كل مجتمع وشعب من الشعوب الماضية والحاضرة له عاداته وقيمه التي يفخر بها ويذود عنها ويحميها، والسلف يورثها الخلف وهم الشباب بحثهم على التمسك بها والسير عليها للمضي نحو العزة والسيادة بين الأمم والشعوب، وهذا هو الحال في أمتنا الإسلامية التي كانت وستبقى بإذن الله تعالى لها قيمها وأخلاقها المجيدة المستمدة من كتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، فشريعتنا الإسلامية مليئة بتوجيه الشباب وحثهم لسلوك طريق الخير والرشاد وبيان ثمراته وتحذيرهم من طريق الغواية والفساد وبيان عواقبه، إذ ما من خير إلا دلنا عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما من شر إلا حذرنا منه، وحرصاً على شبابنا بعدم مخالفتهم الهدي الإسلامي وحفاظاً على مجتمعنا من الشرور والمنكرات وددت التنبيه على ظاهرة يفعلها بعض شبابنا - هداهم الله - ذكرت شيئاً من أسبابها وعلاجها أملاً في أن تتلاشى وتستمر سفينة مجتمعنا بالمضي نحو المجد، ألا وهي ظاهرة (تقليد الكفار) باللباس أو العادات وغيرها بما يسمى بالهدي الظاهر فترى بعض شبابنا خالف القيم والأخلاق الإسلامية وفعل أموراً موافقة لضلال الكفرة فوضع شعره على شكل قصة هي من ضلالهم على كثرتها واختلاف أشكالها وأكثرها انتشاراً بينهم ما تسمى ب(الكبوريا) وهو القزع وذلك بحلق جزء من الشعر وترك الآخر وهذا عمل محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أحلقه كله أو اتركه كله) الحديث، ومنهم من حلق قفا رأسه دون مقدمة كفعل المجوس والبعض منهم أطال شاربه كالمجوس أيضاً، والآخر أطال شعره وصَفَّهُ كصف النساء لشعورهن فهذا العمل من الكبائر وصاحبه داخل في لعن النبي صلى الله عليه وسلم لحديث ابن عباس في الصحيح (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال والنساء..) الحديث، ومنهم من وضع ربطة في يده أو قلادة في عنقه على اختلاف أشكالها وألوانها تحمل عبارات لا تمت للفضيلة بصلة، أو صليباً رسم على فنيلة وغيرها قد لبسها ألو وشماً في جزء من جسده برسم أو اسم، وبعضهم قد لبس بنطالاً ضيقاً يصف عورته، فكل هذه الأعمال محرمة لعلة تقليد الكفار وخطره على عقيدة الشاب المسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (مَنْ تشبه بقوم فهو منهم) وقد ذكر علماؤنا - غفر الله لهم - شيئاً من علل تحريم التشبه بالكفار والحكمة منه وهي كما يلي: 1- امتثال أمر الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام واجتناب نهيهما في عدم جواز تقليد الكفار. 2- إن أعمال الكفار وعاداتهم مبناها على الضلال والفساد. 3- التشبه بهم يوقع المسلم في التبعية لهم وهذا فيه مشاقة لله ورسوله واتباع غير سبيل المؤمنين وفيه وعيد شديد يقول الله تعالى {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}الآية. 4- التشبه بهم يورث في الغالب الإعجاب بهم ومن ثم الإعجاب بدينهم وعاداتهم وبعدها يورث ازدراء غيرها من العادات والسلوك وإن كانت إسلامية والنبي صلى الله عليه وسلم (يحشر المرء مع من أحب). ومع كل ما يقوم به الكفار على اختلاف مللهم من إذاقة المسلمين في شتى بقاع العالم الويلات والحروب والنكبات والتشريد ويعلنونها حرباً على الإسلام وأهله!! لا يزال بعض شبابنا متعلقاً بعاداتهم موغلاً في تقليدها متخلياً عن القيم الإسلامية العالية. وهذه الظاهرة السيئة عانت ولا زالت تعاني منها الأسر ودور التربية والجهات ذات العلاقة والمجتمع بأكمله إذ كيف تأمل الأمة بالرفعة إذا كان هَمُّ شبابها تقليد الكفار بأنواعه وما فيه من الانسلاخ من الرجولة والخلق القويم ذلك أن شباب الأمة الذين تشرف بهم ليسوا من رواد تلك الأعمال المشينة، وفيما يلي بعض أسباب وقوع بعض الشباب في شراك تلك الأعمال: 1- ضعف الوازع الديني وعدم المبالاة بحرمة تلك الأفعال وعواقبها في الدنيا والآخرة. 2- الفراغ الذي يجده بعض الشباب جعلهم يصرفون أوقاتهم في أفعال لا تجلب لهم إلا الإثم والسوء. 3- وضع الوالدين أو كل من له مسؤولية التربية الحبل على الغارب فسمح لهم بأن يفعلوا ما شاءوا دون المناقشة والتوجيه والمحاسبة. 4- الإعجاب بشخصيات المغنين والممثلين أو اللاعبين وقد يكون منهم مَنْ ليسوا على الإسلام وتقليدهم في لباس أو عادات محرمة. 5- اختلاط بعض الشباب بصحبة سيئة تزين له المنكر وتحببه له. 6- تولي بعض محلات الحلاقة والرياضة نشر السوء بين الشباب بإخبارهم بما هو جديد في هذا الباب وإطلاعهم على كتلوجات وصور بذلك. 7- مشاهدة ومتابعة الفضائيات التي لا تقيم للفضيلة وزناً فيما تعرض حرصاً منها على تجريد شبابنا من أخلاقه وقيمه الإسلامية. أما العلاج وكيفيته لهذه الظاهرة فهو كما يلي: 1- أن تقوم الأسرة بواجبها تجاه أبنائها بحثهم على الخير وتحذيرهم من الشر وبيان عواقبه وملاحظتهم في كل تصرفاتهم. 2- دور التربية على اختلاف مراحلها عليها مهمة كبيرة في ذلك بالنصح والتوجيه المباشر وغير المباشر وبيان خطر هذه الظواهر حتى على العقيدة والأخلاق. 3- أن تقوم هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتسند في القضاء على هذه الظواهر بالنصح للشباب في الميادين المختلفة على ترك هذه الظواهر ومن لم يرتدع يؤخذ على يده بالإجراء المناسب. 4- تَتَبُعُ محلات الحلاقة والرياضة التي تنشر هذا السوء من الجهات ذات العلاقة وتوجيه أصحابها بعدم الانقياد لهوى الشباب أو ترغيبهم بعرض الصور وغيرها ومحاسبة المقصر. 5- وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها عليها مسؤولية كبيرة في نشر الوعي والتحذير من عواقب تلك الأفعال وغيرها من الأفعال السيئة التي يفعلها بعض الشباب في المجتمع. 6- الاهتمام بتكثيف البيئات الصالحة التي تهتم بشبابنا وتتيح له فرصة الالتقاء بالصحبة الصالحة وصرف أوقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع. هذه بعض الأسباب والعلاج الذي أحسب أني أتيت على البعض ولم أدرك الكل ولكنها همسة في أذن كل شاب بألا ينساق وراء كل ناعق لدعوى الانفتاح والتحلل الخلقي أو كل داعٍ لموضة جديدة والله أسأل أن يسلك بنا وبشبابنا سبيل الهداية والرشاد ويجنبنا وإياهم سبيل الغواية والفساد.