبل شغلك) بل يبين عليه الصلاة والسلام ان الفراغ لدى الإنسان من أكبر نعم الله تعالى عليه فقال عليه السلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) مضيفاً أنه لابد لإمام المسجد من احتواء أولئك الشباب الذين يهيمون في الشوارع ويتسكعون في الطرقات ويسعى في استصلاحهم، لأنهم جيل اليوم ورجال الغد فبصلاحهم صلاح المجتمع وبفسادهم فساده.