تشكل الإجازة الصيفية هماً يقلق كثيراً من الأسر بسبب الفراغ الكبير. وما إن تبدأ الإجازة الصيفية حتى يتحول الليل إلى نهار ويكثر السهر إلى الفجر. وكثير من الآباء يدخلون في صراع مع الأبناء بسبب الفراغ وخروجهم من البيت والتأخر في العودة إليه إلى ساعات متأخرة من الليل ويلقون باللائمة علىهم لعدم الاستفادة من الإجازة ويقف الآباء مكتوفي الأيدي لا يحركوا ساكناً سوى النقد والتجريح لأبنائهم ودون الخروج بنظرة صحيحة في التعامل مع الإجازة. - ولنا عدة وقفات مع التخطيط السليم للإجازة: أولاً: لابد من تغيير القناعات والمفهوم الخاطئ لدى الأبناء والبنات بأن الإجازة فترة للراحة والدعة وكثرة النوم والسهر المتواصل ولابد من تكوين الاتجاه الصحيح بأن الإجازة فترة للاستجمام المفيد المنضبط بضوابط معينة وأنها مجال مفتوح للخروج عن دائرة رتابة اليوم الدراسي إلى برنامج مفتوح لصقل المواهب واكتشافها. ثانياً: إن على رب الأسرة أن يجيد التخطيط لقضاء الإجازة مع أبنائه وحبذا أن يكون هناك اجتماعٌ مصغرٌ لأفراد الأسرة. وكل يدلي بدلوه ويقترح البرنامج الذي يحبه ويرغب قضاء الوقت فيه. ثم يخرج الأب بتصور دقيق لرغبة أبنائه ثم يوازن بين رغباتهم ويحقق طموحهم. إن الخطأ الكبير أن نهمل التخطيط وأن نحول الإجازة إلى قتل صريح ومتعمد للفراغ بسبب السهر والعبث وإزعاج الآخرين ثم نصل إلى نتيجة واحدة أن إهمال التخطيط هو التخطيط للفشل. ثالثاً: إن اشتراك الأبناء في المراكز الصيفية له فائدته الكبرى لحفظ أوقاتهم وصقل مواهبهم ولقد أحسنت وزارة التربية والتعليم في فتح المراكز الصيفية وبأعداد كبيرة هذا العام واستقطبت الكفاءات العالية من المعلمين الذين نذروا أنفسهم لخدمة أبناء البلد ولقد استطاعت المراكز في الأعوام السابقة أن تستقطب أعداداً كبيرة من الشباب وذلك لجودة برامجها وتنوعها واشتمالها على البرامج الثقافية والاجتماعية والرياضية إضافة إلى احتوائها على عدد من الدورات المختلفة في (الحاسب والإسعافات الأولية والدورات المهنية والكشفية) مع تتويج تلك الأنشطة برحلات متعددة إلى مدن المملكة ومعالمها. رابعاً: لقد أحسنت بعض الأسر في إلحاق أبنائها وبناتها في الدورات الخاصة لتحفيظ القرآن المنتشرة في المساجد فما أن تنتهي الإجازة إلا وقد قطعوا شوطاً كبيراً في حفظ كتاب الله. خامساً: إن خروج الأب مع أسرته في رحلة إلى مصايف بلادنا الغالية ثم المرور على الديار المقدسة (مكة - المدينة) دليل وعي كبير من رب الأسرة في الاستفادة من الإجازة فربما لا يتسنى للأب أن يذهب مع أبنائه إلا في هذا الوقت لانشغاله عنهم طوال السنة. سادساً: إن هناك تجارب كثيرة للاستفادة من الإجازة واقتصر على مثال واحد فقط تجربة الملفات الخاصة وذلك بتسليم كل واحد من أفراد الأسرة ملفاً خاصاً به. بحيث يضع كل فرد من أفراد الأسرة ورقة كل يوم في الملف الخاص به عن طريق الكتابة في أحد المواضيع التالية: (كتابة قصة - مقالة - رسالة - تصميم عن طريق جهاز الحاسب - تلخيص كتاب..) وللأبناء الحق في اختيار ماذا يكتب ويحاول الأب أن يُفعّل هذا البرنامج وذلك برصد جائزة ثمينة لصاحب الملف الفائز في نهاية الإجازة وبهذا الأسلوب نجد في نهاية الإجازة أنه قد اجتمع لدينا ملف ضخم يحتوي على تسعين ورقة بعدد أيام الإجازة ونكون قد أسهمنا بشكل فاعل في غرس حب القراءة والاطلاع في نفوس أبنائنا. سابعاً: إن من الأمور المهمة أن نعرف أنه ليس هناك برنامجٌ مثاليٌّ يصلح لجميع الأسر لاختلاف ظروف كل أسرة عن الأخرى . ولكن لعل ما ذكرته آنفاً يشكل خطوطاً عامة للاستفادة من الإجازة ونكتفي من القلادة ما أحاط بالعنق. أتمنى للجميع قضاء إجازة ممتعة ونافعة